سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ينظم اللقاء الأول من لقاءاته الدورية للحوار مع المفكرين والمثقفين استضافة الشيخ صالح بن حميد للحديث عن الاختلاف والتعايش
نظّم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني لقاءً مع معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المستشار بالديوان الملكي، وإمام وخطيب المسجد الحرام، للحديث عن "الاختلاف والتعايش وآثارهما على الوحدة والسلم الاجتماعي"، مساء أمس الأول بحضور نخبة من المفكرين والمثقفين. وفي بداية اللقاء الحواري الأول في هذا العام، الذي يجمع أهل العلم والثقافة، رحب معالي الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بالحضور، مؤكداً أن اللقاء يأتي ضمن مشروع التوجهات المستقبلية للمركز لمساندة الجهود الأمنية وتعزيز اللحمة الوطنية. وأوضح أن المركز سيستمر خلال الفترة المقبلة في استضافة العلماء والمثقفين لطرح أفكارهم وآرائهم حيال موضوعات شتى لا سيما ما يشغل الرأي العام في المجتمع السعودي، مثل التعايش والاختلاف وآثارهما على الوحدة الوطنية الذي تعتبر من أعمق القضايا التي تواجه المجتمع. وتناولت محاضرة معالي الشيخ صالح بن حميد عدة محاور وموضوعات لها علاقة بمفهوم التعايش وسنن وفوائد ووسائل التعايش ومظاهره في الإسلام. وأوضح في بداية حديثه أن موضوع الاختلاف والتعايش هو من "السهل الممتنع بحكم الناظر إليه"، لكنه أيضاً وبعد إمعان نظر وتدقيق أكثر يجد الباحث فيه تشعبا واتصالا بموضوعات أخرى يصعب حصرها. وبيّن أن تعريف التعايش يعود إلى الألفة والمودة كما هو في اللغة، بينما اصطلاحاً يُقصد به قبول الآخرين وسلوكهم المتآلف مع التسليم بمبدأ الاختلاف لكل من تعايشه في الحياة. وأشار فضيلته إلى أن مفهوم التعايش يتطلب الاتفاق على تنظيم وسائل العيش وتمهيد السبل المؤدية لذلك، فالإنسان عندما يعيش وحده "نستطيع أن نقول إنه يعيش، ولكن لا نقول إنه يتعايش إلا عندما يخالط الناس ويندمج معهم"، فالتعايش لا يكون مع كيان شخصي وهوية خاصة يُحافظُ عليها ولا يقبل التنازل عنها، وعلى ذلك يجب أن تكون هناك مرونة في التعايش ويكون المبدأ هو التسامح واتخاذ الحوار والقبول سبيلاً للعيش بين الناس وبين الأجناس على اختلافهم. وحول أفكاره عن مفهوم التعايش أورد إمام وخطيب المسجد الحرام مجموعة من العبارات المختصرة التي يجب على المسلم إدارك معانيها وفهم مبتغياتها، منها أن قناعة الإنسان لا تلزمه أن يُقنع من حوله من أولاده وزوجته فهم ليسوا كتفكيره ونظرته تجاه الحياة فعلى المرء أن يؤمن بهذا الاختلاف في نطاق أسرته الصغيرة، بينما على النطاق الأوسع يجب على المسلم أن يؤمن ويُقر بأن الاختلاف سنة من سنن الله الجارية في الخلائق من حيث اختلاف أذواقهم وسلوكهم ومعايشهم، فمعرفة نمط الناس هو التعايش الإيجابي معهم وليس لتغييرهم بالقوة، وليست مهمة الإنسان تغييرهم ولا إجبارهم. كما قال إن فهم الآخر لا يعني القناعة، فالفهم شيء والقناعة شيء آخر، كذلك النقاش والحوار غايته التعايش والتعارف وليس للإلزام، فالله لم يكلف الرسل بإلزام الناس وإقناعهم بل تكمن مهمتهم بتبليغ رسالات ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وقال فضيلته "علينا أن لا نقتصر في حكمنا على الأشخاص من خلال ألفاظهم وسلوكياتهم العابرة التي قد تصدر بعفوية ودون تمعن وروية". وشّدد ابن حميد على أن الناس مهما كانوا فإنهم مختلفون في الأذواق والقناعات "فلا يتم إجبارهم على القناعة بما نعتقد أنه الصواب"، فقد جعل الله الناس مختلفين ليس للتفاضل ولكن جعلهم مختلفين من أجل تحقيق المنافع فيما بينهم ومن أجل تعدد الثقافة والمعرفة والمسارعة في عمل الخيرات والتنافس عليها. وبيّن أن من قواعد الاختلاف أن نفكر بطريقة منفتحة لأننا بهذه الطريقة سيكون لدينا خيارات واسعة لحل مشاكلنا وقضايانا، بينما "التفكير بطريقة ضيقة لا ينتج إلا خيارات ضيقة" لا تتناسب مع طبيعة ما يطرأ من قضايا عصرية يصعب معالجتها بالفكر الضيّق. وأضاف ابن حميد أن التعايش ينطلق من "الأخوة وسلامة الصدر والمساواة والمحبة والتواصي بالخير والصبر"، فإذا اقتنعت الأمة والجماعة به فإن ذلك يقود إلى الانسجام والوحدة والعيش الكريم، منبها أن مفهوم المساواة لا يعني التماثل بل هو مفهومٌ يُقرر التكامل والإخاء بين المجموعة. واستعرض ابن حميد في لقائه بعض الصور لتعايش الرسول صلى الله عليه وسلم مع المنافقين في المدينة ونوه إلى وجوب الرد على المخالف وتبيان ما يعتقده المسلم وفق منهج الكتاب والسنة، وأن يحاول جاهداً الوصول إلى تحقيق المصلحة العامة لجماعة المسلمين.. وقد شارك باللقاء عدد من العلماء والمفكرين الذين أثروا اللقاء بمداخلاتهم وأسئلتهم حول الموضوع ومحاوره.