كأس امم اوروبا لكرة القدم والمقامة في فرنسا شارفت على الانتهاء ولم يبق منها إلا ثلاث مباريات، اثنتان في نصف النهائي يومي الاربعاء والخميس المقبلين والمباراة النهائية الاحد القادم (10/7/2016) وغطت هذه البطولة على مآسٍ ومصائب تمر بها بعض الدول العربية من كوارث وحروب وفواجع وفتن ومحن وتزامنت مع الشهر المبارك الطافح بالروحانيات.. وجاءت «يورو 16» بمثابة البلسم الشافي للرياضيين العرب فأنستهم متاعبهم وهمومهم في ظل توقف الانشطة الرياضية في غالبية الدول العربية خلال فصل الصيف. ولا يخفى على المتابعين الرياضيين أن بطولة كأس امم اوروبا لكرة القدم تحظى بشعبية عالمية وهي ليست بطولة فحسب بل دخلت فيها السياسة الخفية والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا ونشبت حروب اعلامية رسمية واشتباكات جماهيرية وصلت حد العنف المُغلظ وارتفعت وتيرة التحديات والصراعات والرهانات وبلغت أوجها.. ولم تخلُ المباريات من مفاجآت وتباينات قلبت الموازين. وكان أبرز من غادر البطولة مبكرا ومن الدور الأول في دوري المجموعات منتخبات السويد وروسيا والتشيك واوكرانيا أما أبرز من ودع الجولة الثانية(دور ال16)فرق اسبانياوكرواتيا وانجلترا والايرلنديتين وسلوفاكيا في حين كانت أكثر المنتخبات الاوروبية استقرارا وثباتا في المستوى المانياوفرنسا وبولندا وويلز (مفاجأة البطولة) وايسلندا وايطاليا وبلجيكا ووضعوا بصمات مميزة وصلوا لربع النهائي. أما المنتخب البرتغالي الذي وصل معهم لهذا الدور ايضا فقد تعثر في الدور الاول للمجموعات وسجل نتائج متواضعة ومخيبة وتأهل لدور ال16 «بطلوع الروح» ضمن أربع منتخبات تأهلت كأفضل ثالث ثم تحسنت عروضه ففاز على منتخب كرواتيا في الرمق الاخير وفي الوقت الاضافي وفي الدقيقة 117 بدور ال16 كما فاز على منتخب بولندا بركلات الجزائية الترجيحية 5/3 في دور ربع النهائي بعد تعادلهما في الوقتين الاصلي والاضافي 1/1. ولعل أعنف الصدمات وخيبات الامل هي التي اصابت المنتخب الاسباني (بطل كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا وحامل اللقب الاوروبي الاخير) وخروجه المُذل من الدور الاول للمجموعات واستقالة مدربه ديل بولسكي.. وكان الماتادور قد مني بهزائم أمر وأقسى وخروجه المُبكر في مونديال البرازيل 2014 ومسلسل الاخفاقات التي لحقت بالمنتخب الاسباني هو تمسكه بلاعبين أسماء وليسوا أفعالا قل عطاؤهم وانخفضت لياقتهم وقل جهدهم.. ونأتي إلى المنتخب الروسي الذي يستعد لاستضافة نهائيات كأس العالم 2018 فلم يكن على مستوى المنتخبات الاوروبية النخبة بل قدم نفسه في يورو 2016 مع الفرق المغمورة الامر الذي دفع اتحاد اللعبة الروسي لإقالة المدرب ليونيد سلوتسكي. أخيرا لا بد من القول: إن المنتخب الالماني عودنا أن يقدم نفسه في كل بطولة كحصان أسود يخطف الأضواء ويدهش الجميع بعروضه المتوازنة والخلابة ونتائجه المبهرة وانضباطه التكتيكي الجماعي العالي يكفي أنه حمل كأس العالم الاخيرة في البرازيل (2014).. فبعد فوزه على المنتخب الايطالي (6/5) بركلات الجزاء الترجيحية بعد تعادلهما في الوقتين الاصلي والاضافي (1/1) جاء فوز المانيا بالغ الصعوبة ورجح كفة الألمان بركلات الترجيح المدافع هيكتور.. جاء ذلك في لقاء امس الاول في ربع النهائي فك عقدة الازوري في مدينة بوردو وبات الطريق نحو البطولة مُمهدا أمام المانشافت للفوز بكأس (يورو) للمرة الرابعة خاصة أن «الجيرمان» يتطلعون لإنجاز اوروبي جديد يعزز من تاريخهم بقيادة مدربهم المُحنك يواكيم لوف وبما أن الجميع يشهد بدقة وتنظيم وتفوق الماكينة الالمانية ترقبوا حضور المستشارة الالمانية انجيلا ميركل المشجعة الاولى لفريقها في حال وصوله إلى المباراة النهائية... وإلى اللقاء.