في شهر أكتوبر من عام 2008، في الوقت الذي كانت فيه تداعيات الأزمة المالية تبدأ بالانتقال عبر الاقتصاد العالمي، لاحظتُ بياناً صحفياً لشركة صناعة الشاحنات السويدية فولفو يفيد بأن قيود الطلبات الأوروبية على شاحناتها انخفضت بأكثر من 99 بالمائة بين الربع الثالث لكل من عام 2007 وعام 2008- إلى 155 شاحنة فقط من أصل حوالي 42 ألف شاحنة. وهذا دفعني لدراسة مختلف تدابير النشاط الأخرى المتعلقة بالعالم الحقيقي، بدءا من الشحن البحري إلى الشحن الجوي، وللتوصل إلى أن "الأخبار هي كلها سيئة وتزداد سوءا بسرعة". وأخشى أن نفس الممارسة، اليوم، تقودني إلى التوصل لاستنتاج مماثل حول توقعات النمو. مقياس الشحن البحري العالمي التقليدي يعرف باسم "مؤشر البلطيق الجاف". وسوف يخبرك أصوليو الشحن البحري (الذين ينافسون عشاق الذهب في تفانيهم للحصول على تفاصيل) بأنها في معظمها هي علامة على كيف أن كثيرا من السفن هي الآن طافية في محيطات العالم، حيث إن التخمة في بناء السفن تعني أن المزيد من البواخر متاحة، ما يؤدي إلى تخفيض تكلفة شحن المواد الخام السائبة مثل خام الحديد والصلب والفحم. لكن نظراً للحالة الهشة التي يعاني منها الاقتصاد العالمي، من الصعب زعزعة الشعور بأن المؤشر كان يحاول إخبارنا شيئاً مهماً حول الطلب العالمي في السنوات الأخيرة. هنالك نمط انكماشي مماثل في البيانات المتاحة المتعلقة بالشحن الجوي. وفي حين أن حجم البضائع المنقولة جوا لا يتعرض الآن للانخفاض بشكل حاد، كلاهما ينجرف لمستوى أقل - وهو ما لا تريد أن تراه في هذه المرحلة فيما يفترض أن يكون انتعاشاً اقتصادياً عالمياً ناشئاً. الآن نسأل: ما هي أخبار قيود الطلبات لدى شركة فولفو؟ في الربع الثالث من عام 2015، كان لدى الشركة طلبات لحوالي 42648 شاحنة فقط، وهو ما يشكل ركودا بنسبة 30 بالمائة من نهاية عام 2014 والمستوى الأدنى منذ عامين. وفي حين أن هذا الرقم لا يشبه ولو من بعيد الانخفاض الحاد الذي حصل في عام 2008، إلا أنه يشير بالتأكيد إلى أن الشركات التي تعنى بنقل البضائع برا من منطقة واحدة إلى أخرى لا تستثمر في أي توسع في أساطيلها. هنالك مشهد في الفيلم المنقول عن رواية آني برولكس الحائزة على جائزة بوليتزر "أخبار الشحن": صحفي مخضرم يشرح للصحفي المبتدئ (الذي يقوم بدوره الممثل كيفن سبيسي) كيف أن الغيوم الداكنة في الأفق تبرر العنوان المبالغ فيه "العاصفة الوشيكة تهدد القرية". يسأل سبيسي: "ماذا لو لم تأت أية عاصفة؟" يجيب المخضرم بعنوان ظهر في اليوم الثاني: "القرية تنجو من عاصفة قاتلة". لسوء الحظ، بعد النجاة من العاصفة إثر أزمة القروض العقارية لضعاف الملاءة وأزمة الائتمان، تتجمع الغيوم مرة أخرى فوق القرية العالمية التي نعيش فيها، وهي تزداد قتامة يوما بعد يوم.