قبل وصول أجهزة الاتصال الاجتماعي إلى مجتمعنا البسيط كانت الحياة سهلة وأقل تعقيداً مما هي عليه الآن، ومع ذلك كانت المجتمعات لا تخلو من بعض الأشخاص الذين يتسقطون أخبار الآخرين، خصوصاً إذا كانت أخبارا مسيئة للشخص أو لعدة أشخاص، فترى بعض الناس يطير فرحاً ويسابق الريح للوصول إلى مصدر الخبر دون تميز من مصداقية ذلك الخبر، ولا يفكر إلا بالحصول على تفاصيل أكثر ليضيف إليها تفاصيل التفاصيل، وتصبح تلك التفاصيل من أكبر هموم المهتم بها؛ لأنه يحاول أن ينشرها على نطاق واسع وبتفاصيل أكثر دون مراعاة الصدق والخوف من الله، والمحافظة على وحدة المجتمع الذي يتكون من أقارب وجيران وأصدقاء، هؤلاء وأولئك الذين يتسقطون ما هو سيئ من الأخبار ممن قال فيهم الشاعر القديم: (وما آفة الأخبار إلا رواؤها).. إن هؤلاء الذين يستخدمون أجهزة التواصل للإساءة إلى الآخرين هم من يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين وهم (المنافقون). إن هؤلاء لا يعدو أن تأتي الأخبار تفند رواياتهم وإضافاتهم، ويفتر همهم، ويقضي على آخر حصون أمنياتهم فإن وقع هذا فيما بعد فسوف ترى أول من حمل تلك الشائعة يأتي إلى المصاب وينبئه بكشف الحقيقة، ويدعو على نفسه (أي من بث تلك الشائعة المغرضة) التي قد تلحق الإنسان المقصود بالأذى وأخلاقه وسلوكه القويم.. ولقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده عن هذا السلوك المسيء بقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) الإسراء آيه 36، إن هذا النهي القاطع للحجة من الفرائض التي فرضها الله على عباده، بعدم تتبع عورات الآخرين والتدخل في شؤونهم واستغلال ما يقال عن البعض ليكون سلعة رائجة تستخدم للاضرار بالشخص المقصود، وإبدال صوره ذات الرونق وأعماله وإنجازاته ببحث يتحول الى أشياء تافهة استهلكت الكثير من الوقت والجهد والمال دون فائدة!.. وقد ساعدت أجهزة الاتصال الاجتماعي التي قد يراها البعض نعمة لكنها تحولت إلى نقمة في تشويه الصور العامة لبعض العاملين، وتحويلها إلى مناظر غير مقبولة، وكذلك تغير أصوات أولئك العاملين الى نغمات من النشاز الذي يطير منه السامعون، وبقدر ما يستفاد من أجهزة الاتصال الاجتماعي التي قربت المسافات وسهلت الاتصال وكفت الإنسان من مشقة السفر والانتقال لمعرفة ما يريد معرفته من العلوم والأخبار، إلا أنها مع الأسف تحولت إلى نقمة اجتماعية استغلت لنشر الشائعات والأكاذيب وما لا ينفع حامليها ولا يفيدهم إلا بمقت من يتعرضون لهم بالنقد أو الإشاعة الكاذبة أو الطعن في السلوك إلا ما رحم ربي، وهكذا تكون استفادتنا من هذه الأجهزة، بل من متاعبنا النفسية لأن بعض الشائعات تؤدي إلى قطع الصلات بين الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل، وما أظن أن الصورة التي درجت على ألسن بعض الناس وفيما يظهر معلم في إحدى مدارس تحفيظ القرآن للأطفال قد قام بضرب طفل ورفسه وأخذه من شعر رأسه ورماه في إحدى الزوايا هكذا دون سند يوثق هذه الصورة أو الرواية التي زاد يقيني أنها غير صحيحة، حيث ورد فيها أن الحادث حصل في جدة، وجاء في رواية أخرى أنه في جازان.. من يصدق وهل يعقل أن استاذا يعلم الأطفال القرآن الكريم يتصف بهذه الهمجية؟