الصديق هو من يشاركك تفاصيلك الصغيرة التي لاتهم أحدا. وهو من يعد سرعة أفكارك ويقيس نبضات قلبك ، حتى إذا ما تعثرت فكرة أو اختلت نبضة سألك عنها. الصديق ليس من يشاركك فقط الاهتمامات بل الهموم ، وهو من يكون في مأدبة حزنك قبل مأدبة فرحك .. والصديق هو من يضيف إلى حياتك حياة ، وإلى روحك شفاء. جوهر الصداقة ولبها هو الاحترام ، وهيكلها هو الانسجام. لا تستمر صداقة بلا احترام ، ولا تنجح بلا انسجام. الصداقة لا نحتاج إليها كالدواء بل كالغذاء. الصداقة معناها أن تتقبل الآخر ، وتتفهمه ، لا أن تحاول أن تغيره ليكون على هواك ، وهي وإن كانت تعني الانسجام ، فإنها لا تعني الذوبان ولا محاولة التذويب. الصديق هو الشخص الذي تشعر معه بالأمن التام ، فلا تخشى أن يجرح مشاعرك ، ولا أن يخذل توقعاتك ، ولا تحتاج معه لكثير تفسير أو تبرير لتصرفاتك أو أفكارك. إنه جزيرة أمنك الطافية في لجة الحياة. كل علاقة ثنائية لا تكون الصداقة روحها ، هي علاقة فاشلة أو متعثرة. وكل علاقة أضيف إليها مقدار من الصداقة تنجح بقدر زيادة الجرعة. الزوج والزوجة ، الوالدان والأبناء ، الرئيس والمرؤوس ، من أراد ان ينجح في علاقة ما ، مهما كانت ، فليغلفها بروح الصداقة. وقد يختلط معنى الصداقة ، مع المعرفة أو الزمالة ، لكنها مختلفة جدا ، فالصداقة لا تشبه أحدا ، ولا تشبه شيئا ، إنها تشبه نفسها فقط. وحين نُحَمّل تلك الأنواع من العلاقات ثقل الصداقة ، تكون الكارثة. الانشغال عن الصديق ، ليس ورادا في قاموس الصداقة ، وإن حدث فهو انشغال مؤقت طارئ ، ليس سمة للعلاقة. فالمشاغل لا تنتهي ولكن العلاقات قد تنتهي. ولكن حين يبدأ الصديق يتعلل بالظروف ، ويتعذر بالانشغالات ، لتبرير تجاهل " أناه الأخرى " ، فهذا مؤشر لتغير حقيقي طرأ على العلاقة. والتغير هو الآفة المدمرة للصداقة. ولكن من الذي لا يتغير ؟! الإنسان مخلوق من تغير ، لذا لا تبتئس كثيرا إن تغير عليك صديق. فهذا جزء من الطبيعة البشرية. ولا تتهم الحياة ولا الصداقة نفسها بأنها محض هراء ، ولا تتهم ذاتك أيضا ، إن كانت صداقتك مبنية على اختيار واع دون انجراف. ولكن يجب أن ندرك أنها علة إنسانية مزمنة في بني الإنسان ، أنهم يملون ويسأمون وعن التغيير يبحثون..! ولا يقاوم التغير إلا الأوفياء المخلصون ، وهؤلاء لا تعرفهم إلا بعد المواقف والأحداث التي قد تأخذ منك الكثير ، ولكنها تكون رصيدا لك في سجل حياتك. قد تمرض العلاقة ولكنها إن كانت حقيقية وصادقة لا تموت ، ولكن كثيرين يفضلون أن يطلقوا عليها رصاصة الرحمة في مرحلة المرض ، حتى لا تستمر معاناتها ومعاناتهم. الصداقة علاقة حرة ، إذا دخلها التملك اختنقت ، وإن دخلتها الأنانية فسدت. وإن أصبحت " المصلحة " بطلتها الأولى ، تحولت إلى علاقة نفعية رخيصة ، لا تليق بنقائها وشفافية روحها. وسم الروح هو خذلان الصديق..! ختاما : ابحثوا عن أصدقائكم واعتنوا بهم ، وقبل أن تطالبوهم بشيء كونوا أنتم خير أصدقاء. وثق /ي أنك : حين تكون صديقا جيدا ، سيأتيك الصديق في الوقت المناسب. رحمة العتيبي رابط الخبر بصحيفة الوئام: أيقونة العلاقات الإنسانية