يسود انطباع لدى كثيرين بأن البلدان المتقدمة هي التي يعمل فيها الناس لساعات طويلة، كما لو كان ذلك أحد مؤشرات الجدية وإحراز النجاح، لكن استطلاعا للرأي أجري، قبل شهور، كشف أن الوضع قد يكون مختلفا تماما. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته هيئة «يوغوف»، أن أفضل دول العالم تصنيفا في مجال الإنتاجية، لا يزيد فيها معدل ساعات العمل عن 7 ساعات خلال اليوم الواحد. واستند معدو الدراسة إلى معطيات صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فوجدوا أن 7 من بين أعلى 10 دول في العالم من حيث الناتج الداخلي، مصنفة في الوقت ذاته بين الدول ذات المدة الأقصر للعمل. ففي لوكسبمورغ، مثلا، التي تحل في المرتبة الأولى عالميا، نجد أن معدل ما يشتغله الفرد هو 1643 ساعة في العام، ينتج بكل ساعة منها 59 دولارا، وفق ما نقلت صحيفة «إندبندنت» البريطانية. أما في النرويج، حيث يعمل الفرد ما متوسطه 1427 ساعة في السنة، يصل ناتج كل ساعة إلى 47 دولارا. ويناهز إنتاج الساعة الواحدة من العمل في سويسرا 37 دولارا، في الوقت الذي لا يزيد معدل ساعات العمل السنوي بالبلاد عن 1568.2، بينما يصل الرقم إلى 1425 ساعة في هولندا بقيمة إنتاج تقترب من 37 دولارًا أيضا. وبألمانيا التي يعمل فيها الفرد ما معدله 1371 ساعة في السنة، تنتج الساعة الواحدة 34 دولارا، وذلك قبل الدانمارك التي حلت في المركز السابع بإنتاج للساعة في حدود 31 دولارا، فيما يبلغ معدل الساعات السنوية للعمل بالبلاد 1436 ساعة. وفي الاقتصاد الأميركي الذي يعد الأكبر في العالم، تنتج ساعة العمل الواحدة 31 دولارا، فيما يصل معدل ساعات العمل السنوي إلى 1789 ساعة، متبوعا بإيرلندا، في المركز التاسع، ب30 دولارا للساعة الواحدة، والسويد ب29 دولارًا. في شأن غير بعيد، أظهرت نتائج دراسة حديثة أن ساعات العمل الطويلة التي تصل إلى 55 ساعة أسبوعيا، مرتبطة على نحو كبير باحتمال الإصابة اللاحقة بالسكتة الدماغية، وذلك بالمقارنة بمن يعملون من35 إلى40 ساعة أسبوعيا. وكان نفس هذا الفريق البحثي قد ربط في السابق بين طول ساعات العمل وزيادة احتمالات الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، لكن داخل شريحة متدنية من الدخل الاقتصادي بالمجتمع. وجمع الباحثون بيانات من 25 دراسة جرت في أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا، وتابعت 600 ألف من العاملين على مدى 7 إلى 8 سنوات في المتوسط، ولم يكن لأي من المشاركين تاريخ إصابة بالسكتة الدماغية أو أمراض الشريان التاجي عند بدء المشاركة في البحث. وإجمالا أصيبوا بعدد 4768 أزمة قلبية و1722 سكتة دماغية. وتوصل الباحثون إلى أن حالات الإصابة بالسكتة الدماغية زادت طرديا مع طول ساعات العمل. وأدى العمل 55 ساعة في الأسبوع إلى زيادة حالات الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 33 في المائة، بالمقارنة بالعمل المعياري وهو 40 ساعة أسبوعيا في دوام كامل حتى مع وضع السن والنوع والوضع الاقتصادي والاجتماعي في الاعتبار. وفي الوضع الطبيعي تندر الإصابة بالسكتة الدماغية بين العاملين، وبلغت هذا النسبة بينهم في هذه الدراسة 4.5 حالة لكل ألف شخص، وستة في المائة لكل ألف شخص بين من يعملون ساعات عمل طويلة.