أُعلن أنا المواطن المذكور اسمه أعلاه أنني قررت ألاّ أدخلَ مطعماً في "وطني الحبيب" عند تطبيق المقترحات التي تضمنتها دراسة لمجلس الشورى تتعلق بالترشيد الغذائي والحد من "الهياط الاجتماعي". وسأستعيض عن مطاعم الداخل بمطاعم البحرين لقربها من الدمام. بالتأكيد لم أستشر أسرتي، لعلمي أنهم "سيسفهلون" الى أقصى حدود "الإسفهلال"، وسيشكرون المجلس على تحفيزي على اتخاذ هذا القرار الذي يصب في مصلحتهم الترويحية والترفيهية؛ لما يعنيه من ازدياد مرات عبور الجسر للمنامة. هذا لا يعني أنني من "المهايطية"، لكنني لا أستطيع تقبل فكرة دخول مطعم ينتظرني وأسرتي فيه مراقب يقف علينا حسيباً رقيباً، يتنفس أسفل أعناقنا، وينتظر فراغنا من الأكل ليقرر إذا ما كان الفائض من الأكل يستوجب فرض الغرامة علينا أم لا. أتقبل، وبكل رضا، وجود "ساهر" في الطريق الى المطعم، لكن سأكون كاذباً لو قلت إنني أتقبل وجود "ساهر المطعم" أو "مراقب فضلات الموائد". أتوقع أن تشهدَ المطاعمُ مواقف مثيرة ومضحكة مؤكدة الحدوث بين مرتادي المطاعم وبين مراقبي فضلات الموائد، عند اختلاف الطرفين حول كمية الفائض من الطعام. والخوف أن تنتهي المشاهد بالصحون الطائرة في فضاءات المطاعم، أو أن تتكسر على أرضياتها كما في بعض المطاعم اليونانية ولكن لسبب مختلف. أُقدِّرُ حرص الإخوة والأخوات في "الشورى" على التفكير في آليات "للحد من التبذير، أو ما يصنف بالهياط الاجتماعي" (الحياة، 23 فبراير)، ولكن هناك ضروب من التبذير وهدر النعمة والثروة ينبغي على المجلس أن يوليها اهتمامه بدلاً من هدر وقته وطاقته في التفكير في "اختراع" وسائل لمراقبة فضلات الموائد في المطاعم وصالات الاحتفالات. حتماً سيضيق الحيز هنا بتلك الضروب لو عددتها، ولا تضيق بها ذاكرات الناس. أما مطالبة "أماكن الطعام" بتوفير "أوعية مناسبة لحفظ الطعام الفائض" ليحمله مرتادو المطاعم معهم، فإنها متأخرة جداً فغالبية المطاعم توفر الاوعية ويُحملُ بها بقايا الطعام، حقيقة لا يبدو أن معدي الدراسة على علم بها. الكل يعرف أن "المطعم" في الغالبية العظمى من الحالات هو محور الخروج الأسري من البيت بهدف "تغيير الجو" والترفيه لأسباب لا يجهلها أعضاء الشورى. فمن غير المعقول أن يعكر صفو الجو بوجود مراقب فضلات الموائد، الواقف متشوقا لتوزيع الغرامات، أو أن يظل "أهل عرس" متوترين خوفاً من أن "يصكهم" مراقب فضلات الموائد بغرامة. إن "الهياط الاجتماعي" يحدث في حالات فردية لا تشكل ظاهرة تسبب كل هذا القلق على النعمة والخوف من زوالها. ويمكن التصدي له بالتوعية والموعظة والنصيحة عبر الاعلام والمدرسة والمنابر ووسائل التواصل الاجتماعي. كما أن الخصخصة يمكن دعمها بطرق أخرى، عدا تفويض مراقبة فضلات الموائد الى شركات تؤسس لهذا الغرض. لا أدرى إذا تضمنت دراسة الشورى اقتراحات للتعامل مع من يرفض دفع الغرامة المفروضة أم لا؟. فهل ستعامل كالغرامات المرورية، وتضاعف عند التأخر في تسديدها؟ هل يكون دفعها شرطاً لتجديد الجواز أو الرخصة أو أي وثيقة رسمية؟ هل يمنع المواطن من السفر بسبب غرامة ما يصنف ب"الهياط الاجتماعي"؟ ماذا لو أقام مواطن حفلة خاصة كبيرة في بيته من دون ترخيص هل يكون بيته عرضة للمداهمة؟.