قال مسؤولون عراقيون: إن القوات العراقية وقوات الأمن تقدمت باتجاه مدينة الموصل من جهتي الجنوب والجنوب الشرقي أمس الأحد، مدعومة جوا وبرا من التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة مع اقترابها من معقل تنظيم داعش في العراق. فيما تبدأ سلطات محافظة كركوك في ترحيل الدفعة الثانية من نازحي العرب السُنة، في عملية اعتبرتها المنظمات الحقوقية عقابا جماعيا. ويأتي ترحيل هؤلاء النازحين ردا على هجوم شنه تنظيم داعش على كركوك قبل أسبوع، حيث تتهم سلطات المدينة العوائل العربية السُنية بتقديم الدعم لعناصر التنظيم الإرهابي، وقد ألقى الهجوم بظلال سلبية على عرب كركوك الأصليين والنازحين إليها من محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى. في حين حذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ميليشيات الحشد الشعبي من مهاجمة التركمان في البلدة القريبة من مدينة الموصل. وتخوض ميليشيات الحشد الطائفية المدعومة من ايران معارك مع داعش جنوب غرب الموصل الاحد، في اليوم الثاني من بدء عملياتها وسط مخاوف من ارتكابها فظائع بحق السكان السنة، ويعارض سياسيون من الاكراد والعرب السنة مشاركة الحشد الشعبي، كما اكدت تركيا التي تنشر قوات في بعشيقة معارضتها كذلك. وتشكل مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل محور تجاذبات سياسية، لان الغالبية العظمى من سكان المدينة من السنة. طرد العرب السنة وقالت مصادر في قيادة عمليات نينوي: إن القوات العراقية في جميع المحاور تواصل عملياتها العسكرية وتفتيش ورفع العبوات الناسفة في المناطق والقرى المحررة في حين سجلت قوات الحشد الشعبي خطوات متقدمة وصولا الى بلدة تلعفر. وأوضحت أن قوات الحشد تمكنت من السيطرة على قرى/امريني والجرن ودلاوية وعين البيضة والشيك مرج الديباج/ بعد اشتباكات مع داعش بعد سيطرتها السبت على 10 قرى. من جهة أخرى، أعلنت العمليات المشتركة هبوط اول طائرة من طراز سي 130 للنقل في قاعدة القيارة التي تمت استعادت السيطرة عليها في يوليو الماضي. والتقدم تجاه تلعفر قد يهدد بمعارك في محيط موقع الحضر الاثري الذي تصنفه اليونيسكو على لائحة التراث العالمي. وقد دمره تنظيم داعش بعد سيطرته على الموصل. وفي السياق، تحدثت تقارير محلية عن قيام قوات «الأسايش» الكردية بحملة واسعة لطرد النازحين وغالبيتهم من العرب السُنة في مدينة كركوك. كذلك اشتكى نازحون تركمان من تلقيهم أوامر من القوات الأمنية بترك محافظة كركوك بعد هجوم تنظيم داعش الأخير. وفي وقت سابق، عبرت الأممالمتحدة عن قلقها إزاء إجبار السلطات الكردية 250 عائلة نازحة من العرب السُنة على مغادرة كركوك. وقالت منسقة الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في العراق ليز غراند: إنه لا دليل على أن هذه الأسر ساعدت تنظيم داعش. كركوك تتميز بتركيبتها السكانية المعقدة وتخضع لسلطة الأكراد منذ منتصف 2014. واعتبرت غراند أن توقيت الخطوة يشير إلى أن الهجوم استخدم ذريعة لإجبار هذه العوائل على الخروج من كركوك. وأضافت: إن الأممالمتحدة تشعر بقلق شديد إزاء أي عمل يمكن اعتباره عقابا جماعيا، مشيرة إلى أن هذه الخطوة سابقة من نوعها في إقليم تعصف به الانقسامات العرقية والطائفية. يُذكر أن كركوك محل نزاع كبير في العراق بسبب تركيبتها السكانية المعقدة، وقد سيطر عليها الأكراد عام 2014 بعد أن اجتاح تنظيم داعش الإرهابي أجزاء كبيرة من شمال وغرب البلاد. ويشكو العرب من أن الأكراد تدفقوا على كركوك منذ ذلك الحين، بهدف تغيير التوازن السكاني لاستغلاله في حالة إجراء استفتاء بشأن وضع المدينة. وعلى صعيد العمليات العسكرية كذلك، أفاد بيان عسكري بأن الفرقة التاسعة المدرعة بالجيش العراقي سيطرت على قرية علي راش التي تقع على بعد سبعة كيلومترات جنوب شرقي الموصل ورفعت العلم العراقي هناك. وقال ضابط من منطقة أبعد باتجاه الجنوب: إن قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية تتقدم من بلدة الشورة التي انتزعت من تنظيم داعش السبت على امتداد وادي نهر دجلة باتجاه الموصل التي تبعد نحو 30 كيلومترا إلى الشمال. وأضاف: إنها تتقدم باتجاه بلدة حمام العليل التي تقع في منتصف الطريق بين الشورة والموصل وهي آخر بلدة كبيرة قبل الموصل نفسها. وما زال نحو 1.5 مليون شخص يقيمون في الموصل وفقا لتقديرات الأممالمتحدة التي حذرت من أزمة إنسانية وتدفق محتمل للمهاجرين مع اقتراب القتال من المدينة. مخاوف