إحدى النعم في العلاقات الإنسانية السامية علاقة «الصداقة».. أتحدث عن ذلك الرابط النبيل والمتين الذي يجمعك بأشخاص قد يكونون بعيدين عن دائرتك القرابية بل والمكانية أحيانا.. هم أشخاص لا تربطك بهم صلة دم أو مصلحة أو ظروف معينة مؤقتة أو جبرية، لكنك مرتبط معهم برباط قوي غير عابر أنت من يحرص على وثاقه وديمومته بكل رغبة وحب.. يميز هذه العلاقة انها اختيارية بحتة وكل ما يقدم فيها من ولاء وشعور بالود والوفاء إنما هو مدفوع بعاطفة سامية خالصة ليست قسرية أو ملزمة.. البعض قد يكون لديه صديق واحد وآخر أكثر من صديق وهناك من لم يوفق بعد بهذا الرابط، وفئة ربما فنت من الوجود وهي لم تذق هذه العلاقة «بوجهها الصادق».. عموما ليس المهم في قضية العدد أن يكون لديك صديق واحد أو عدة أصدقاء أو أي تفاصيل أخرى، إنما الأهم هو طبيعة العلاقة التي تربطك بهذا الصديق، فإن كانت هذه العلاقة من النوع الذي يحمل صفة الديمومة والوفاء والثقة، فتأكد أنك أمام علاقة إنسانية لا تتكرر كثيرا في حياة كل البشر.. لا تستهن بوجود هذا النوع من العلاقات في حياتك، قدر هذه النعمة جيدا، كن ممتنا للقدر الذي جمعك بشخص أو أشخاص قادرين على منحك المتعة في أوقاتك والسلوى في أحزانك والسند في مصائبك.. أصدقاء الدرجة الأولى، هم وحدهم من يستطيع اقتلاع ضحكاتك الحقيقية من الجذور، هم الذين تتهكم معهم على أحزانك حتى يضحكوك على ما أبكاك.. ينصحونك ويخافون عليك كما لو كنت قطعة منهم.. إذا وهبك القدر أصدقاء رائعين، استثمر فيهم عواطفك ووفاءك فهم مشروع عاطفي لا يمكن أن يخسر.. لا تكن علاقاتك في الحياة مرهونة بالطابع التقليدي الذي يوجد في حياتك أشخاص أنت مرتبط معهم بالطبيعة الوجودية، التي لا تفهم منها سوى أنك في جماعة بشرية بينكم صلة دم وأنت ملزم بالولاء لها لا عن قناعة بل لأن الحياة هكذا.. الأصدقاء لهم نكهة شعورية مختلفة، محروم من لم يتذوقها.. أعرف أن الحياة شحيحة أحيانا بمثل هؤلاء، لكن كن نبيلا، مخلصا، صادقا، صافيا، وستجد حتما مثل هؤلاء الرائعين في حياتك، لأن الأشباه تتلاقى، بينما الأضداد تتنافر.. والصداقات الوثيقة تبنى دائما مع المتماثلين المتآلفين وليس المختلفين المتنافرين.. أخيرا، الأصدقاء الرائعون، بألوان مميزة يرسمون تفاصيل حياتك.. الأصدقاء الرائعون، لا يخذلون..لا يوجعون.. وهم لا يتكررون.