انطلق بالعاصمة الفرنسية باريس الأحد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط بمشاركة سبعين دولة بهدف تفعيل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، في حين تضمنت مسودة البيان الختامي للمؤتمر الاعتراف بحدود الرابع من يونيو1967 حدودا لدولة فلسطين. ويعقد المؤتمر في اجواء من التوتر الشديد بعد اعلان ادارة الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب خطتها نقل سفارة الولاياتالمتحدة من تل ابيب الى القدس. وسيؤكد اكثر من سبعين بلدا ومنظمة وهيئة دولية (الاممالمتحدة والجامعة العربية واللجنة الرباعية)، لكن بدون الاطراف المعنية، من جديد رسميا ان حل الدولتين، اسرائيلية وفلسطينية، هو الطريق الوحيد الممكن للتسوية. ويندرج المؤتمر الذي اعتبرته اسرائيل «خدعة»، في اطار مبادرة فرنسية اطلقت قبل عام لتعبئة الاسرة الدولية من جديد وحث الاسرائيليين والفلسطينيين على استئناف المفاوضات المتوقفة منذ سنتين. ويرتدي هذا الاجتماع طابعا رمزيا مع تراجع آفاق حل الدولتين بسبب الوضع على الارض، الذي يشهد استمرارا للاستيطان الاسرائيلي وهجمات فلسطينية وتشددا في الخطاب وتزايد الشعور بالاحباط. كما يعقد قبل خمسة ايام من تولي الرئيس الامريكي المنتخب مهامه وسط شعور بالقلق لدى عدد من الاطراف المعنية بالنزاع، بسبب صعوبة التكهن بنواياه. وتعتبرالولاياتالمتحدة حليفة ثابتة لاسرائيل. لكن ترامب تميز باتخاذ قرارات منحازة جدا للدولة العبرية، خصوصا بشأن القدس. فقد وعد خلال حملته بالاعتراف بالمدينة عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة اليها من تل ابيب. ويشكل ذلك خطا احمر لدى الفلسطينيين، الذين يهددون بالتراجع عن اعترافهم بإسرائيل في حال حدث ذلك. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقابلة مع صحيفة «لو فيجارو» الفرنسية السبت: ان «هذه الخطوة لن تؤدي الى حرمان الولاياتالمتحدة من اي شرعية للعب دور في النزاع فحسب، بل سيقضي على حل الدولتين ايضا». وأكد عباس السبت في الفاتيكان ان «كل محاولة لاضفاء طابع شرعي على ضم اسرائيل غير المشروع للمدينة (القدس) سيقضي على آفاق عملية سياسية، وسيبدد الامال بحل يرتكز على اساس دولتين وسيشجع التطرف في منطقتنا والعالم». يفترض ان يؤكد مؤتمر باريس التزامه حلا تفاوضيا وسيذكر في بيانه الختامي بالوثائق الدولية المرجعية حول النزاع، خصوصا قرارات الاممالمتحدة، بدون ان يدخل في التفاصيل او يحدد اطرا دقيقة لتسوية النزاع. وقال دبلوماسي فرنسي «اذا فعلنا ذلك فسنواجه مطبات». فالاسرة الدولية، وان كانت تؤكد من جديد التزامها حل الدولتين، ليست موحدة في موقفها. فسواء داخل الاتحاد الاوروبي او بين الدول العربية، هناك بعض البلدان التي لديها اولويات اخرى او لا تريد اثارة استياء الادارة الامريكية المقبلة. وقال الدبلوماسي الفرنسي ملخصا الوضع: «يبدو لنا من المهم في الاجواء الحالية ان يؤكد سبعون بلدا من جديد ان حل الدولتين هو الحل الوحيد الممكن. الامر بهذه البساطة وليس اكثر من ذلك». واستبعدت مصادر دبلوماسية عدة ان تدرج نتائج مؤتمر باريس بعد ذلك في قرار جديد لمجلس الامن الدولي.