الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    "الجمارك" في منفذ الحديثة تحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة "كبتاجون    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    استنهاض العزم والايجابية    الملافظ سعد والسعادة كرم    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    أرصدة مشبوهة !    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    إطلالة على الزمن القديم    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    فعل لا رد فعل    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطراف صهيونية واستعمارية تؤجج الخلاف الإسلامي
متهما النخبة والمثقفين بتفرقة الأمة ..أحمد الكاتب ل «عكاظ»:
نشر في عكاظ يوم 06 - 08 - 2009

في كل مناسبة أو مؤتمر تزدحم أجندة الصحفي بالكم الكبير التي تحويه من علماء ونخب ومثقفين ومفكرين خصوصا إذا كان المؤتمر يحظى برعاية ملكية ويحضره صفوة الصفوة ويحتار مع من يبدأ فالفرصة لدى الصحفي أحيانا لاتتكر وقد تلتقي بأشخاص سمعت عنهم أو شاهدتهم أو قرأت لهم ويبقى في النهاية الخيار صعبا فيمن تلتقى.
ووسط هذا الحشد الكبير الحاضر لمؤتمر الحوار في مكة لاح لي شخص مختلف صاحب معارك فكرية وصاحب مؤلفات في السياسة والفكر والتاريخ خاض حروبا ضرورسا لإبراز مواقفه الشخصية ورغم أنه ليس مشهورا إلا أنه لدى العارفين يعتبر علما على رأسه نار فهو صاحب كتاب
(التطور الفكري السياسي السني) و (التطور الفكري السياسي الشيعي) وغيرها من المؤلفات النادرة في الطرح والعمق إنه المفكر والباحث العراقي أحمد الكاتب الذي هجر العراق وعاش في لندن بعد خروجه على بعض مبادئ الفكر الشيعي مثل ولاية الفقيه وغيرها، التقيته وأبحرت معه في هذا الحوار:
ما تعريفك لتعبير «الإصلاح الديني»؟ وهل تعتبر الإصلاح الديني حاجة لوقت محدد، أم حركة استمرارية ضرورية؟
هناك ثوابت أساسية في الدين الإسلامي، كالتوحيد والنبوة والمعاد والقيم الأخلاقية والأحكام، لا يمكن المساس بها، وهي ليست مجالا للإصلاح والتجديد؛ لأن ذلك يعني الخروج عن الإسلام. إنما هنالك كثير من الأفكار والعادات والتقاليد التي استنبطها المسلمون، أو اخترعوها وأدخلوها في المنظومة الإسلامية، وأضفوا عليها مسحة دينية، حتى حسبها اللاحقون من الإسلام، وهي ليست كذلك، وبالتالي فهي مجال خصب للإصلاح والتجديد. وبما أن عملية الاستنباط الخاطئ، أو إدخال ما ليس من الدين في الدين، عملية مستمرة، فإن عملية الإصلاح لا بد أن تستمر.
هل يمكن تحقيق حوار وتقارب بين الأديان في ظل وجود انقسام داخلي بين المسلمين، فهناك تراجع في الحوار السني الشيعي والحوار مع طوائف إسلامية أخرى؟ كيف ترى مستقبل هذا الحوار في ظل تعدد الرؤى؟
إذا كانت هناك مشكلة داخلية فإن هذا لا يمنع من وجود الحوار، تعداد المسلمين يفوق المليار ونصف المليار شخص موزعين في أكثر من 50 دولة في العالم، ولهم علاقات واحتكاكات مع كثير من الشعوب والحضارات الأخرى، وإذا كانت هناك مشكلات بين المسلمين فهذا لن يمنع الحوار مع الآخر والتفاهم معه حول قضايا إنسانية مشتركة، ولو أن هذا يحتم علينا كمسلمين أن نبادر إلى حل مشكلاتنا والاعتدال في النظر إلى الآخرين، والتنازل والتخلي عن الغرور الذي يميز كثيرا من الناس، وكل واحد منهم يعتبر نفسه على حق مطلق وغيره على باطل مطلق، وأن ينظروا إلى ما لدى الآخرين من إيجابيات وينظر بعين الإنصاف لسلبياته ويعمل على تصحيحها وحلها، فمحور الحوار الداخلي مطلوب بين المسلمين ، والبعض للأسف يصف غيره من الطوائف الإسلامية بالكفر والخروج عن الدين ويصور الخلاف الداخلي مع الطوائف الأخرى بأنه خلاف جوهري عن الدين والعقيدة، وأنه لا يمكن الالتقاء مع
الآخرين، قد نرى البعض يجيز الزواج من الكتابية لكنه يحرم الزواج من الطائفة المسلمة الأخرى التي تخالفه الرأي.
