ما أتعسه.. تكون في أحسن حالاتك، خالي البال، مسرور الوجدان، ثم يقتحم عليك أسوار فرحك، ويهدم عليك لحظات سرورك «بلقافته» وفضوله وسذاجته ويباغتك بأسئلة محرجة، خاصة، ثقيلة، وأمام الملأ.. هل خطبت؟ «تزوجت وإلا باقي»؟ «بكم اشتريت سيارتك»؟ والأحرج منها، حين يسأل عن الأسباب.. «ليش» ما تزوجت؟؟ لماذا لم تنجب إلى الآن؟؟ «هي» تمر بذات الأسئلة التي يمر بها «هو».. لِمَ لم «تتزوجي»؟؟.. «لماذا لم تنجبي أولادا؟..» «ليش اخترتِ أن تكوني طبيبة» ؟..«ليه ما كملتِ تعليمك؟» «لماذا تطلقتِ»؟! هؤلاء.. يسمونهم «الملاقيف» أو«الحشريين» والفضوليين، ولك أن تسميهم حمقى، وسذجا...الخ الأوصاف التي يمكن وسمهم بها.. مشكلة «الحشري» وكذا «الحشرية» أنهم لا يقدرون ظروف الناس، ولا يحسبون حساب مشاعرهم وأحاسيسهم، ولا يدركون أن وراء كل سؤال معاناة، وظروفا، وألف سبب وسبب! يصعب كثيراً على من يخالط الناس، ويغشى اجتماعاتهم التخلص من «الحشريين»، فهم في عملك، وتجدهم بين ربعك وجلسائك، ويتكاثرون في المناسبات والاحتفالات التي ترتادها.. لكن تستطيع التخلص من أسئلتهم الثقيلة وتتجاوز تساؤلاتهم الحمقاء بكل سهولة.. أهم الطرق أن تكون «مرفوع الرأس»، لا تهزك كلمات الناس وأسئلتهم خاصة التي تحمل السلبية والإحباط، فلا تهتز لكلمات عابرة، ولا تنحني لسؤال جاف وجلف! وتتنوع طرق إسكات «الملاقيف»؛ فبإمكانك أن تختار«السكوت والتجاهل» عند سؤال يأتيك من«ملقوف».. وقد ترد هي بابتسامة باردة ونظرة مستغربة تثير في نفس «الملقوفة» علامات التعجب والاستفهام والندم على السؤال.. وثالث قد يعيد السؤال.. فلو سألك«حشري» كم راتبك؟ قل له: وكم راتبك؟ وممكن مواجهة السؤال بسؤال آخر.. فلو سألك:«ليه ما تتزوج»؟ قل له:«هامك الموضوع»؟ أو«على ايديك».. أو «زوجني بنتك أو أختك»؟! يمكنك اختيار أسلوب الصراحة وهو أن تواجه محدثك مباشرة بعبارة: «لا أرغب في الإجابة عن سؤالك» أو «هذا أمر يخصني وحدي وأحب الاحتفاظ به»، أو «عفوا لماذا تسأل»، وهو أسلوب من شأنه إيقاف وإسكات «الملاقيف». أحيانا تحتاج أن تتلاعب بهذا «الملقوف» فعندما يسألك.. قم بتغيير الموضوع مباشرة.. أو اقلب سؤاله لمزح كأن تقول: لمن يسأل عن راتبك؛ «ما نسلّف» أحد»!!، وإن أردت أن تستخدم أسلوب «قصف الجبهة» لبعض الناس فلا حرج عليك، ولا لوم؛ لأن القاعدة تقول: «من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه»، وهؤلاء تدخلوا، وأحرجوا الآخرين! وأخيراً.. إياك أن تعتقد أن كل من يسألك سؤالاً عن أحوالك هو «ملقوف»، قد يكون محباً لك، «يتطمن» على أحوالك، ويهمه أمرك. قفلة.. قال - صلى الله عليه وسلم- (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).. سنوفر على أنفسنا، ونريح الناس من مشاكساتنا، ونحفظ أوقاتنا، ونشتغل بما يفيدنا؛ لو أدركنا وفهمنا وطبقنا هذه القاعدة النبوية! ولكم تحياتي