كتاب «فن التخلص من الأشياء» للمؤلفة/ ناغيسا تاتسومي تشرح فيه أهمية رمي الأشياء بسهولة، هذا الكتاب استرعى انتباه الخبيرة اليابانية والاختصاصية في الترتيب/ ماري كوندو، اشترته وقرأته جيدا، ذُهلت من الموضوعات التي لم تُصادفها من قبل، وما أن وصلت إلى منزلها حتى توجهت مباشرة إلى غرفتها ومعها مجموعة من أكياس النفايات، تقول عن تجربتها مع هذا الكتاب: «أغلقتُ الباب على نفسي لساعات عدة، صحيح أن غرفتي صغيرة، لكنني عندما أنهيت عملي كانت لدي ثمانية أكياس مليئة بالأغراض وتحتوي على ملابس لم أرتدها مطلقا، ودفاتر ترجع إلى أيام المدرسة الابتدائية، وألعاب لم ألعب بها منذ أعوام و..و..و...، بعد ذلك جلستُ على الأرض من دون حراك لمدة ساعة تقريبا وأنا أحدق إلى كومة الأكياس وأتساءل: لماذا أُزعج نفسي بالاحتفاظ بكل هذه الأشياء؟ لكن أكثر ما صدمني هو مدى اختلاف مظهر غرفتي، فبعد ساعات قليلة فقط استطعتُ رؤية أجزاء من الأرض لم تكن خالية من قبل قط، كما أصبح الهواء داخل غرفتي مُنعشا أكثر لدرجة أن تفكيري بات أوضح، عندها أدركتُ أن الترتيب يمكن أن يكون له تأثير أكثر مما تصورت، ذُهلت بمدى التغيير وحولتُ انتباهي منذ ذلك اليوم من الطهي والخياطة اللذين ظننتُ أنهما أساسيان في تدبير المنزل إلى فن الترتيب»! انتهى. تُقدم الخبيرة/ ماري كوندو اعترافا خطيرا في أن أبرز سر للنجاح هو أنك إذا رتبت كل شيء دفعة واحدة وليس على دفعات فبإمكانك تبديل تفكيرك بصورةٍ جذريةٍ وهذا من شأنه أن يُحدث تبديلا عميقا جدا حيث يلامس عواطفك ويؤثر حتما في طريقة تفكيرك وعاداتك في أسلوب العيش!! هناك من لا يُطيق صبرا في طريقة التخلص من أشيائه الزائدة دفعة واحدة، فالتعلق بالأشياء الصغيرة تحول بيننا وبين أكياس النفايات، هذه الصغائر غالبا ما ترتبط بذكريات عزيزة على نفوسنا، طوت الأيام صفحاتها، فأصبحت «ماضيا» لا يمكن الرجوع إليه إلا في ذاكرة الزمن، نخاف من فقدان الذكريات الغالية معها، وننسى أن الذكريات النفيسة لن تختفي أبدا من وجداننا حتى لو قمنا برمي هذه الذكريات، ولهؤلاء يُقال لهم: إذا تخلصت من غرض واحد فقط في كل يوم، عندها ستتخلص من (365) غرضا في نهاية العام. هناك قول شائع مفاده «الغرفة الفوضوية تعني عقلا فوضويا»!! فالفوضى ردة فعل فطرية تصرف انتباهنا بعيدا عن لب المشاكل التي نعيشها في حياتنا اليومية. إنك حين تعيش حالة الترتيب والتنظيم في غرفتك وفي مكان إقامتك وحتى في الشارع والحي الذي تسكن فيه ستجد نفسك مضطرا إلى إعادة ضبط كل حياتك والمحافظة على هذه الصورة الجميلة التي تسعدك، وعندها ستلتفت إلى رؤية المشكلات التي حاولت تفاديها وستجبر على التعامل معها. «الفوضى» لا تنحصر في خزانة ملابس أو محتويات درج في غرفة النوم وليست في وضعية ترتيب الأحذية - أعزكم الله – أو في مجموعة أدوات التجميل المبعثرة هنا وهناك وكل ما تحتويه غرفنا الخاصة، الفوضى تشمل مساحة أكبر من هذا وذاك، إنها تصل إلى الكتب غير المقروءة، وإلى الصحف والجرائد المبعثرة هنا وهناك أو المكتنزة في صندوق بلاستيكي كبير مهمل في أحد أركان البيت، وجملة «قد أرغبُ في قراءته فيما بعد» كثيرا ما تقف حائلا دون التخلص من أي كتاب، فهناك العديد منها لم ننته من قراءتها، وبعضها مازال في مغلفه البلاستيكي لم يُفتح بعد!! هناك الأوراق المزعجة كأوراق الدراسة والفواتير وأوراق ضمانات الأجهزة الكهربائية وكلها تُشكل «النمر الورقي» في حياتنا ويأتي الجواب في عدم التخلص منها هو «لأن.......»، وحتى محفظتنا الصغيرة نضغطها ضغطا بأوراق وفواتير انتهت صلاحيتها وانتهى العمل بها وسر الاحتفاظ بها يعود إلى «لأن.........». «منزل أهلك ليس ملاذا لتذكاراتك» عبارة حاسمة ينبغي أن يحترمها الأبناء، ولعلي أُضيف إليها: منزل أهلك ليس خزائن لثيابك وثياب عيالك، ولا مستودعات لممتلكاتك الشخصية!! وقفة تأمل: حياتك الحقيقية تبدأ بعد ترتيب منزلك، لذا انتبه جيدا!!