الحوار الداخلي
بهذا ترى أن الحوار الإسلامي الداخلي لم يحقق حتى الآن نتائجه المأمولة في ظل وجود أصوات منغصة لاستكمال مسيرة الحوار الإسلامي الداخلي؟
هناك في بعض الأحيان نشاهد حوارا لغته الدم والتفجيرات. مسؤولية من هذه الأحداث؟
المسؤولية مشتركة وينبغي أن يبادر العقلاء إلى حل هذا الخلاف الذي لا يجب السكوت عليه حتى لا يتطور ويصل إلى مراحل أخرى، نحن نعاني من ضيق الأفق. هناك من المسلمين من يكفرون بعضهم البعض بسبب الخلافات الفكرية.
وهناك كثير من العلماء الأجلاء والعقلاء الذين يرفضون هذه التصرفات، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله رفض التكفير بالعموم وبالشبهات، هاتان النقطتان مهمتان جدا.
نستشف من حديثك أن الحوار لم يعط ثمارا حقيقية بسبب طغيان المصالح الآنية على الحوار، هل هناك أطراف تقوم بتجنيد بعض أنصار الطائفتين السنية والشيعية لإذكاء نار هذه الحرب، وكيف يمكن لعقلاء الطوائف أن يحلوا هذه الإشكالية؟
بالطبع هناك تيارات متعددة في كل مجتمع وكل طائفة. هناك تيارات تحاول تذويب هذه الخلافات والتقريب بين المسلمين، وبالمقابل هناك تيارات متطرفة تحاول تفجير هذه الخلافات وتذكي أوارها، والمخططون الإستراتيجيون الأمريكيون ومنذ احتلال العراق كانوا يرون ضرورة اتباع سياسة فرق تسد للسيطرة على العراق وعلى المنطقة، وهذه السياسة قديمة وحديثة في نفس الوقت، كما أن أطرافا استعمارية وصهيونية تحاول تأجيج الخلافات الإسلامية وتضخيمها إلى حد الاقتتال الداخلي وتخرب على من يدعو للحوار وكانت مبادرات الملك عبد الله للحوار مفيدة جدا، وبذلت فيه جهود جبارة من أجل تقريب وجهات النظر وجمع المسلمين على كلمة واحدة من أجل الانطلاق لمحاورة الآخرين خصوصا أن هناك من لا يريد لهذا الحوار أن ينجح ويسعى لعرقلة هذه المؤتمرات.
معايشة الغرب
بصفتك أحد المعايشين للغرب كيف ترى مستقبل الحوار الإسلامي مع أتباع الأديان الأخرى خصوصا في ظل نزعة سياسية للقضاء على الوجود الإسلامي في أوروبا والانتهاكات اليهودية الصارخة بحق الشعب الفلسطيني، كيف يمكن أن نؤسس لمثل هذا الحوار في ظل غلبة السياسة على الدبلوماسية؟
أنا أعيش في مدينة لندن التي تقطنها 300 جالية تتحدث 300 لغة ولهجة، وهناك مئات الأديان التي تتعايش في هذه المدينة، وهؤلاء يتعايشون مع بعض؛ لأن النظام الديمقراطي يقر ذلك ولأن هناك عدالة ومساواة ونظاما يسمح بالتعايش السلمي، ولا أحد يشعر أنه مقصي أو مغلوب على أمره أو مهان أو محتقر. وكل الناس متساوون، لذلك يرحبون دائما بأي تفاهم وهناك علاقات إيجابية بين هذه الجاليات، حتى لو كانت هناك بعض الجاليات المنعزلة عن الآخرين إلا أنها لا تحاول إقصاءهم أو الاعتداء عليهم، وتبقى الساحة مفتوحة للجميع، وهذه تجربة إنسانية علينا أن نستفيد منها لأن هذه هي قيمنا الحقيقية، ومن أهم مبادئ الإسلام وقيمه الشورى والعدالة والحرية واحترام الطرف الآخر، لو انعدمت هذه المبادئ وسادت السيطرة العسكرية على الآخر وغلب أهل طبقة أو طائفة على من سواهم، هنا تنعدم العدالة وتغيب الحرية وتتوارى المساواة. هذا الوضع يتسبب في ظهور البغضاء بين الناس ومن ثم يحدث الانفجار. وهذه المفاهيم غائبة عن بلادنا للأسف مع أنها قيمنا الحقيقية.
