يبدو أن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن كان أكثر تفاؤلا بإحلال السلام في اليمن حينما أعلن عن طرح الورقة الحقيقية لخطة أممية متكاملة من أجل السلام وحل القضية اليمنية برمتها، وهو أمر يدعو إلى الاطمئنان ما لم تنقلب الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح على هذه الورقة، وتجعلها عديمة الفائدة، مثلما حدث في كل الاجتماعات التي أشرف عليها المبعوث الأممي بين الميليشيات الحوثية والمخلوع وبين الشرعية اليمنية. صحيح أن الخطة دعت إلى وقف فوري لاطلاق النار لمدة 72 ساعة قابلة للتمديد وهي فرصة سانحة لتفعيل ما تمخضت عنه لجنة التهدئة والتنسيق لوقف إطلاق النار، وهي أيضا خطوة إيجابية إن تم الالتزام بها من قبل الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح، فالالتزام بالخطة وتفعيل لجنة التهدئة لا يمكن أن يتما وفقا للخروقات التي يمارسها الانقلابيون ويسعون لعرقلتها. الانسحاب من كافة الأراضي اليمنية التي يسيطر عليها الانقلابيون وتسليم السلاح أمران مهمان لانجاح الخطة الأممية التي يبدو أنها ستكون آخر الخطوات التي ربما تسفر عن نتيجة، كما هو واضح من خلال إعلان المبعوث الأممي، فاستئناف محادثات السلام في نهاية الشهر الجاري تمثل خطوة لإنهاء الأزمة اليمنية، شريطة ألا يعمد الانقلابيون لممارسة ألاعيبهم المكشوفة للقفز على الشرعية اليمنية. تشكيل حكومة الوحدة الوطنية مرهون بانسحاب المسلحين الحوثيين من العاصمة صنعاء وكافة المحافظات اليمنية التي يتواجدون عليها، فالسلام في اليمن لا يمكن أن يعود والحوثيون وقوات المخلوع صالح يلوحون بورقة الحرب لافشال أي مسعى حقيقي لاحلال سلام حقيقي وحاسم على الأرض اليمنية، فالانسحاب وتسليم السلاح مهمتان من شأنهما الدخول في مفاوضات جادة لتسوية الأزمة العالقة. ولا بد أن تسبق الخطة الأممية المتكاملة، التي أعلن عنها المبعوث الأممي، نوايا حسنة من جانب الانقلابيين للسعي لتنفيذ تلك الخطة، غير أن النوايا غائبة على الساحة من خلال احباط تهريب صواريخ للحوثيين حدثت يوم أمس الأول، وتضاف الى احباط عمليات تهريب سابقة، وهذه المحاولات اليائسة قد تعرقل الخطة الأممية المتكاملة المزمع أن تطرح قريبا للبحث في الأزمة. لقد أعلنت قيادة محافظتي أبين والمهرة عن موقفهما الثابت المتمثل بالوقوف مع الشرعية اليمنية، وهو إعلان يضاف الى كافة الإعلانات السابقة من معظم المحافظات اليمنية، بالوقوف الى جانب الشرعية وتأييدها ونبذ ممارسات الانقلابيين والمخلوع صالح التي من شأنها أن تدخل اليمن في حومة صراع مرير وطويل قد لا تجد في آخر نفقه بصيص نور للخروج من الأزمة بسلام. معظم الأوساط السياسية في المنطقة تعلق أملا على الخطة الأممية المقبلة؛ شريطة أن يلتزم الانقلابيون بما سوف تسفر عنه من قرارات وتوصيات وعدم القفز عليها وعلى الشرعية اليمنية كما هو الحال في طرح الخطط الأممية السابقة، فنجاح الخطة المقبلة يتوقف على أهمية التزام الميليشيات الحوثية وصالح بكل ما تسفر عنه لاحلال سلام دائم وشامل في اليمن، والتمهيد لعودة الشرعية اليمنية، التي ارتضاها وانتخبها الشعب اليمني بكامل إرادته وحريته.