تنظيم سوق العمل السعودي يحتاج الى مراجعة دقيقة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية لكل ما سبق تخطيطه من برامج لتدريب وتأهيل المواطنين واستيعابهم في القطاعين العام والخاص، لأنه يبدو واضحا أن هناك فجوات في هياكل تلك البرامج جعلت السعودة غير داعمة برؤية طموح لتوظيف وإحلال السعوديين في الأعمال المختلفة، وفي ظل نمو وتطور الاقتصاد الوطني فإن من المهم أن تكون البرامج متناسبة مع المتغيرات بدءا من مخرجات التعليم إذ إن هذه المشكلة الحقيقية في التوظيف. نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية أحمد الحميدان، صرح مؤخرا بأن سوق العمل تمر بمرحلة مفصلية، وأنها تعاني من مشكلات هيكلية تراكمت على مدى الأربعين عاما الماضية، وحتى نظل واقعيين فإننا يجب أن نتعامل مع هذه الفترة الزمنية الطويلة بواقعية بحيث تدرس الوزارة كل المعطيات والحيثيات وتضعها في ميزان التحول الوطني والرؤية لنتجه الى المستقبل بما يسد الفجوات الهيكلية التي تحدث عنها نائب الوزير. في تقديري أن كل العلوم مجدية وذات أهداف إستراتيجية، سواء كانت نظرية أو تطبيقية، ولكن المشكلة في المخرجات التي تنظر الى الوظيفة كغاية كما الشهادة الجامعية، وذلك أيضا أشار اليه الحميدان حين ذكر أن الحصول على الشهادة الجامعية وسيلة وليست غاية، ويعتبر إنجازا شخصيا يحق لصاحبه الافتخار به، لكنه بداية لدخول سوق العمل، وهذا مربط الفرس، فالحياة العملية تختلف عن مجال التخصص، والتزامات الأعمال تمثل مرحلة جديدة من التعلم والتكيّف والخبرات والتجارب. هذه الرؤية تقودني إلى منظومة ثقافة العمل التي يجب أن تتغير الى الأفضل لدى كثير من الشباب، إذ إن الهدف النهائي ليس الحصول على وظيفة وحسب، وإنما العطاء بفهم متقدم لصالح موقع العمل وبناء الذات العملية وتطوير قدراتها، وإذا تم التركيز على الوسائل الانتاجية في عطاء الشباب فإن ذلك يعني تطورا مهما يضاف الى الرغبات العملية والوظيفية، إذ يتم اكتساب المزيد من روح المسؤولية والالتزام بأداء الأعمال بكل دقة وإتقان. بالعودة الى تصريح الحميدان فيما يتعلق بالمخرجات، فإن بلادنا بما لديها من عدد كبير من الجامعات تخرّج أعدادا كبيرة من الجامعيين، ومواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل موضوع له آلياته المتفق عليها، ويمكن التعامل معه بطريقة علمية، وهذه نقطة مثيرة للاهتمام إذ إن الطريقة العلمية في الاستيعاب والتوظيف وتنسيق المخرجات مع سوق العمل واحتياجاته تختصر كثيرا من الجهد والوقت في تقليص البطالة، أي أن الإدارة العلمية لقضية البطالة وسوق العمل هي المطلوبة، خاصة وأننا في ظل تطبيقات الرؤية التي ينبغي تحقيق أهدافها بما يصل بنا الى طموحاتنا في بناء الاقتصاد الوطني بعقول وسواعد أبنائه وفكرهم وحصولهم على التجربة الكاملة والخبرات الضرورية للإيفاء بالتزاماتهم العملية، غير أنه من المهم أن تتخذ وزارة العمل مسارا علميا في إدارة هذه القضية للوصول بسوق العمل الى بر الأمان من أقصر الطرق.