ومن الأشياء المؤسفة أنه حتى الأقليات الدينية مثل البوذيين والهندوس لهم كلمة ويجدون التقدير في المؤسسات الدولية وهذا ما ينقص المسلمين لأنهم متفرقون ومتصارعون ومتناحرون.
التطور الفكري
في كتابك (التطور الفكري السياسي السني) ربما كانت هناك لمحة طائفية وقد أخذ عليك البعض هذا التوجه وربما وصلك بعض العتاب، ما رأيك في طغيان النظرة الشيعية على الوضع السني؟
عندما انتقدت الوضع السياسي الشيعي لم أنتقده من وجهة نظر سنية بل فعلت ذلك لمصلحة الشيعة، ذكرت أن هناك ثغرات ومثالب في الفكر السياسي الشيعي يجب أن يتم علاجها وعلى هذا الفكر أن يتطور نحو الأفضل، كذلك عندما انتقدت الفكر السياسي السني في كتابي الثاني لم أنتقده من زاوية شيعية، بل قمت بذلك انطلاقا من وجهة نظر سنية ولمصلحة السنة أيضا.
وقلت إن هناك مشكلات يعيشها السنيون أو الشيعيون، وعندما نقوم بالنقد البناء يكون ذلك لمصلحة الطرفين، وأنا لم أخض في الجدل السني الشيعي ولم أؤيد في كتابي نظرية الإمام الإلهية ولست الوحيد الذي انتقد هذه الجوانب وقدم هذه الملاحظات، إنما قمت برصد الحركة النقدية داخل السنة أنفسهم للفكر السياسي السني وذكرت أنهم متجهون نحو فكر سياسي ديمقراطي.
بعيدا عن نظام الشورى؟
هي الشورى نفسها، وكانت الشورى غائبة في مراحل من الفكر السياسي السني عندما برزت مقولة (من اشتدت وطأته وجبت طاعته).
هل تقر بأن السياسة الشيعية كانت قائمة على مبادئ فقهية لقيادة الشعوب أو التحكم فيها، وهل ولاية الفقيه أداة للسيطرة التامة للقادة السياسيين أو الدينيين على رقاب الشعوب؟
لا أقول ذلك، وإنما أقول إن الفكر السياسي السني والشيعي هما فكران حزبيان قديمان ،والآن يتجه الجميع نحو فكر سياسي جديد يقوم على الديمقراطية وعلى العدل والحرية والمساواة، وهذا الفكر هو بديل للفكر الطائفي. لسنا بحاجة للتشبث كثيرا بالأفكار التي أنتجتها القرون الماضية وكانت بعيدة حتى عن الإسلام في تفسيراتها وتأويلاتها.
أنت تتحدث عما يشبه الحلم وليس له وجود على أرض الواقع؟
أبدا، ما أقوله موجود في بلدان عديدة بنسب متفاوتة. في باكستان لا تمييز بين السنة والشيعة. هناك حكم ديمقراطي وتجربة سياسية واحدة تجمعهما معا على أساس المساواة في الحقوق المختلفة مثل الاقتراع في الانتخابات والعدالة والمساواة للجميع، وهناك تجربة جديدة في العراق، حتى ولو كانت بها ثغرات ولكن ينتظر منها أن تتطور وهي تجمع بين السنة والشيعة، وهناك مشاركة وعيش مشترك في أماكن أخرى.
إنتقاد السلفية
يقال إنك انتقدت السلفية، ما هو ردك؟
-لم أسمع ردا من الإخوة السلفيين الأعزاء على كتابي الذي عرضته عليهم مسبقا وحتى في تحليلي الذي اتبعته في كتابي (الفكر السياسي الوهابي .. قراءة تحليلية). استعرضت نظرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب حول توحيد البلاد وأمور كثيرة وبها جوانب إيجابية كثيرة ،وذكرت أن المشكلة الحالية عند البعض. هناك تيارات عديدة في الحركة الوهابية ولكن التكفير هو المشكلة. كثير من المشايخ (الوهابيين) يتفقون معي في ما قلته. وأنا هنا لا أستخدم مصطلح (الوهابيين) للمدح أو الذم. هناك من يتفق معي في وجود مشكلة في قضية التكفير.
