بعد سنة مشوبة بالهجمات الإرهابية والإضرابات العمالية، ربما كانت شركة (إير فرانس كي إل إم) وشركة (لوفتهانزا) قد توقعتا بأن أسعار وقود الطائرات الآخذة في الانخفاض قد تعني عاما أفضل في 2016م. لكن شركة ريان إير، المنافسة في التكلفة الأقل، قدمت تحذيرا في الأسبوع الماضي بأن الناقلات الجوية القديمة في أوروبا ستكون غير قادرة على أن تستفيد بشكل كامل من تلك الثروة الهابطة. يعتبر الوقود واحدا من أكبر النفقات بالنسبة لشركات الخطوط الجوية - حيث يمثل ما نسبته 40 بالمائة من تكاليف شركة ريان إير - لذلك تكون فوائد الوقود الأرخص حقيقية، طالما يمكن الاحتفاظ بها. تتحوط شركات الطيران بالجزء الأكبر من تكاليف الوقود وتضطر الناقلات الجوية الأوروبية إلى شراء الوقود بسعر مرتفع، ما يحد من بعض مكاسبها. وقد تحوطت كل من لوفتهانزا وإير فرانس بنسبة أصغر من تكاليف وقودهما من شركة ريان إير، ما يعني أنهما تستفيدان أكثر من انخفاض تكلفة وقود الطائرات. لكن خلافا للصناعة القائمة على احتكار القلة في الولاياتالمتحدة، لا تزال سوق الطيران في أوروبا مجزأة. لذلك، ينبغي أن تشعر لوفتهانزا وإير فرانس بالقلق بسبب توقع الرئيس التنفيذي لشركة ريان إير مايكل أوليري بأن أسعار تذاكر النقل الجوي قد تنخفض هذا العام لأن شركات الطيران تمرر بعضا من وفورات الوقود لديها إلى العملاء. لاحظ كبير الإداريين الماليين لشركة ريان إير نيل سوراهان هذا لأن قاعدة التكلفة في الشركة أدنى بكثير من المستوى لدى الشركات المنافسة، والشركة في وضع أفضل للفوز في حرب الأسعار، في حال حدوثها. مع إضافة كل من ريان إير ومنافسي التكلفة الأقل الكثير من القدرة الجديدة، يبدو هذا إمكانية واضحة. سوف تنخفض تذاكر ريان إير بنسبة 6 بالمائة خلال الفصل الرابع (جزئيا بسبب انخفاض الجنيه). كما أن شركة لوفتهانزا على علم أيضا بالمخاطر المحدقة. حيث إنها تتوقع نموا في الإيرادات في عام 2016 لكنها أخبرت المساهمين هذا الشهر بأن العائدات، وهي مقياس لمتوسط أسعار التذاكر، قد تواصل انخفاضها. من المتوقع أن تنخفض تكاليف الوحدة في شركة ريان إير باستثناء الوقود بنسبة 2 بالمائة في العام المالي الحالي، رغم أن الشركة كانت تعمل على توسيع نطاق عملها من خلال مطارات رئيسية أكثر تكلفة، خلافا لتلك المطارات التي تبعد عن وجهة الركاب النهائية بأميال. تتوقع ريان إير بأن يقفز عدد الركاب المسافرين بنسبة 26 بالمائة في الفصل المالي الرابع لها عن الفترة المشابهة العام الماضي ويصل إلى 106 ملايين مسافر للعام المنتهي بشهر مارس، أكثر قليلا من الرقم السابق البالغ 105 ملايين مسافر. مع التوسع السريع لشركة ريان إير في سوقها الأصلية في ألمانيا، تحاول لوفتهانزا الرد بتقديم خدمة أقل تكلفة لديها: شركة الطيران "يورو وينجز". لكن الحاجة إلى خفض التكاليف لا تبدو بأنها استقرت في وعي العمال، الذي أعلنوا عن إضرابات متكررة العام الماضي. كانت شركة إير فرانس مضطرة لتخفيض الخطط الرامية إلى توسيع ذراعها "ترانسافيا" ذات التكلفة المنخفضة في عام 2014 وفي شهر أكتوبر هاجم العمال أعضاء من الإدارة بسبب خفض الوظائف المقترح، ما يشير إلى أنهم غير مقتنعين تماما بالحاجة إلى التغيير أيضا. إن توقع ريان إير بأن أعداد مسافريها ستزداد بأكثر من الثلثين في عام 2024 لم يمر دون أن يلاحظه المساهمون أيضا. وقد قدرت تداولات الأسهم لأكثر من 15 مرة ضعف الأرباح المتوقعة للعام المالي المنتهي في شهر مارس، أي أكثر 3 أضعاف من تقييم لوفتهانزا. مع وجود ما يقارب 350 طائرة من نوع بوينج 737 تحت الطلب، قد يتبين أن تقييم شركة ريان مبالغ فيه إلى حد كبير إذا دخلت الصناعة جولة هبوط دورية أخرى. وقد لاحظ اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) في شهر ديسمبر، أنه من الناحية التاريخية تدوم دورة ربحية صناعة الطيران ما بين 8 إلى 9 سنوات من القاع إلى القاع. الأمر الذي ينذر بالسوء، حدثت النقطة المتدنية للدورة الأخيرة في عام 2009. تقدم الميزانية العمومية لشركة ريان إير بعض الحماية. كان لدى الشركة 350 مليون يورو (381 مليون دولار) من صافي النقدية في نهاية شهر ديسمبر، وشعرت بالثقة الكافية للإعلان عن شراء أسهم مرة أخرى بمبلغ 800 مليون يورو في الأسبوع الماضي. قارن ذلك مع شركة لوفتهانزا، التي ألغت توزيع الأرباح في شهر فبراير الماضي والتي كان لديها 9.2 مليار يورو كصافي ديون في التزامات لصناديق المعاشات في نهاية سبتمبر. إذا واجهت صناعة الطيران مرة أخرى أية اضطرابات، فإن (ريان إير) تبدو في أفضل وضع لتجاوز هذه الاضطرابات.