يبدو أن الصيف في تونس سيكون اجتماعيا بامتياز، هذا ما تنبأت به الأخبار القادمة من جزيرة قرقنة التونسية، بمساحتها الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 160 كلم، والمحسوبة على ولاية صفاقس (شرق تونس)، الجزيرة أصبحت الشغل الشاغل للتونسيين وحديث الساعة بعد التدخل الأمني العنيف الليلة قبل الماضية. وتعود القضية الى اصرار سكان الجزيرة على التصعيد على خلفية فك اعتصام بشركة (بتروفاك) البريطانية التي تنشط في مجال التنقيب واستغلال الطاقة، وتقيم فرعا لها في قرقنة، لكنها تهدد بالرحيل لتضيف عبئا آخر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة. وخيّم هدوء نسبي على جزيرة قرقنة، صباح أمس، بعد تجدد المواجهات مساء الخميس بين وحدات الامن ومحتجين في محيط المحطة البحرية بسيدي يوسف، على خلفية منع عدد من أبناء الجزيرة مرور 6 شاحنات تابعة لشركة بيتروفاك، التي تتولى الوحدات الأمنية تأمين خروجها من ميناء سيدى يوسف بإتجاه محطة الإنتاج سرسيسنية بسيدي فرج. وأفاد شاهد عيان ل «اليوم» بأنّه على اثر تجدد الاحتجاجات بالجزيرة تمّ ايقاف عدد من المحتجين، مشيرا إلى تواصل حالة الاحتقان في صفوف الأهالي مرجحا عدم امكانية عودة الشاحنات التابعة لشركة بتروفاك إلى صفاقس؛ بسبب اصرار الأهالي على عدم مرورأي شاحنة عبر ميناء سيدي يوسف. من جهته عبّر عضو الاتحاد العام للشغل بصفاقس المنصف بن حامد في تصريح ل «اليوم» عن تفاجئه من عدم تمكين الاتحاد من ابلاغ المعتصمين بجزيرة قرقنة بفحوى اتفاق وصفه بالمقبول تم التوصل اليه الخميس بين مختلف الاطراف بمقر الولاية. وقال إنّ التعامل الأمني مع المحتجين يعدّ سابقة خطيرة، معلنا الابقاء على مكتب الاتحاد الجهوي (العام) للشغل في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع في الجزيرة. كما استنكر اتحاد الشغل المعالجة الأمنيّة في اعتصام الشباب بجزيرة قرقنة، مشددا على رفضه المطلق لاستعمال القوة في مجابهة الاحتجاجات الاجتماعيّة. وطالب الحكومة بإطلاق سراح المعتقلين، دعيا إلى انتهاج الحوار مع المحتجّين ومع مكوّنات المجتمع المدني للوصول إلى حلول تنموية شاملة تخرج جزيرة قرقنة من عزلتها وتقطع مع سياسة التهميش والإقصاء التي عانت منها لعقود وفق بيان أصدره امس. وحذر الاتحاد العام التونسي للشغل من الوضع الاجتماعي المتوتر الذي تعيشه ولاية صفاقس معتبرا إياه إنذارا بانفجار كبير بسبب ما وصفه بتصاعد الاجراءات التعسفية والعشوائية لعدد من المسؤولين. ويذكر أن فرع الرّابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان بصفاقس الشمالية قد ندد في بلاغ بما اعتبره الاستعمال المفرط للقوة تجاه المحتجين، بالإضافة إلى مهاجمة المحتجّين من قبل قوات الأمن بالطريق العام، وداخل المناطق السكنية بمنطقة مليتة بعد أن أخلى المحتجّون محيط شركة «بيتروفاك»، واستعمال القنابل المسيلة للدّموع بطريقة التّصويب المباشر نحو المواطنين على مستوى الرّأس والصّدر، ونحو المساكن بما أدّى إلى حدوث إصابات وحالات الاختناق خاصّة في صفوف النّساء المسنّات اللاتي جوبهن بالسبّ والكلام البذيء عندما حاولن الخروج من منازلهنّ لاستنشاق الهواء حسب نص البلاغ.