يدعم الموظف سيد أبو الحسن، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بقوة، فقد أعطاه وجل أسرته أصواتهم في الانتخابات الرئاسية، كما انه مؤيد كبير لكافة قراراته السياسية والاقتصادية، إلا أن هذه الثقة تتلاشى تماما حين يتعلق الأمر بالبرلمان الذي يتهمه بعدم الاحساس بمشاكل المواطنين مثل الرئيس. ويقول أبو الحسن داخل أحد المقاهي المزدحمة بمنطقة روض الفرج بضاحية شبرا (شمال القاهرة): "هذا البرلمان لا يشعر بمشاكلنا وآلامنا مثلما يشعر الرئيس السيسي. فالنواب لا يهمهم الا مصلحتهم الشخصية". برلمان بدون حزب حاكم ويعد تشكيل البرلمان الجديد مختلفا عن جل برلمانات مصر السابقة، فهو أول برلمان بدون حزب حاكم، أو أغلبية مطلقة لحزب جماهيري، حيث لم يحصد أي من الاحزاب المشاركة على غالبية مقاعد البرلمان والبالغ عددها 596 مقعدا. وطبقاً للدستور المصري الجديد الذي وافق عليه المصريون بأغلبية ساحقة في استفتاء في يناير 2014، فإن هذا البرلمان يحق له تشكيل الحكومة في حال عدم موافقته على رئيس الحكومة، بالإضافة الى حقه في سحب الثقة من الرئيس ومن الحكومة، وبذلك فانه يستحوذ على سلطات لم تكن بحيازته من قبل. والأغلبية الساحقة لأعضاء البرلمان تؤيد الرئيس السيسي صاحب الشعبية الكبيرة الذي فاز بأغلبية ساحقة في الانتخابات التي جرت في مايو 2014، ولا يزال يحظى بثقة غالبة المصريين. وكانت نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات التي لم تتجاوز 29.3٪ إشارة على عدم اهتمام المصريين بالبرلمان في وجود رئيس قوي وذي شعبية كبيرة مثل السيسي. فوضى ولا يشعر غالبية المواطنين بالثقة في البرلمان الجديد خاصة مع تكرار المشاحنات والصراعات بين اعضائه التي وصلت الى حد ضرب عضو لآخر بالحذاء داخله. ويلجأ رئيس البرلمان علي عبدالعال استاذ القانون لرفع جلسات المجلس لمدة عشر دقائق للسيطرة على المشادات التي تنشب بين الاعضاء، ليعود للمناقشة مرة اخرى عقب هدوء قاعة البرلمان. ويقول النائب محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، في تصريح ل "اليوم": إن "المهاترات التي يدخل فيها بعض النواب غير مقبولة ولا نرضى بها. اتمنى ان يفهم النواب ان هذا ليس مقبولا ايضا من الشارع المصري". أزمة اقتصادية وتعاني مصر من ازمة اقتصادية خانقة منذ اطاحة مبارك في العام 2011 بسبب انحسار الاستثمارات الاجنبية وتراجع عائدات السياحة ما قلص من احتياطي مصر من العملات الاجنبية بشكل لا يكفي احتياجات البلاد لأكثر من 3 اشهر مقبلة. ويقع 26.3% من السكان في مصر تحت خط الفقر (يعيش الفرد باقل من 1.4 دولار يوميا) وفقا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي المصري بداية العام الحالى. هذا الوضع الاقتصادي الصعب الذي يشكو منه السيسي في كل خطاباته لم يمنع 221 نائبا بالبرلمان من التقدم بطلب لاحتساب بدل الجلسة بالساعة، بالإضافة لتخصيص بدلات للانتقال والمبيت والتغذية والمظهر والعلاج والانتقال. ومن المقرر ان ترتفع مستحقات النواب من 5 آلاف جنية إلى 15 ألف جنيه طبقاً للائحة الجدية في الوقت الذي ينتظر فيه الكثير من المصريين ان ينحاز البرلمان لهم ويرفع عن كاهلهم أعباءهم الاقتصادية. وهو ما بدا مستفزا لقطاع كبير من المواطنين. وتقول السيدة الستينية الهام اسماعيل التي كانت تسير ببطء ويبدو عليها الوهن قرب مقر البرلمان "معاش زوجي 167 جنيها (18.5 دولار أمريكي) ولا يكفي لسد جوعي او شراء ادويتي". قبل ان تضيف "كل ما أريده منهم أن يزيدوا معاشي لا بدلاتهم". استياء الموظف أبو حسن (54 عاما) زاد بمناقشة مقترح النواب بزيادة البدل، فهو يقول بغضب "لا أطالب الحكومة والبرلمان بشيء سوى وقف زيادة الأسعار. السيسي دوما يتحدث عن تقليل الاسعار وهم لا ينفذون كلامه". واضاف ابو الحسن الاب لثلاثة ابناء بمراحل التعليم المختلفة بحسرة "أنا موظف بوزارة الزراعة، كل ما اريد ان تقوم الحكومة بوقف زيادة الاسعار التي اصبحت في العالي والمرتب ثابت لا يتغير خاصة بعد ازمة الدولار". وارتفعت اسعار العديد من السلع الاساسية 15٪ على الاقل مع قرار الحكومة المصرية تعويم الجنيه الاسبوع الماضي بمقدار 114 قرشا. وأمسك الموظف في شركة خاصة محمود العربي (60 عاما) بأطراف الحديث قائلا بإحباط "نريد برلمانا يتعارك من اجل مصالح المواطنين لا من أجل مصالح النواب". وهذا أول برلمان مصري منذ الاطاحة بالرئيس الاسبق محمد مرسي المنتمي للإخوان، الجماعة التي سيطر حزبها السياسي على البرلمان السابق الذي جرى حله. مناقشة القوانين تشريعيا، استغرق البرلمان المصري اربعة ايام؛ لمناقشة 342 قانونا سبق واصدرها الرئيس الحالي السيسي والرئيس المؤقت عدلي منصور في غياب البرلمان. بدأ البرلمان في السابع عشر من يناير الفائت في مناقشة مئات القوانين لينتهي منها في العشرين من الشهر نفسه، موافقا على جلها إلا واحدا أثار غضب موظفي الدولة. ثم دخل البرلمان في مرحلة جديدة في الدورة التشريعية بمناقشة اللائحة الداخلية للمجلس، وهي ما شهدت مشادات وانسحابات بين اكبر كتلتين فيه ائتلاف "دعم مصر" المؤيد القوي للسيسي وحزب المصريين الاحرار اكثر الاحزاب حصولا على مقاعد في البرلمان ب 65 مقعدا. وحتى الآن لا توجد اجندة تشريعية واضحة المعالم للبرلمان في وقت اصبحت قوانين للتأمين الصحي وتنظيم الاسعار والايجارات (للمساكن الشخصية) وتنظيم الاعلام وغيرها من القوانين حاجة ملحة للمصريين. وبرر النائب المستقل بدوي دسوقي هذه الجلبة التشريعية داخل البرلمان المصري بقلة الخبرة السياسية للنواب. وقال دسوقي ل "اليوم" إن: "هنا عددا من الأعضاء ليس لديهم الخبرة والحنكة السياسية ولا يحاولون اكتسابها، حتى ان من يثيرون الجدل لا يعلمون مواد الدستور أو اللائحة الداخلية".