من ناحيتها، تفضل الولاياتالمتحدة التي تقود التحالف الدولي الداعم لعملية استعادة الموصل عدم مشاركة ميليشيا الحشد الشعبي في عمليات الموصل. وهذه الفصائل متهمة بارتكاب انتهاكات في مجال حقوق الانسان اثناء العمليات العسكرية التي خاضتها، تتراوح بين القتل والاختطاف وتدمير ممتلكات. وفي تلعفر التي سيطر عليها الإرهابيون منتصف عام 2014 خليط متنوع لكنها ذات غالبية تركمانية شيعية. والمحور الغربي حيث تقع بلدة تلعفر، هي الجهة الوحيدة التي لم تصل اليها القوات العراقية التي تتقدم بثبات من الشمال والشرق والجنوب باتجاه مدينة الموصل. ويتواصل القتال لليوم الثاني في المحور الغربي، في الوقت الذي اعلنت فيه قوات الشرطة الاتحادية استعادتها ناحية الشورة التي استمرت محاصرتها مدة أسبوع قبل اقتحامها. وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت: ان «قطعات الشرطة والرد السريع تشرع بعمليات تمشيط منطقة الشورة وتطهيرها من الالغام والافخاخ». أكثر من 17 ألف نازح ويقول التحالف الدولي الذي يدعم قوات الشرطة الاتحادية والبشمركة من خلال الضربات الجوية او التدريب او من خلال المستشارين منذ عامين، ان القوات العراقية ستتوقف مدة يومين في الهجوم الذي بدأ قبل اسبوعين. وتعمل قوات مكافحة الارهاب على تثبيت دفاعاتها في بلدة برطلة المسيحية، ويقومون بافراغ الشاحنات من صناديق الاسلحة من اجل اعادة ترتيب مخازن عتادهم. وفر اكثر من 17 الف شخص من منازلهم تجاه المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منذ بدء العمليات العسكرية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. ومن المتوقع ان يرتفع العدد مع اقتراب القوات العراقية من محيط المدينة. وتقول الاممالمتحدة ان لديها تقارير مؤكدة تشير الى ان تنظيم داعش الإرهابي ينفذ عمليات اعدام جماعي في المدينة واحتجز عشرات الاف من المدنيين كدروعا بشرية. وكان المفوض الاعلى لحقوق الانسان التابع للامم المتحدة زيد بن رعد الحسين قال قبل أيام ان مكتبه تلقى تقارير عن احتجاز مدنيين قرب مواقع تمركز الإرهابيين في الموصل ربما لاستخدامهم دروعا بشرية امام تقدم القوات العراقية. وتابع في بيان «هناك خطر جسيم ان يستخدم مقاتلو داعش مثل هؤلاء الاشخاص الضعفاء دروعا بشرية، وكذلك قتلهم بدلا من رؤيتهم يتحررون». (إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير ياسمين حسين) من جهة أخرى، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، الجنرال إيجور كوناشينكوف امس الأحد أن طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة، وجهت تسع ضربات، خلال الساعات ال24 الأخيرة، إلى الأحياء السكنية بمدينة الموصل العراقية، طبقا لما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للانباء. من جانبه، حذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قوات الحشد الشعبي من مهاجمة التركمان في البلدة القريبة من مدينة الموصل معقل تنظيم داعش. وقال اردوغان في تصريحات نقلتها وكالة انباء الاناضول التركية: «اذا قام الحشد الشعبي بزرع الرعب هناك، فسيكون ردنا مختلفا»، من دون ان يحدد التدابير التي سيتخذها. ومدينة تلعفر التي يعيش فيها عدد كبير من التركمان تقع على محور حيوي لتنظيم داعش يربط الرقة معقله في سوريا بمعقله في العراق مدينة الموصل التي تشن القوات العراقية عملية عسكرية لاستعادتها. والمحور الغربي حيث تقع بلدة تلعفر هي الجهة الوحيدة التي لم تصل اليها القوات العراقية التي تتقدم بثبات من الشمال والشرق والجنوب باتجاه مدينة الموصل. واكد اردوغان ان المعلومات المتوافرة لديه لا تسمح بأن يؤكد ان ميليشيا الحشد الشعبي متوجهة الى تلعفر. لكنه قال: «على كل حال نحن لن ننظر بشكل ايجابي» الى هجوم للحشد الشعبي على تلعفر. ومنذ بدء الهجوم على الموصل، اكدت تركيا معارضتها لمشاركة قوات الحشد الشعبي في العمليات العسكرية، محذرة من خطر اندلاع حرب طائفية. وواجهت هذه الميليشيا في السابق اتهامات بارتكاب فظائع عندما دخلت مدنا عراقية تسكنها مجموعات سنية. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الخميس الماضي ان «تقدم الحشد الشعبي نحو مدينة تلعفر في شمال العراق قد يشكل تهديدا لتركيا والمجموعات التركمانية في العراق، ما سيجبر تركيا على اتخاذ التدابير المناسبة». ويتمركز مئات من الجنود الاتراك في قاعدة بعشيقة في منطقة الموصل رغم معارضة بغداد التي تعتبرهم «قوة احتلال».