بدأت رحلتنا بالمشي في أزقة ديرة تاروت القديمة، حيث الساباط والبيوت التراثية التي تعود لأكثر من ثلاثمائة عام تقريبا، حيث اطلعنا على نمط المساكن التراثية في البلدة، ووقفنا على عدد من البيوت التراثية والتاريخية المهمة فيها. وفي الجولة توقفنا في مركز الزوار في حي الديرة، وكان البناء بالطراز المعماري الخليجي، استقبلنا المشرف السياحي في المركز وأخذنا في جولة بين ردهات المركز الذي يحتوي على عدة قاعات لتراث المنطقة، وبعد الشرح التفصيلي لتاريخ جزيرة تاروت، توجهنا للمجلس وهو مقر الضيافة في مركز الزوار، حيث قدم لنا مشرف المركز الضيافة العربية وبعض المأكولات الشعبية التي تشتهر بها المنطقة، وختمها بموجز عن تاريخ المنطقة وتراثها. بعدها توجهنا الى قلعة تاروت وهي قلعة دفاعية أقيمت على أعلى التلة، وتطل على مجمل نواحي جزيرة تاروت وحاراتها، ويرجح أن البرتغاليين بنوا القلعة في القرن السادس عشر الميلادي بين عامي 1515- 1521م، تقع القلعة على تل مرتفع عثر فيه على آثار قديمة من ضمنها تمثال الملكة الفينيقة عشتار ، ويعتقد أن هذا التل يقع تحته معبد الملكة عشتار، حيث قامت ببنائه بعدما طردها الملك من بلاد ما بين النهرين. ويقال أيضا: إنها بنيت على أنقاض هيكل عشتاروت من آلهة الفينيقيين بجوار عين ماء اشتهرت باسم (عين العودة ) في القرن السادس عشر الميلادي، على أنقاض سابقة تعود إلى حوالي خمسة آلاف سنة، تم العثور على العديد من المقتنيات الأثرية ذات الدلالة التاريخية، التي تم اكتشافها في منطقة قصر تاروت الأثري، وتم ايداعها في المتحف الوطني بالرياض. وكان آخر ما اكتشف مدفع حربي قديم، يعود تاريخه لنفس الحقبة الزمنية، وهو موجود في متحف الدمام الإقليمي. تطل قلعة تاروت على واحة من النخيل والبساتين الجميلة، وتكسو الأرض مساحات خضراء، واستغلت هيئة السياحة المساحة الغربية للقلعة لتقيم عليها سوقا شعبيا للحرفيين، وهناك استمتعنا كثيرا، حيث توجد الهدايا المصنعة بأيد وطنية من الحرفيين، ووجدنا محلات لبيع التحف التذكارية لنجلبها لأصدقائنا، وفي الختام استرحنا في المقهى الشعبي، وتناولنا أطراف الحديث حول ما شاهدناه خلال زيارتنا التاريخية، وما تم إنجازه للحفاظ على تراث وتاريخ المنطقة. وشربنا اكوابا من الشاي الأخضر وأصدقائي شربوا الدارسين والنعناع، وغادرنا، وحينما وصلنا لبيوتنا تيقنا أن ذلك مجرد حلم عاشق، بعد وداع قلعة الملكة عشتار ، توجهنا الى رحلة من أجمل الرحلات ... وللحديث بقية.