ولكن هناك جهودا كثيرة من الحكومة السعودية خاصة أن خادم الحرمين الملك عبد الله يدعو إلى نبذ العنف واتباع أسلوب الحوار؟
بالضبط أنا ذكرت ذلك وقلت إن هذا التيار موجود وهو يعاني من التكفير. التيار المعتدل يتمثل أيضا في رابطة العالم الإسلامي التي جمعت كل المسلمين. هناك من يعترض على هذه التوجهات ويقول بعدم وجود مسلمين خارج الدائرة الوهابية. هؤلاء فئة صغيرة.
في المقابل هناك مراجع من الشيعة في قم يمارسون التكفير ضد مخالفيهم؟
ونحن ننتقد هؤلاء أيضا بمثل ما ننتقد الآخرين. أينما نجد تطرفا أو تكفيرا أو عنفا فإننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بالحسنى.
الفكر السياسي الإسلامي
ماذا ينقص الفكر السياسي الإسلامي بشكل عام حتى يكون فكرا محترما يقنع الآخرين وله مكانة مرموقة. البعض يعترض على جملة (فكر سياسي إسلامي) ويدعي بعدم وجود سياسة إسلامية وأن السياسة واحدة؟
السياسي الذي يستلهم قناعاته من الكتاب والسنة هو سياسي إسلامي. لدينا مشكلتان رئيسيتان: الأولى هي مشكلة الشورى في العالم الإسلامي. عندما تغيب الشورى في العالم الإسلامي ينفجر الصراع ويسود العنف. في العراق يحاول كل فريق أن يغلب الآخر ويستخدم السلاح لإبادة الآخر.
وهذا الوضع أدى إلى مشكلات عديدة، وهناك من يرفض حتى فكرة (الوحدة الإسلامية) مع أننا بحاجة إلى أن نتحد ونتفق ونجمع الصفوف ونتجاوز الخلافات التفصيلية. الجميع يميل نحو الوحدة ويلملم صفوفه ونحن نتفرق يوميا، إذن فإن الخطاب الإسلامي المتشدد هو سبب لعدم وجود تجربة سياسية إسلامية متفردة؟
نعم، لأنه يعتمد على العنف للوصول إلى السلطة ويعتمد على تفريق المسلمين. كلا الأمرين يسيران في الاتجاه المعاكس، ينبغي أن نعتمد على خطاب الشورى والسلم والوفاق الوطني وعلى توحيد المسلمين.
ما هو دور العلماء والنخب السياسية والمفكرين في مثل هذه القضايا. أين هو دور العلماء والوعاظ والمفكرين من مثل هذه القضايا؟
المشكلة أن كثيرا ممن نسميهم النخب والعلماء والمثقفين هم أيضا يكتفون بالأسماء عن المحتوى والجوهر وكثير منهم يساهمون في تكريس التفرقة والعنف وتجزئة الأمة وتغييب الصورة، باختصار كثيرون من هذه النخبة منخرطون في الصراعات السياسية والفكرية والطائفية.
تصنيف إقصائي
صدر قبل عام ونصف تقريبا تصنيف لمجلة غربية زعم بعدم وجود مفكرين إسلاميين بخلاف الشيخ يوسف القرضاوي ومفكر آخر يقيم في بريطانيا. هل هذا حقيقة أم إنها إقصائية غربية؟
لا ينبغي علينا أن نتوقف عند مثل هذه التصنيفات المغرضة.
هل تحمل في ثناياها إقصائية؟
-هي نظرة جزئية محدودة وليست صحيحة.
تعدد الإسلامات
كثير ينظرون إلى تعدد الإسلامات حيث أصبح لدينا إسلام سني وآخر شيعي وثالث صوفي ورابع سلفي. هل تؤثر مثل هذه التقسيمات على وحدة الأمة؟ وأين دور العلماء والمهتمين في مثل هذه المواقف؟
لا أرى تعددا، والإسلام هو دين واحد، ولدي كتاب صدر قبل عامين اسمه (السنة والشيعة واختلاف السياسة والتاريخ) ذكرت فيه أن الخلاف بين السنة والشيعة ليس على الإسلام الذي يتركز في ثلاثة أصول هي التوحيد والنبوة والمعاد.
