كواحد من أبناء المنطقة الشرقية بل من أبناء محافظة القطيف، لا يبدو لي موضوع الحوار مع الشيعة والدعوة التي أطلقها معالي الشيخ عبدالله المنيع لهذا الحوار سواء كانت هذه الدعوة شخصية- كما أعلن الشيخ فيما بعد- أم توجها رسميا.. أقول: إن هذا الموضوع بالنسبة لي لم يكن تلقيه كما تلقاه كثيرون غيري وكأنه شيء غير عادي، فأنا كمواطن في هذا الجزء من الوطن الغالي لي حوار يومي ومستمر، بل وفي تعايش أخوي مع أبناء هذه الطائفة من المواطنين، وهكذا كان آباؤنا وأجدادنا على الدوام. وما الجديد بالنسبة لي فقط إلا الأهمية المتزايدة للاقتراب وتسمية الأمور بمسمياتها، والتأكيد على أن الوحدة الوطنية والانتماء لهذا الوطن والمحافظة على أمنه واستقراره ومنجزاته الحضارية والإنسانية هي القاسم المشترك بين جميع المواطنين بمختلف مذاهبهم وأصولهم المكانية والقبلية، بل من المواطنين الذين اختاروا هذا البلد المبارك وطنا لهم بعد أن أقاموا واستقروا واستحقوا جنسية الوطن ونالوها بطرق نظامية وموافقة ولي الأمر. كما أن من الجديد أيضا، الظروف الدولية والإقليمية التي تحيط بنا، والتي يتوجب معها أن تتوثق العلاقات وجسور الثقة وتقرب الأفكار بين أبناء الوطن الواحد؛ لتجنيب وطننا ما حل ببعض دول الجوار من الفتن، وما يراد لنا من سوء تضمره قوى تطمع بخيرات المنطقة وثرواتها وتهدد أمنها وسلامتها. والأمر من جهة أخرى ليس جديدا حيث إن مركز الحوار الوطني قد أنيطت به هذه المهمة منذ سنوات، وهو معني بهذه الدعوة، حيث إن من أولى مهامه تكريس الوحدة الوطنية، والعمل على أن يرتفع صوت الخطاب الديني الوسطي الذي يميز عقيدة الأمة بعيدا عن التطرف والتعصب الذي ولد أفكارا إرهابية وتكفيرية للأسف بين أتباع كافة المذاهب، بحيث يكفر المتطرفون في كل مذهب الطرف الآخر ويحقدون عليه.. وفي رأيي، أن المركز وإن كان أنشئ لهذه الغاية ويعمل من أجلها وقد حقق فيما أعرف العديد من الإنجازات في مضمارها، إلا أن المسؤولية لتحقيق ما نحن جميعا بحاجة إليه هي مسؤوليتنا جميعا أفرادا ومؤسسات مجتمعية ومسؤولين كل من خلال الثغر الذي يقف عليه وحرصه على أن يؤتي هذا الثغر من قبله. إن العاقل من اتعظ بغيره، وليدرك الجميع أن مستقبل أبنائنا ووطننا هو رهن بوعينا لمخاطر الفرقة والاختلاف والتعصب، وأن الخير كل الخير في الحوار العاقل المستنير الذي يضع مصلحة الأمة والوطن فوق كل اعتبار، وليعتقد كل منا ما يشاء، ولنظل مع ذلك متساوين في حب الوطن والاخلاص والانتماء له، تجمعنا المشترك الوطني والإنساني وعقيدة التوحيد والقبلة المشتركة، ولنعي لمخططات كل الذين لا يريدون إلا مصالحهم وتحقيق مطامعهم؛ لأنهم لا يطمعون في حقوق فئة دون غيرها ولا منطقة دون سواها، إن مطامعهم تشمل الوطن كله، فلنكن جميعا حماة لهذا الوطن يجمعنا ما يجمعنا وهو كثير ونذر ما يفرقنا وهو قليل.. ويعذر كل منا صاحبه فيه، وليكن ذلك غاية كل حوار بين الأفراد والمؤسسات، والأمل معقود على المخلصين من كل مكونات الوطن والثقة بهم كبيرة وبعون الله أكبر.