ريب فان وينكل هو بطل قصة أمريكية قصيرة، حيث يذهب إلى الجبال ويصاب بالتعب، ويقرر أن يجلس على الأرض ليأخذ غفوة قصيرة. وحين يستيقظ يكتشف أنه أمضى 20 سنة وهو نائم، ويجد كل شيء في العالم حوله غريبا وغير معهود. تخيل نفسك ريب فان حامل السندات، وأنك استيقظتَ بعد عقد من النوم، وحريص على كسب بعض المال في الأسواق. إذا أجريت مسحا لخلفية اليوم، ربما قد تستنتج أن تجربة اليورو تعتبر فاشلة. ربما ستشعر بالدهشة من أن سعر الفائدة المستهدف لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي كان عند 0.25% على مدى السنوات الست الماضية. وربما تكون مذهولا من اكتشاف أن أقرانك يبيعون ويشترون ويستثمرون في السندات الحكومية التي يتم تداولها على أساس عوائد سلبية. باختصار، ربما قد ترغب في سحب اللحاف مرة أخرى فوق رأسك، والعودة إلى النوم. عندما ذهبتَ إلى النوم قبل عشر سنوات، كان العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 أعوام نحو 4.4%، في حين أن تكلفة الاقتراض المكافئ في ألمانيا كانت 3.8%. وكان التضخم في الولاياتالمتحدة بحدود 3%، وكان الاقتصاد على وشك أن يسجل نموا بنسبة 3.6 في المائة. الأسعار الاستهلاكية في منطقة اليورو كانت تتسارع بنحو 2 في المائة، وكان الاقتصاد يستعد للتوسع بنسبة 1.4%. الآن اضغط حتى «تُقدِّم» شريط الزمن بسرعة إلى الأمام نحو البيئة الاقتصادية الحالية. كان النمو السنوي في الولاياتالمتحدة 2.4% في الربع الرابع لعام 2014، في حين انكمشت الأسعار الاستهلاكية بنسبة 0.1% في يناير. منطقة اليورو تنمو بوتيرة سنوية تبلغ حوالي 0.9%، في حين تظهر الأرقام الحالية انخفاض الأسعار بنسبة 0.3% الشهر الماضي. لكن على الأرجح، فإن سوق السندات هي التي ستجعل ريب يتعرض للكوابيس. العوائد على السندات الحكومية تشير إلى التشعب الشاسع بين اقتصاد الولاياتالمتحدة المتصاعد الوتيرة - بغض النظر عن التراجع في الأسعار الاستهلاكية في يناير - والركود المستمر في منطقة اليورو. فجوة العائد بين ألمانيا (التي تدفع نحو 0.3% على السندات لأجل عشر سنوات) وأمريكا (2%) هي الأوسع نطاقا منذ نهاية الثمانينيات. وفي الوقت نفسه، وفقا لسوق السندات، البرتغال الآن هي أكثر جدارة ائتمانية من الولاياتالمتحدة، بناء على ما يدفعه المستثمرون من رسوم في كل بلد على السندات لأجل 10 أعوام. وكذلك هو الوضع في إسبانيا وإيطاليا والسويد وهولندا، وكل الأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي باستثناء اليونان. ارتفاع عائدات سندات الخزانة قد يغري ريب، ولكن أفضل التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة - والتضخم الذي من المحتمل أن يأتي معها - ستكون رادعاً قوياً. إن السندات ذات الأجل القصير هي التي ستجعل رأس ريب فان، حامل السندات يصاب بالدوار. المبلغ الذي لا يصدق بمقدار 1.9 تريليون دولار من الأوراق المالية ذات الدخل الثابت في منطقة اليورو يحقق عوائد سلبية. من الناحية النظرية، ينبغي على العوائد السلبية دفع المال للتدفق إلى الاقتصاد وعلى النحو الذي يختار فيه المدخرون الإنفاق بدلا من الدفع للادخار، والبنوك تختار كسب الفائدة من خلال إقراض النقدية للشركات للاستثمار بدلا من فرض الرسوم عليها لحفظ الودائع لدى البنك المركزي. ولكن، كما كتب الخبير الاقتصادي نورييل روبيني، الأسبوع الماضي، أسعار الفائدة السلبية وحدها ليست كافية لتحقيق نمو اقتصادي أعلى. قال روبيني: «يتطلب الأمر أيضا التحفيز من المالية العامة، وخاصة الاستثمار العام في مشاريع البنية التحتية الإنتاجية، والتي تحقق عوائد أعلى من السندات المستخدمة لتمويلها. وكلما كان تأجيل هذه السياسات أطول، قد نسكن لفترة أطول عالم أسعار الفائدة الاسمية السلبية المقلوب.» وعلاوة على ذلك، كما هي الحال في كثير من الأحيان في السنوات الأخيرة، قد تكون النظرية خاطئة حول ما يحدث عندما تكون أسعار فائدة البنك المركزي عند أو تحت الصفر. بعض الكهان، بما في ذلك المستثمر الأسطوري بيل جروس في جانوس كابيتال، بدأوا يشعرون بالقلق من أن هذه الظروف غير المسبوقة قد تعيق فعلا النمو بدلا من أن تحقق الانتعاش. وعلى وجه الخصوص، يشير جروس إلى أن مطابقة المطلوبات ذات الآجال الطويلة، مثل الالتزام بدفع المعاشات التقاعدية أو دفع الرسوم الجامعية المستقبلية لطفلك، عن طريق شراء السندات ذات الأجل الطويل، يصبح أمراً مستحيلاً عندما تنخفض العائدات تحت الصفر. ما هو الشيء الذي قد تحاوله شركة التأمين الألمانية أو الهولندية والفرنسية لتحصين المطلوبات عند الصفر أو أقل؟ ليس للتحصين أي معنى اقتصادي أو عملي عند هذه المستويات. والأمر على نحو مماثل بالنسبة لصناديق التقاعد. في الواقع حتى الأسر تعتبر مكبلة اليدين بسبب العوائد المنخفضة أو السلبية، التي يجب عليها كل يوم، ومن الآن معالجة عدم قدرتها على توفير ما يكفي من المال بمعدل مرتفع بما يكفي لدفع تكاليف التعليم والرعاية الصحية والتزامات التقاعد. أسعار الفائدة السلبية أو القريبة من الصفر قد تفاقم، بدلا من أن تحفز، معدلات النمو المنخفضة في جميع هذه الحالات، من خلال رفع الادخار وتأجيل الاستهلاك. ريب فان حامل السندات، الذي نفخ وسادته في عام 2005 استعدادا للنوم، ما كان يتصور أن عائدات السندات ستحمل معها علامة «ناقص». وكما يشير جروس، فإنه قبل عام 2014 نادرا ما كان أي شخص «تخطر على باله أسعار الفائدة السلبية، هذا إن فكر بها أصلا.»