التحول الالكتروني الذي يشهده العالم لا ينتظر أحدًا وسوف تتسع الهوة وتزداد بين أي فرد أو جماعة تتوانى عن متابعة المستجدات في هذا التحول وخاصة تطبيقات هذه المستجدات في مجالات الحياة كافة، ولعل هذه الحقائق ليست موضع اختلاف بين اثنين، ولا شك أن التعليم بمؤسساته المختلفة يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا التحول. ومع أن كل مطلع على الجهود المبذولة من كافة المؤسسات وفي القطاعين العام والخاص في بلادنا يشهد ما يتم إنجازه في هذا المجال، لاسيما وأن الدولة تضع عملية التحول إلى الحكومة الالكترونية في جميع المجالات في مقدمة اهتماماتها، وتحرص على توفير أسباب النجاح لتعميم الخدمات الالكترونية سواء من حيث الكوادر البشرية وتدريبها أو توفير البنى التحتية الضرورية أو الأجهزة والوسائط بل آخر النسخ من هذه الوسائط إلا أن التعليم يظل هو المجال الذي ينبغي أن يقود عملية التحول بدءا بالمؤسسة التعليمية ذاتها في التعليم العام أو مؤسسات التعليم العالي على اختلاف مستوياتها وتخصصاتها؛ فقد أضحت التقنية وتوظيف تطبيقاتها في العملية التعليمية لا غنى عنها بل إن المدرسة الالكترونية والفصول الذكية أضحتا عنوان المرحلة، ويعتبر توافرهما معيارًا لمدى الاستفادة من التقنية في عملية التعليم بما توفره من إثراء لهذه العملية وقنوات لمتابعة أداء المتعلمين وتوجيه عملية التعلم توجيهًا قائمًا على التفاعل المتبادل بين أطراف هذه العملية كافة بما فيها الطالب الذي نضع في مقدمة أهدافنا ألا يكون متلقيًا سلبيًا في عملية تتم من طرف واحد بل شريكًا نشطًا من خلال استراتيجيات التدريس التفاعلي والتعلم النشط الذي يوظف التقنية في تنفيذ هذه الاستراتيجيات. ويأتي تدشين وزير التعليم الأسبوع الماضي للمدرسة الافتراضية ليكون خطوة جديدة في توظيف التقنية وتحقيق فوائد ومخرجات إضافية لصالح كافة أطراف عملية التعلم بمن فيهم الآباء الذين تتيح لهم هذه المدرسة متابعة أبنائهم إضافة إلى احتوائها على المحتوى المتقدم وأدوات التقويم وهي تقدم في نفس الوقت حلولًا تعليمية افتراضية تضمن انتشار التعلم واستدامته وتتيح فرصة التعلم لمن لا يستطيع الوصول إلى المدرسة لأي سبب كان مما يساهم في تعويض الفاقد التعليمي، كما أنها توفر إمكانية التسجيل الالكتروني والفصول الافتراضية المتزامنة وغير المتزامنة وأداء الواجبات والاختبارات الالكترونية والتقارير والشهادات الالكترونية، كما توفر هذه المدرسة الافتراضية التي تعمل على مدار الساعة محتوى رقميًا ضخمًا تم تصميمه خصيصًا للبيئة التعليمية للمملكة بالتكامل مع بوابة التعليم الوطنية «عين»، وسوف يكون لكافة فئات المجتمع ذات العلاقة ثلاثة حسابات تمكن هذه الفئات من الدخول والمشاركة وهي حساب الطالب وحساب المعلم وحساب قائد المدرسة، ولكل واحد من هذه الحسابات الصلاحيات والخدمات المناسبة لطبيعة صلته بالعملية التعليمية. وإذا كان هذا الأنموذج من المدارس الافتراضية هو الأول من نوعه في المملكة فمن المنتظر أن يتم بناء نماذج أخرى عديدة من هذه المدرسة في سائر مناطق المملكة بل ومدنها والتي تتم إدارتها افتراضيًا حسب ظروف كل منطقة بما في ذلك متابعة الحضور والواجبات وعمليات التفاعل بين المعلم والطالب بما يحقق مخرجات تعليمية على مستوى جيد ويعطي حلولًا لظروف بعض الطلاب والتجمعات السكانية والتي قد تحول دون استفادتهم من المدرسة التقليدية ويعطي نفس النتائج والمخرجات التعليمية. والمؤكد أن المستقبل القريب سوف يفاجئنا بمزيد من المستجدات الفاعلة والنافعة وكلنا ثقة أننا لن نضيع الفرصة ولن يفوتنا الركب- إن شاء الله-.