فيما تواصلت العمليات في مدينة الموصل لطرد تنظيم داعش، طفا على السطح بوادر خلاف أميركي عراقي، ظهر واضحا في تضارب التصريحات حول استمرار المعركة أو توقفها ليومين، ففيما قال البنتاجون إن المعركة ستتوقف ليومين، لإعادة نشر القوات وتموضعها، تمسك رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي باستمرار القتال، دون أي توقف، مشيرا إلى أن عناصر الجيش والأمن تواصل تقدمها. وأشارت مصادر إلى أن سبب الخلاف الذي لم يعلن بعد هو الموقف من ميليشيات الحشد الشعبي، حيث تشدد واشنطن على عدم مشاركتها بصورة فعلية في القتال، وعدم السماح لها بالاقتراب من الموصل، فيما يبدو موقف العبادي غامضا، فمن جانب يؤكد عدم مشاركة الميليشيات الطائفية، فيما يغض الطرف على أرض الواقع عن اقترابها من مدينة تلعفر. وتوقعت مصادر أن يتطور الخلاف خلال الأيام المقبلة، إذا ما تواصل الوضع الحالي، بسبب تمسك الميليشيات باقتحام الموصل، لاسيما في ظل ما صدر عن بعض قادتها من تصريحات مذهبية تتوعد بالانتقام، كما أشار مراقبون إلى خشيتهم من أن تؤثر تلك الخلافات سلبا على التقدم الذي تحقق وعلى سير العملية برمتها. وكانت القوات العراقية قد ضيَّقت الخناق على عناصر التنظيم من ناحية الجنوب والجنوب الشرقي للمدينة، فيما أحكمت سيطرتها على بلدة الشورة بمحاذاة نهر دجلة، الواقعة على بعد 30 كيلو مترا جنوبي الموصل، بعد معارك عنيفة مع التنظيم أول من أمس، في الوقت الذي بدأت فيه ميليشيات الحشد الشعبي شن هجماتها على مدينة تلعفر إلى غرب الموصل. وأعلن المتحدث باسم الميليشيات، أحمد الأسدي، أن العملية تهدف بجانب تلعفر، إلى استعادة السيطرة على بلدتي الحضر وتل عبطة، وأن الميليشيا مستعدة للذهاب إلى سورية لقتال داعش وطرده من مدينة الرقة، آخر معقل له هناك. تصعيد تركي جدد الرئيس التركي رجب إردوغان تحذيراته، للميليشيات من الانتهاكات التي قد تطال طائفة التركمان في بلدة تلعفر، حيث الحاضنة الأكبر لهم هناك، مهددا بالرد المناسب في حال حصول أي تجاوزات. وأعلن إردوغان صراحة، نظرته التشاؤمية بخصوص هجوم الميليشيات على تلعفر، في الوقت الذي كانت أنقرة أعلنت منذ انطلاق المعارك لتحرير الموصل، معارضتها لمشاركة الحشد في العمليات العسكرية، وحذرت من اندلاع حروب طائفية في المنطقة. كما حذر وزير الخارجية مولود أوغلو في وقت سابق، أن تقدم الحشد نحو تلعفر، قد يعد تهديدا لأمن تركيا، وللمجموعات التركمانية في البلدة، الأمر الذي دفع بأنقرة إلى إرسال قوات عسكرية مرابطة في معسكر البعشيقة القريب من الموصل، وهو ما اعتبرته بغداد انتهاكا لسيادتها. المطامع الإيرانية واجهت ميليشيا الحشد انتقادات عديدة واتهامات دولية ومحلية، بارتكابها لجرائم طائفية وانتهاكات لحقوق الإنسان بحق المدن ذات الأغلبية السنية. وتضم ميليشيا الحشد متطوعين عراقيين، وفصائل شيعية تتلقى دعما مباشرا من إيران ومن حكومة بغداد المركزية، من ناحية التسليح والتدريب والتوجيه، واتجهت أول من أمس إلى بلدة تلعفر، حيث الجهة الوحيدة الغربية المتبقية لعناصر التنظيم من مدينة الموصل، والتي لم تصل إليها القوات العراقية التي ضيقت الخناق على مناطق تمركز التنظيم من جميع الجهات في المدينة. تزامنا مع معركة اقتحام الموصل، يؤكد مراقبون أن الفرصة قد سنحت لإقليم كردستان للمطالبة بالانفصال وإعلان دولته الكردية التي لطالما كان يطالب بها، لكن الأمر قد يواجه تحديات وعراقيل، في ظل الفوضى الأمنية التي يشهدها العراق، وعدم حسم معركة الموصل، بالإضافة إلى معارضة أوساط تركمانية للفكرة، والتمسك بوحدة العراق مع التعايش السلمي بين بقية الطوائف.