يعد المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد من مبادرات وزارة التعليم العالي التي واكبت النهضة المتميزة في قطاع التعليم كماً وكيفاً، في كثير من ميادينه، وتجسدت رغبة وزارة التعليم العالي في دعم الجامعات في التحول لإثراء أفضل خبرات العملية التعليمية، ونقلها من الأسلوب التقليدي - الأسلوب المعتمد على خط اتصال واحد إلى العملية التعليمية المُقَدَّمة بأسلوب مختلف تماماً يكمن في نشاطات المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد لإضافة جودة للعملية التعليمية، وتوسيع خبرات المتعلمين فيها. ويمثل المركز الجهة التي أسندت إليها مسؤولية نشر ثقافة التعليم المرتكز على تقنيات الاتصال الحديثة والحاسوب حيث أوكلت الوزارة إلى المركز تحقيقَ رغبتها في دعم تحول الجامعات من أسلوب تعليمها التقليدي إلى المحتوى الرقمي ، فقد استشعر المركز هذه المسؤولية، ورسم مجموعة من الأهداف الكبرى، التي يسعى إلى تحقيقها، ويأتي في مقدمة أهدافه : توطين التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد ونشر تطبيقاته في مؤسسات التعليم العالي، ليصبح التعلم الإلكتروني جزءاً أساسياً في العملية التعليمية. ومن ثم الإسهام في توسيع الطاقة الاستيعابية لتلك المؤسسات. وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف فقد عمل المركز الوطني على أن ينقل عملية التعلم الإلكتروني إلى الاحترافية، من خلال وضع معايير الجودة النوعية لتصميم المواد التعليمية الرقمية، وإنتاجها، ونشرها، وكذلك بناء البرمجيات التعليمية وتعميمها لخدمة العملية التعليمية على القطاعين العام والخاص. كما يسعى المركز إلى الإسهام في بناء مجتمع المعرفة، من خلال تعميم الوعي التقني، وثقافة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وهو بذلك يتماشى مع خطط الدولة الرامية إلى نشر المعرفة في المجتمع . ويخطو المركز منذ إنشائه إلى تحقيق أهدافه بخطى ثابتة وسريعة، وينتقل من نجاح إلى آخر. فقد حقق في فترة قياسية عدة نجاحات على المستوى الوطني حيث أقام ثماني حلقات نقاش في مجالات مختلفة تتصل جميعها بمناقشة القضايا المتعلقة بالتعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد، كما أقام مؤتمره الدولي الأول للتعلم الإلكتروني (1430ه -2009م)، الذي تحدث فيه أكثر من خمسين شخصية من المتميزين في اختصاصاتهم، وبحضور ما يربو على خمسة آلاف مشارك من صناع القرار على مستوى العالم. كما يهتم المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد بالدورات التدريبية سواء داخل المملكة بمدينة الرياض أو في الخارج، مثل دول أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا، حيث يتعاون في ذلك مع بيوت الخبرة العالمية في مجال التعلم الإلكتروني. وقد قدم المركز أكثر من 17 ورشة تدريبية، استفاد منها حتى الآن أكثر من أربعة آلاف متدرب. ويأتي ذلك من إدراك أن رأس المال الحقيقي هو رأس المال البشري، وكما قال مدير المركز الوطني الدكتور عبدالله المقرن (إنه لا يمكن أن يكون هناك اكتفاء في حاجات المتدربين إلى التدريب، وبالأخص في مجال متغير ومتسارع ومرتبط بتقنية الحوسبة والشبكة المعلوماتية، فربط العملية التعليمية مع هذه التقنيات، يحتاج إلى مواكبة بحجم تسارع تطورها، فكل مرة نجد ضغوطاً في تحديث المحتوى التدريبي، وتغيير مسميات الورش، وتغيير طبيعة التركيز في هذه الورش). وتهدف الدورات التدريبية التي يقيمها المركز إلى مساعدة