من المؤلم حقاً أن ما يشهده عالمنا العربي من فوضى عارمة أتت على الأخضر واليابس، لم تستثن شيئا على الإطلاق، فطالت البشر والشجر والحجر في ظاهرة غير مسبوقة تثير الدهشة والعجب وتملأ النفس بالألم والغضب. لا يمكن أن تكون هذه الحال مجرد صدفة بل هي نتاج مخطط مدروس يهدف قلب الأمور رأسا على عقب ليقطع صلة الحاضر بالماضي ويقتلع جذوره مهما امتدت وغارت في عمق التاريخ. لا شك أنه مخطط مدروس جند له الأعداء كل الطاقات ووفروا له كل الإمكانات ليحققوا ما يريدون بطمس معالم التاريخ وإزالة كل الآثار التي تشهد بعظمة الديار التي شيدها الأجداد العظام وتجسد أصالة الانتماء. إن تدمير الآثار في اليمن والعراق والشام ولا سيما في حلب الشهباء بقلاعها الشماء وحصونها المنيعة ومساجدها العظيمة- أمر غريب، لا يقبله عقل ولا يقره دين، مهما كانت الحجج والبراهين، إنها في مجملها أكاذيب وأضاليل وخزعبلات، ما أنزل الله بها من سلطان. إن تدمير الآثار طمس لمعالم التاريخ ودفن للتراث العريق، وإساءة للبشرية بكل المعايير. ومما يثير الدهشة أكثر فأكثر، أن بعض الدول تدعي الحرص على حقوق الإنسان وحفظ الآثار من الاندثار- وهذا ما تؤكده منظمة اليونسكو وتلزم كل أعضائها بالسير بمقتضاه- لكن الواقع الأليم يكذب هذا الادعاء الذي يظل بلا قيمة بمثابة فقاعات في الهواء. إن ما تبثه وسائل الإعلام المرئية من تدمير ممنهج لآثار حلب العظيمة يدلل على ما يهدف له الأعداء من خطط جهنمية تطال التاريخ والجغرافيا واجتثاث الجذور لتبقى البلاد في مهب الريح، وأهلها في وضع لا يريح. وأمام هذا الواقع المرير والخطط الممنهجة للأعداء، لا بد من المواجهة وبكل الوسائل وإعداد الخطط لإبطال مكائدهم. والمطلوب من كل الأجهزة المختصة والوزارات المعنية أن تتضافر جهودها وتتعاظم لأن الأمر جد خطير ولا يحتمل التسويف والتأجيل. يا عرب، اقرأوا التاريخ جيدا وتجنبوا الخطأ والزلل وأعدوا ما استطعتم لإفشال خطط الأعداء، فالأمر جد خطير ولم يعد يحتمل. إن أعداءنا- لأنهم بلا تاريخ- كل همهم أن يجتثوا جذور العرب من التاريخ فيفقدوهم عراقة الانتماء ويبعدوهم عن أمجاد الأجداد والآباء، وهذا يفسر حقدهم على التاريخ لأن أعداءنا بلا تاريخ وبلا جذور بل هم وجود طارئ لن يدوم طويلا في مواجهة الحق والواقع الذي تجذره وتجسده معالم الآثار ما امتد التاريخ. وكل هذا أحوج ما يكون دائما إلى كل أسباب القوة ليبقى شامخا صامدا في مواجهة المكائد والدسائس والمؤامرت وهي تتجدد ولا تتوقف..فالحذر..الحذر!! يا عرب.. حافظوا على الآثار بكل ما أوتيتم من قوة لتبقى نبراساً متوهجاً يوثق الصلة بين الماضي والحاضر على امتداد الزمن.