من المعروف أن الأخلاق هي معيار الأمم والشعوب، فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا، لأن الإنسان إذا لم تحكمه أخلاقه فسيكون مجرد شخص لا يهتم إلا بنفسه ساعياً لمصلحته الخاصة دون الاهتمام بمن يعيشون معه في البقعة الجغرافية التي يسكنها، وعندها لن يستطيع أن يعطي لأنه لا يعرف ثقافة العطاء. يقول الكثير من الناس إن أهل الغرب أحسن أخلاقاً منا في تعاملهم وبيعهم وشرائهم، فحين يذهب أحدنا الى أوروبا أو أمريكا يجد أخلاقاً لطيفة جداً فيحسب لأول وهلة أنها هي أخلاق الإسلام. ولقد خُدع بها الشيخ محمدعبده من قبل، فقال حين ذهب الى أوروبا: وجدت هناك إسلاماً بلا مسلمين وعندنا مسلمون بلا إسلام. إن الأخلاق الأوروبية -مع جمالها الظاهري- أخلاق نفعية، تبحث عن المنفعة وحدها، فإن وجدت وسيلة «لا أخلاقية» تحقق المصلحة، فإن الغرب لا يتوانى في استخدامها ولا يتحرج ولا يتأثم. والغربي وإن صدق وأظهر الشجاعة وأعطى ماله للضعفاء فهو يبحث عن الشهرة والمحمدة بين الناس، أما في بلادنا، فتحكمنا العقيدة والإيمان، واليقين من الثواب والعقاب الالهي، والمخطئ حين يخطئ يعلم أنه على خطأ. إن ظاهرة العولمة فرضت واقعاً اجتماعياً جديداً جعلها محوراً أساسياً لمختلف المجالات، سواء أكانت اقتصادية أم ثقافية أم سياسية. وهي الآن القوة الرئيسة التي تقود البشرية ككل إلى المستقبل وبناء عليه وجد الغرب لدينا -مع ملاحظة مجتمعنا ملاحظة شديدة- أن أخلاقنا تبني المجتمع، فأخذها وشرع منها قوانين ألزم بها أهلها، مع الفرق في أن التزامنا الأخلاقي نابع من إيماننا بأخلاقنا من وازع ديني وضمير مراقب، أما الغرب فأراد تطبيق الأخلاق بحثاً وراء تحقيق المنفعة وكذلك بعدها توصل إلى أن أخلاقنا هي الأفضل لإدارة المجتمع. الأسس الحضارية التي تعتمد عليها الحضارة الغربية تختلف عن الأسس التي تعتمد عليها الحضارة الإسلامية، فالحضارة الغربية تعتمد على التراث الحضاري الكلاسيكي متمثلاً في الفلسفة الإغريقية والقانون الروماني، كما أنها تستمد بعض قيمها من الفكر الغربي الذي يفصل بين الدين والدولة، بالإضافة إلى بعض الاتجاهات والفلسفات التي توصف بالعلمانية، أما الحضارة الإسلامية، فإنها تعتمد على ما ورد في الكتاب والسنة من مبادئ وقيم، وعلى رأسها أن الإسلام يجمع بين الدين والدولة لأن الإسلام ينظم الأمور الدينية والأمور الدنيوية، سواء في ذلك العقيدة والعبادة والقانون والنظم السياسية والاقتصادية. كما أن أخلاقنا تدعو إلى التكافل بين الإنسان وأخيه الإنسان، والتعاون على الخير وإلغاء كل مظاهر التمييز العنصري ومقاومة كل دعوة إلى العصبية الجاهلية أو التفرقة القومية أو الإقليمية الضيقة. والأخلاق الاسلامية تتميز عن الأخلاق الغربية بأنها تستند إلى الكتاب والسنة، أما الأخلاق الغربية فإنها تستند إلى الفلسفات القديمة والاتجاهات العلمانية الحديثة، فالأخلاق الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، ولصلاح البشرية، ونجاح الإنسان وسلامة الشعب والحكومة والمجتمع. وأما بالنسبة لما وقع من كثير من المسلمين من الغش والكذب والخيانة في المعاملات فإن هؤلاء المسلمين نقصوا من إسلامهم وإيمانهم بقدر ما خالفوا الشريعة فيه من هذه المعاملات. فلا يعني أن مخالفة بعض المسلمين وخروجهم عن إطار الشريعة في مثل هذه الأمور لا يعني ذلك النقص في الشريعة نفسها فالشريعة كاملة وهؤلاء الذين أساءوا إلى شريعة الإسلام ثم إلى إخوانهم المسلمين هؤلاء أساءوا إلى أنفسهم فقط والعاقل لا يجعل إساءة العامل سوءاً في الشريعة التي ينتمي إليها هذا العامل. كذلك هناك نقطة هامة نغفل عنها وهي أن الإعلام الغربي يركز دائما على كل ما هو حسن لديهم وإن قل، ويركز على كل ما هو سيئ لدينا وإن كان قليلاً، أما إعلامنا فيتجاهل كل ما هو خير لدينا وإن كثر، ويركز على مساوئنا والأكثر من ذلك أن إعلامنا يمجد أي فعل مهما صغر في الحضارة الغربية. ولذلك نقول إن الصور التي تصنع هي صنيعة الإعلام بامتياز.