ألقت الأزمة العراقية بظلالها على شركات الطيران الأوروبية والتي تراجعت أسمهما بشكل حاد، حيث تسبب تصاعد وتيرة العنف في العراق في إنهاء فترة غير مسبوقة من شبه الإستقرار في أسعار النفط. وسجل سعر خام برنت، أعلى مستوياته في 9 أشهر ليصل إلى 115 دولاراً للبرميل في نهاية تعاملات يوم الخميس الماضي وارتفع أكثر من 5 في المئة، منذ سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ( داعش)، مديني الموصل وتكريت شمال العراق في العاشر من الشهر الجاري. وقالت صحيفة "فاينانشال تايمز"، الإثنين، إنه على الرغم من أن أسعار وقود الطائرات لم ترتفع بنفس قدر إرتفاع أسعار البترول، إلا أن أسهم شركات الطيران الأوروبية، إنخفضت بشكل حاد بنسبة 13 في المئة في الفترة نفسها، وفقاً لمؤشر "إم أس سي أي". وأشارت الصحيفة إلى أن تكاليف الوقود تمثل نسبة عالية من تكاليف شركات الطيران الأوروبية. ويقدر محللون في بنك "إتش أس بي سي" البريطاني أن زيادة سعر برميل النفط بمقدار 5 دولارات، ستقلل الأرباح التشغيلية لشركات الطيران الأوروبية هذا العام بنسبة تتراوح بين 1 و52 في المائة. وتوقع محللون غربيون أن يرتفع سعر خام برنت بسبب الأزمة العراقية، ما بين 10 إلى 50 دولار، حسب تطورات الصراع بين الجيش العراقي، والمسلحين. والعراق هو ثاني أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بعد السعودية، وقبل إيران والكويت، بحصة تمثل 12 في المئة على الرغم من تراجع الإنتاج إلى 3.3 مليون برميل يومياً، منذ شباط (فبراير) الماضي، بسبب تخريب خط أنابيب كركوك جيهان في تركيا. ولا تتحوط شركة الطيران النرويجية "إير شاتل"، ثالث أكبر شركة طيران إقتصادي في أوروبا بعد "ريان إير" الإيرلندية و"إيزي جيت" البريطانية بشأن إحتياجاتها من الوقود. واستبعدت "ريان إير" يوم الجمعة الماضية إحتمالات إرتفاع أسعار النفط على المدى الطويل. وقال المسؤول المالي في " إير شاتل" هوارد ميلر: "هذا الأمر يحدث مراراً على المدى القصير. لقد كانت أوكرانيا، والآن العراق. يحدث كل أسبوع أمر ما في أسواق الوقود، وهذا جزء في سلسلة طويلة". وتحوطت شركة "ريان إير" في تدبير 90 في المئة من إحتياجاتها من الوقود لهذا العام المالي عند نحو 96 دولاراً للبرميل الذي تقول إنه ولد وفورات بنحو 70 مليون إسترليني مقارنة مع السنة السابقة. وقالت الصحيفة البريطانية إن ارتفاع سعر النفط يضع حدا لفترة طويلة من إنخفاض التقلب في السوق، مع تداول خام برنت في نطاق بين 104 إلى 110 دولارات للبرميل خلال العام الماضي. وأضافت أن نهاية إنخفاض تقلبات أسعار النفط سيؤثر على جميع شركات الطيران، بعدما اتجهت إلى خفض تكلفة التحوط وكذلك خلق بيئة أكثر إستقراراً لقرارات الإستثمار. وقال محلل شؤون الطيران في "إتش أس بي سي" (HSBC) أندرو لوبنبيرج: "من الواضح أن التحوط له ثمن، وانخفاض التقلب يميل إلى خفض هذا السعر". وذكر نائب الرئيس في "شركة طيران جنوب غرب في الولاياتالمتحدة، "كريس مونرو: "إستقرار أسعار النفط نسبياً على مدار السنوات القليلة الماضية سمح لنا أن نخطط وننفذ (القرارات) بمزيد من الإطمئنان". وقال رئيس إدارة الوقود في شركة "لوفتهانزا" الألمانية ثورستن لوفت، والتي تحوطت لتوفير 85 في المئة من إحتياجاتها من الوقود ستة أشهر مقدماً، إن القفزة الأخيرة في أسعار النفط أسكتت الداعين إلى إعادة النظر في سياسات التحوطية للشركة. ويرى مراقبون أنه إذا ارتفع سعر برميل النفط الخام إلى 120 دولاراً، فإن العالم يمكن أن يواجه أزمة إقتصادية جديدة، موضحين أن كل زيادة بمقدار 10 دولارات في سعر برميل النفط، يواكبها تراجع في معدل النمو العالمي بنسبة 0.2 في المئة.