أعضاء هيئة التدريس وموظفي الدعم الفني في الجامعات في مجال التعلم الالكتروني وتطبيقاته، على بناء المقررات الإلكترونية، وتقديمها على شبكة المعلومات الإنترنت، والقدرة على استخدام أنظمة إدارة التعلم. مما يؤدي إلى تحسين أداء العملية التعليمة، وإتباع أفضل السياسات التطبيقية في مجال التعلم الإلكتروني،واستشراف مستقبله، وفهم المشروع المبني على التعليم. ومن أهم مشروعات المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد مشروع (تجسير) ويتبنى المشروع التعليمي بشقيه التقني والأكاديمي لتطوير التعليم التقليدي وأساليبه وتحديثها لتواكب الطرائق والأساليب التعليمية المعاصرة من حيث دعم مؤسسات التعليم الجامعي وتبني أحدث التطبيقات في مجال التعلم الالكتروني والتعليم عن بعد . ومن مشروعات المركز أيضا مشروع (جسور) ويهدف إلى بناء منظومة برمجية متكاملة مسئولة عن إدارة العملية التعليمية الإلكترونية من حيث القبول للطالب في النظام والتسجيل من خلال إدراج بيانات الطلاب ، وإدارتها ومن ثم جدولة مقرراته وإتاحة المحتوى للطالب ومتابعة أداء الطالب وإصدار تقارير عن ذلك ، بالإضافة إلى إمكانية التواصل بين الطلاب من خلال المحادثات ومنتديات النقاش والبريد ومشاركة الملفات وأخيرا إجراء اختبارات للطلاب والتعامل مع تقييمهم . ومن المشروعات كذلك مشروع (البوابة التعليمية) التي تعد وسيلة لنشر المعرفة وإثراء المهارات وتبادل الخبرات المتعلقة بالتعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد وذلك من خلال الخدمات التي توفرها البوابة على صفحاتها . ومن مشروعات المركز (المستودع الوطني) ويعنى بتقديم أهم الحلول العالمية الحديثة في مجال تصميم محتوى التعلم الالكتروني ودعمه ، وهذه الوحدات تشمل وحدة إلكترونية صغيرة مرتبطة بتوصيف دقيق لكل وحدة يتم استخدامها وإعادة استخدامها في المواد المقدمة عن طريق التعلم الإلكتروني . ومشروع (تيسير) أحد مشروعات المركز ويسعى لنشر تقنيات التعليم الالكتروني ومفاهيمه بين أعضاء هيئة التدريس وطلابهم في الجامعات السعودية وذلك لتوفير خدمات لعضو هيئة التدريس مثل استخدام نظام جسور للتعليم الإلكتروني بمجرد التسجيل في الموقع ورفع ما لديه من ملفات الكترونية على النظام وتسليم الواجبات وتقييمها ، ومناقشة الطلاب لموضوعات ذات علاقة عبر منتديات متخصصة يطلع عليها عضو هيئة التدريس ومن ثم متابعة درجات الطلاب وعملية التقييم . ومن المشروعات كذلك تأسيس (المكنز السعودي للوحدات الرقمية) بهدف تسهيل عملية تخزين واسترجاع وإعادة استخدام الوحدات التعليمية التي تشكل دعماً لجهود الجامعات السعودية وأساساً لبناء المقررات الرقمية الدراسية بجودة أعلى وتكلفة أقل. والوقوف على خلاصة التجارب العلمية للجامعات والاستفادة منها في مجال إنتاج المحتوى التعليمي طبقاً لأحدث المعايير والتطبيقات الدولية. والبرامج التي يشملها التدريب في المركز هي البرامج التي تبين فهم ماهية التعلم الإلكتروني، وماهية دمج التقنية مع العملية التعليمية، في مجال التصميم التعليمي، ومجال التطبيقات التي تدعم مثل هذا الأمر، ومجال التحول إلى المحتوى الرقمي، ومجال الاستفادة من بيئات التعلم الافتراضية، والتخطيط الاستراتيجي للتعلم الإلكتروني، وإدراجه ضمن التعليم الجامعي، والتقنيات الحديثة وتطبيقاتها، والتعليم المنتشر ، بالإضافة إلى كل ما استجد في تطبيقات هذا الفن. وقد أقر مجلس التعليم العالي لائحة التعليم عن بعد في مؤسسات التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية ليسهم في مساعدة الجامعات السعودية على الرقي بجودة هذا النمط من التعليم، من خلال إيجاد معايير فنية تضبط جودته، وتطور كفاءته حيث قام المركز الوطني بعد ذلك بتكوين فريق عمل لمشروع لائحة التعليم عن بعد، بمجموعة من خبراء التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، لتأسيس المعايير الفنية، وبناء آلية منح الترخيص. كما تمت زيارة بعض منظمات الجودة في مجال التعليم عن بعد والتنسيق مع بعضها الآخر، للإطلاع على آلية العمل المتبعة، والمعايير المستخدمة في برامج التعليم عن بعد، مثل : مجلس التدريب والتعليم عن بعد(DETC)، ومنظمة التعلم المتقدم(ADL) ، والوكالة الماليزية للتأهيل(MQA). وتتيح المكتبة الرقمية السعودية بالمركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، مصادر المعلومات الإلكترونية التي تقتنيها المكتبة لمنسوبي التعليم العالي في الجامعات والكليات الحكومية والأهلية وبقية مؤسسات التعليم العالي، فهي تضم 114 ألف كتاب رقمي، وأكثر من 300 ناشر عالمي، وبعض الناشرين يوفر فيها الآن كتباً تغطي حتى عام 2011م، لم تصدر ورقيا بعد، في حين أن الكتاب متوفر في المكتبة الرقمية السعودية كاملا. وتوفر المكتبة خدمات معلوماتية متطورة ومصادر المعلومات الرقمية بمختلف أشكالها الكتب والدوريات والرسائل الجامعية، وأعمال المؤتمرات والندوات وغيرها من مصادر المعلومات وذلك بهدف الارتقاء بالعملية التعليمية من خلال دعم منظومة التعلم بصورة عامة، والتعليم الإلكتروني بصفة خاصة، والوفاء بمتطلبات البحث العلمي، بالإضافة إلى تعزيز المهارات وبناء مجتمع معرفي. وقد وافق مجلس التعليم العالي على ضوابط البث الفضائي التعليمي بالمملكة العربية السعودية مما يجعل للجهات الأكاديمية في المملكة الحق في استخدام البث الفضائي في نطاق اختصاصها، وبما يحقق أهدافها. إن تنفيذ هذا القرار سيحقق انتشار قيم التعليم العالي ومساندة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ويسهم بشكل كبير في نشر ثقافة مجتمع المعرفة وتعزيزها بين كافة شرائح المجتمع السعودي . ومنذ صدور القرار فقد اضطلع المركز الوطني بمهمة تحويل هذه الضوابط إلى خطة تنفيذية، بالتنسيق مع الجامعات الراغبة، والقادرة على الاستفادة من البث الفضائي، بحيث تكون هناك حزمة على القمر الصناعي، تُحجز لقنوات جامعية، تبث منها هياكل برامجها، وسيكون هناك أكثر من قناة لبث المناسبات، خصوصاً وأن الجامعات السعودية تحفل بكثير من هذه المناسبات، “وستتاح الفرصة لمشاهدة ما يدور في هذه المؤتمرات والندوات والمحافل العلمية مباشرة على الهواء. وقد سبق أن أكد مدير المركز الوطني الدكتور عبدالله بن محمد المقرن أن البث سيبدأ حال اكتمال البنى الفنية اللازمة، والمتطلبات الأخرى التي تضمن جودة ما يقدم، وهو ما يجري الآن الإعداد له. و قال (أعتقد أن المستقبل مشرق، والنهضة تتكامل بفضل الله ومنته، والتفاؤل يملؤنا في الوصول إلى سبق عالمي متميز في هذا المجال... نأمل أن نسهم في خدمة المواطن في هذه البلاد وتطويره وتنميته بما نستطيع، وأن نسهم بمساندة بقية قطاعات الدولة في حراك التنمية المتنامي والحثيث). وأضاف (نعم هذا هو المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وعما قريب سيكون بيت خبرة وطني يفيض بمعرفته واستشاراته للجهات ذات العلاقة في مجالات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد).