أرجأ البرلمان المصري إلى السبت المقبل مناقشة تعديلات على لائحته الداخلية، ما سيؤدي إلى تأخير إلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمته لافتتاح الدورة البرلمانية ومن ثم عرض حكومة شريف إسماعيل برنامجها إلى الشهر المقبل. وكان مجلس النواب انعقد أمس بعد فترة من الغياب، في جلسة كانت مقررة لمناقشة التعديلات على اللائحة الداخلية التي أجرتها لجنة قانونية برئاسة النائب بهاء أبو شقة. لكن رئيس البرلمان علي عبدالعال تجاهل عرض مشروع اللائحة المعدلة، مكتفياً في جلسة أمس بالتصويت على طلب رفع الحصانة عن ثلاثة نواب هم حسين عيسى (من النواب المعينين)، ومحمد بدوي دسوقي عن دائرة الجيزة، وعبدالرحيم علي عن دائرة الدقي والعجوزة، وهو ما رفضته الغالبية. واعتمد المجلس محاضر الجلسات التي عقدت الشهر الماضي لتمرير القوانين التي كان أصدرها السيسي وسلفه الموقت عدلي منصور في غياب البرلمان، قبل أن يرفع عبدالعال الجلسة، على أن يعود البرلمان للانعقاد مجدداً السبت المقبل. وعزا أبو شقة إرجاء عرض مشروع تعديل اللائحة على البرلمان إلى «الحاجة إلى بعض الوقت للصياغة القانونية». وأوضح ل «الحياة» أن «اللائحة الجديدة تضم نحو 400 مادة، جميعها نوقشت وسط أجواء ديموقراطية داخل اللجنة، وسعينا إلى أن تخلص اجتماعاتنا إلى لائحة توافقية». وأكد الانتهاء من التعديلات على اللائحة القديمة «لكننا نحتاج بعض الوقت لضبط الصياغة الدستورية لها قبل أن يتم توزيعها على النواب للبحث فيها قبل الجلسة العامة... نسابق الزمن حتى نصل إلى لائحة لا تتعارض مع الدستور». وتوقع عرض اللائحة المعدلة السبت المقبل على البرلمان للنقاش، قبل أن يعرضها بدوره على مجلس الدولة لمراجعة صياغتها قبل تمريرها. ووفق الدستور، «يضع مجلس النواب لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه وكيفية ممارسته اختصاصاته والمحافظة على النظام داخله، وتصدر بقانون». ووفقاً لهذا المسار، فإنه لا يتوقع أن يتم تمرير اللائحة قبل أواخر الشهر الجاري، ليدخل البرلمان بعدها في معركة تشكيل لجانه التي تمت زيادتها في اللائحة المعدلة، ما يعني إرجاء الكلمة التي سيلقيها الرئيس داخل البرلمان ليفتتح بها الدورة البرلمانية إلى الشهر المقبل، ثم يتبعها عرض حكومة شريف إسماعيل برنامجها الذي ستتم مناقشته داخل اللجان البرلمانية قبل التصويت عليه. وكان الناطق باِسم مجلس الوزراء حسام القاويش أكد أن البرنامج الحكومي «جاهز للعرض على البرلمان، لكننا في انتظار تحديد موعد عرضه». ووفقاً للتعديلات على مشروع اللائحة التي اطلعت عليها «الحياة»، زاد عدد اللجان النوعية في المجلس إلى 28 لجنة، بعدما كانت في الماضي 19 لجنة. وبين اللجان المستحدثة لجان للشؤون الأفريقية، والنزاهة والشفافية، والطاقة والبيئة، والتعليم العالي والبحث العلمي، والشؤون الاجتماعية والأسرة وذوي الإعاقة، والثقافة، والإعلام، والسياحة والآثار، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر. واستحدثت مادة لتنظيم تشكيل الائتلافات البرلمانية، وألزم المشروع المعدل الائتلافات الناشئة ب «ألا يقل عدد أعضائها عن نسبة 25 في المئة من أعضاء البرلمان (150 عضواً)، كما اشترط تمثيل 15 محافظة منهم 3 أعضاء على الأقل من كل محافظة ترشحوا على مقاعدها، ولا يجوز لعضو الانضمام إلى أكثر من ائتلاف في الوقت نفسه، على أن يختار كل ائتلاف ممثلاً له، وله الحق في تشكيل هيئة برلمانية ويتم ضم ممثله إلى اللجنة العامة في المجلس». ونصت التعديلات أيضاً على أنه «إذا تشكل الائتلاف من حزبين أو أكثر ومجموعة من المستقلين، احتفظ الحزب بممثله في اللجنة العامة وسائر أوضاعه الأخرى متى كانت له هيئة برلمانية». وأكدت أن كل نائب «له حق الانضمام والانسحاب من الائتلاف في أي وقت»، فيما رهنت تشكيل هيئات برلمانية للأحزاب ب «تمثيل الحزب بخمسة أعضاء على الأقل داخل البرلمان». وألزم المشروع البرلمان بعرض القوانين على مجلس الدولة، «لمراجعتها وصياغتها، بعد الموافقة عليها في مجملها وقبل أخذ الرأي النهائي فيها داخل البرلمان»، فيما أجاز لرئيس البرلمان أن يطلب نظر مجلس الدولة في مشروع القانون «بطريق الاستعجال». وحدد جلسات مجلس النواب أيام الأحد والاثنين والثلثاء من كل أسبوع، إلا إذا قرر المجلس غير ذلك. وفي ما يتعلق بتنظيم إلقاء النواب كلماتهم داخل القاعة، أعطت التعديلات رئيس البرلمان حق منع أحد الأعضاء من الكلام طوال الجلسة وتوجيه اللوم إليه إذا أخل بنظام الجلسة، كما أعفت النواب ذوي الحاجات الخاصة من التحدث من خلال المنبر في الحالات التي تتطلب ذلك ليكون مسموحاً لهم بالتحدث من مقاعدهم. ونصت على تشكيل لجنة القيم من 14 عضواً نصفهم على الأقل من غير المنتمين إلى الحزب أو الائتلاف الحاصل على الأكثرية. وقصر المشروع حق طلب رفع الحصانة عن الأعضاء على مجلس القضاء الأعلى. وحدد المكافأة الشهرية لكل نائب ب15 ألف جنيه مع زيادتها سنوياً بنسبة 10 في المئة، كما أن مكتب المجلس «يحدد قيمة البدلات التي تساعد العضو في أداء مهامه، بحيث لا يتعدى إجمالي ما يحصل عليه العضو الحد الأقصى للأجور». وأشار إلى أن «تلك المستحقات معفاة من الضرائب والرسوم، ولا يجوز التنازل عنها». وحظرت التعديلات على أعضاء البرلمان الجمع بين العضوية وممارسة مهام الوظيفة العامة في الحكومة والقطاع العام. لكنها اعتبرت أن «إلقاء الدروس والمحاضرات وحضور المؤتمرات ومناقشة الرسائل العلمية، لا يعد ممارسة لمهام الوظيفة». كما ألزمت الأعضاء بعدم الغياب أكثر من 3 جلسات شهرياً «إلا إذا حصل النائب على إجازة»، فيما على النواب الممثلين للمصريين في الخارج حضور جلستين على الأقل شهرياً. من جهة أخرى، التقى السيسي في القاهرة أمس وفداً من البرلمان الأوروبي برئاسة رئيس لجنة العلاقات الخارجية النائب الألماني إلمار بروك، وناقش معه «تنشيط البُعد البرلماني في علاقات مصر بالاتحاد». وشدّد السيسي خلال اللقاء الذي شاركت فيه مستشارته لشؤون الأمن القومي فايزة أبو النجا، على «أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي لوقف إمدادات المال والسلاح للجماعات الإرهابية المتواجدة في عدد من دول المنطقة، أخذاً في الاعتبار أن الدول المتقدمة التي تتمتع بقدرات سياسية واقتصادية ضخمة تقع عليها مسؤولية تتناسب مع حجم قدراتها للتصدي لمثل هذه الممارسات»، وفق بيان رئاسي مصري. وكرّر دعوته إلى»مواجهة شاملة للإرهاب لا تتوقّف عند حدود المواجهات العسكرية والأمنية، وإنما تشمل أيضاً التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والدينية»، مشيداً بدور الأزهر في «تصويب الخطاب الديني باعتباره منارة للإسلام الوسطي المعتدل الذي يحض على الرحمة والتسامح». وأكد أن «التنوع والتعدد يُعدَان مصدراً للثراء الإنساني، وهو ما تسعى مصر إلى غرسه في المجتمع من خلال إعلاء قيمة قبول الآخر واحترامه». وأوضح البيان أن الرئيس المصري نوّه خلال اللقاء ب «العلاقات القوية التي تجمع بين مصر والاتحاد الأوروبي، كشريك رئيس في مواجهة كثير من التحديات، سواء على الصعيد الدولي أو في إطار منطقة المتوسط، وفي مقدمها مكافحة التطرّف والإرهاب». وعرض «تطورات الأوضاع التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية»، منوهاً بإنجاز استحقاقات خريطة المستقبل وتشكيل مجلس النواب الجديد، «وهو الأمر الذي سيتيح الفرصة لتنشيط البُعد البرلماني في علاقات مصر بالاتحاد الأوروبي عبر التعاون بين البرلمانين». ونقل البيان عن رئيس وفد البرلمان الأوروبي تنبيهه إلى «أهمية مواصلة عملية الإصلاح الديموقراطي» في مصر، «كما أشاد بالدور الإيجابي الذي تقوم به مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي، وعلى جهودها المبذولة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في منطقتيّ الشرق الأوسط وجنوب المتوسط».