ويتفرع عن ذلك أمور عبادات وغيرها يتفق عليها الجميع من سنة وشيعة وإباضية وغيرهم من الفرق. الخلاف في السياسة والتاريخ. ما هي مواصفاتنا للإمام والحاكم؟ هل ينبغي أن يكون معصوما؟ وهل يكون منصبا من قبل الله؟ وهل ينبغي أن يكون من سلالة معينة سواء كانت قرشية أم علوية أو حسينية أم غيرها؟ هذا الجدل كان يدور حول مواضيع دستورية ولم يكن يدور حول الإسلام.
هل أقحمت السياسة في الإسلام؟
لم يحدث ذلك، الإسلام لا يزال بعيدا عن الاختلاف والخلافات الفقهية بسيطة وليست ذات قيمة، والخلافات الرئيسية الموجودة حاليا ذات صبغة سياسية. أصبحنا نؤيد فلانا ونخالف غيره.
كيف ترى تسمية الإسلام السني والإسلام الشيعي وغيرها؟
هذه تسمية خاطئة.
من يقف وراء هذه التصنيفات؟
المسلمون متفقون جميعا على توحيد الله تعالى والإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم وحول الصلاة والصوم والزكاة والحج والأخلاق الحميدة وغير ذلك، وتبقى الخلافات الجزئية البسيطة في الأمور الفقهية ينبغي أن يتسع صدرنا لها وهي ليست مدخلا للفرقة بل إن الخلافات الفقهية تحدث داخل السنة أنفسهم وداخل الشيعة أيضا.
من خلال تعاطيك السياسي وقراءاتك للتجارب السياسية الإسلامية، هل مفهوم الحرية في الإسلام يتناقض مع تطبيق السياسة في العالم الإسلامي؟
الأمر يختلف من بلد لبلد.
مفهوم الحريات
أعني هل يتماشى مفهوم الحرية في الإسلام مع ما هو مطبق في الدول الإسلامية؟
في بعض البلاد يفتح المجال أمام الحرية لأقصى مدى، وفي بلدان أخرى يضيق هامش الحرية على التفكير. هذه الأمور بدرجات متفاوتة. طالما أننا أعطينا الناس الحرية للتعبير عن أنفسهم والمشاركة في الحياة الاجتماعية العامة سوف نكسبهم ونضمهم إلينا ونتحد معا. كلما ضيقنا على الناس نفرناهم ويلجأ الناس إلى التمرد والاضطرابات وتحدث مشكلات سياسية.
ماذا ينقص الأمة الإسلامية حتى تكون ضمن الأمم الكبيرة وتقارع الكبار وتكون لها القدرة على البقاء؟
الإسلام يدعونا إلى الوحدة (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). ما ينقصنا هو الوحدة. نحن للأسف ننظر للتفرقة والابتعاد عن الآخرين. أتعجب ممن يدعون إلى الدعوة للتفريق بدعوى أن التقريب يتعارض مع ثوابتنا وأفكارنا.
في جمعية الحوار الحضاري التي أسسناها في لندن دعونا الجميع سنة وشيعة إلى الاجتماع والالتقاء وحتى في المدارس ينبغي أن ننفتح على بعضنا البعض. هذا أقرب الطرق التي توصل إلى مفاهيم مشتركة. إذا كانت هناك خلافات يمكننا أن نحلها بسرعة...
هل تعتبر أن لجوء العلماء والمفكرين إلى نشر علومهم وأخبارهم وآرائهم عبر مواقع خاصة بهم على شبكة الإنترنت هو الطريقة المثلى لشيوع هذه العلوم والآراء؟
المواقع منتشرة وكل شخص له موقع. هذا عصر جديد يعتمد في إعلامه على الشبكة العالمية ولا يستطيع أحد أن يمنع أحدا من استغلال هذه التقنيات. في السابق كانت الكلمة محاصرة، وحتى في وقتنا الحالي ربما تواجه الكلمة المكتوبة صعوبة في الانتقال من بلد لآخر. الكتب تتعرض للرقابة، ولكن الإنترنت والفضائيات كسرت هذه الحواجز وبالتالي يدفعنا ذلك إلى الابتعاد عن سياسة القمع والمراقبة والانكفاء. إذا كانت بضاعتنا جيدة ستنتشر بين الناس وإذا كانت سيئة سترد إلينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.