دعونا نتصور بلداً لديه الخصائص التالية: كميات كبيرة ولكن لا يمكن السيطرة عليها من السندات طويلة الأجل. تصنيف ائتماني مرتفع جداً. أسعار فائدة منخفضة أو حتى سلبية. اقتصاد مستقر ولكن بطيء النمو. بنية تحتية متدهورة أو عفا عليها الزمن. عدد مرتفع من الناس كبار السن على نحو ينطوي على ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والإنفاق على التقاعد. طلب هائل على الأوراق المالية ذات الدخل الثابت التي كلما طال أجلها كان ذلك أفضل. لا تقفز إلى الاستنتاج الذي مفاده أن هذا البلد هو الولاياتالمتحدة؛ لأني لو كنتُ أقصد الولاياتالمتحدة فإنه سيتوجب علي إضافة نقطة أخرى أقول فيها إن ذلك البلد توجد فيه حكومة مختلة وظيفيا ومشلولة بسبب التحزب. ولكن بغض النظر عن البلد موضوع السؤال، فإن النهج المناسب لتمويل هذا السند يشير إلى وجود سندات طويلة الأجل - سواء لها تاريخ استحقاق لأجل 30 سنة أو حتى 50 سنة. أي بلد تنطبق عليه الأمور السابقة؟ يمكن أن يكون أيا من البلدان التالية: كندا إسبانيا فرنسا سويسرا بريطانيا إيطاليا أيرلندا بلجيكا المكسيك جميعها الآن تمول جزءا من ديونها من خلال سندات لأجل 50 عاما. حتى أن أيرلندا وبلجيكا تعرضان سندات لأجل 100 سنة، كما هي حال المكسيك. كانت القروض السكنية لأجل 100 عام (التي تستمر لعدة أجيال) موجودة في اليابان منذ التسعينيات. كذلك المزيد والمزيد من الشركات تصدر الآن سندات لأجل 100 عام. وهو ما يثير سؤالا بديهيا: لماذا لا تقوم الولاياتالمتحدة ببيع سندات الخزانة ذات تواريخ استحقاق أطول في الوقت الذي تحاول فيه ترتيب أوضاع المالية العامة لديها؟ تعلمنا بالتجربة المرة خلال أزمة الائتمان أن تمويل السندات طويلة الأجل من خلال ترحيل سند قصير الأجل لآجال استحقاق أبعد باستمرار يعتبر وصفة لكارثة. أو ربما هذا أمر مبالغ فيه - لكن الكونجرس لم يتعلم الدرس الأكثر أهمية والأوضح من الأزمة، وإلا فإن الولاياتالمتحدة سوف تعيد تمويل السندت طويلة الأجل للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة اليوم مع تجنب التعرض لارتفاع مفاجئ. كنت أفكر في هذا في الآونة الأخيرة بعد أ) زيارتي لأوروبا، حيث السندات لأجل 50 عاما تحقق رواجا على نحو متزايد، و ب) قراءتي عن تنفيذ إصلاحات بقيمة 3 مليارات دولار من قبل هيئة موانئ نيويورك ونيو جيرزي لمطار لاغوارديا باستخدام سندات لأجل 30 عاما. لا يوجد أي غموض حول مزايا التمويل طويل الأجل في هذه المرحلة، على الرغم من أنها تبدو أبعد من استيعاب القادة السياسيين في الولاياتالمتحدة. خذ الطلب المطرد على الديون السيادية الآمنة، والعالية الجودة، والتي يوجود فيها نقص كبير. أضف إلى ذلك أسعار فائدة فائقة الانخفاض، والتي تجعل إعادة تمويل السندات جذابة للغاية. ولاحظ أسعار الفائدة السلبية في جميع أنحاء العالم، التي تجعل 1 في المائة من العائد على سندات الخزانة الأمريكية جذابا. وانظر في التكاليف المستقبلية للضمان الاجتماعي، وبرنامجي ميديكير وميديكيد للرعاية الطبية. وكن على علم بتكاليف إعادة التمويل التي تبلغ تقريبا 19 تريليون دولار في الديون الفيدرالية الحالية في حال ارتفعت أسعار الفائدة. وأخيرا، أضف إلى ذلك الحاجة لإصلاح وتطوير الجسور المتهالكة، وموانئ الشحن والأنفاق والمطارات والطرق والشبكة الكهربائية الصدئة. يجب أن تفكر في كل هذه الأمور حتى قبل أن نبدأ مجرد التفكير في ما يعنيه ارتفاع مستويات سطح البحر بالنسبة للمدن الساحلية في المستقبل. يمكن اختصار هذا جميعه إلى صيغة بسيطة تبدو على النحو التالي: الطلب على سندات الخزانة + أسعار فائدة فائقة الانخفاض + احتياجات تمويل أمريكية كبيرة ومستمرة = سندات لأجل 50 عاما. الحجة ضد التمويل طويل الأجل ليست مفهومة ولا هي منطقية. تقول هذه الحجة العجيبة إنه من خلال تمويل سندات على الأمد الطويل بصورة غير مكلفة، فإن الولاياتالمتحدة سوف ينتهي بها المطاف إلى تشجيع المزيد حتى من الإنفاق الحكومي. تكاد هذه الحجة تبدو ذلك معقولة، إلى أن نعيد صياغتها. إذا قال أي شخص في الواقع، «يجب على الولاياتالمتحدة التأكد من إبقاء سنداتها مكلفة بهدف الحد من الإنفاق في المستقبل،» فإنك سوف تعتقد أنه مجنون. ولكن هذه في الواقع هي إحدى الحجج المقدمة ضد استخدام إعادة التمويل طويل الأجل. كنت أحاول العثور على حجج وجيهة ضد إعادة تمويل الديون الأمريكية بأوراق مالية لآجال أطول. الحجة الوحيدة شبه المعقولة التي أثيرت هي أن أسعار الفائدة يمكن أن تهبط حتى إلى مستويات أدنى مما هي عليه اليوم. ولكن هذه مشكلة تتعلق بالتوقيت، وليست سببا وجيها ضد المزيد من السندات ذات الآجال الطويلة. يجب على الكونجرس أن يقوم بعمله، مع أن ذلك أمر مستبعد إلى حد كببر. يجب البدء بتمويل ديون الحكومة الأمريكية بأسعار فائدة هي الأدنى منذ عدة أجيال، وباستخدام سندات ذات آجال تماثل الالتزامات طويلة الأجل للبلد.