في فيلم "الإرهاب والكباب" قدّم الفنان عادل إمام رؤية درامية وضعت الفكر الإرهابي في أقصى الزاوية الإنسانية، وكل فكر إنساني في زاوية أخرى أي أنهما خطان متوازيان لا يلتقيان، وذلك في فترة مبكرة من الوصول الى المرحلة الحالية التي أصبحت نهبا للفكر المتطرف، وأيّا كانت مرجعيته، فالتطرف حالة فكرية سلبية تطال كل ما يمكن أن يكون فكرا، سواء دينيا على النسق الطائفي، أو اجتماعيا بنسق عنصري، أو اقتصاديا بنسق طبقي، أو ثقافيا بنسق متعال. في تلك الفترة التي أنتج فيها "الإرهاب والكباب" كان هناك حراك دموي لتنظيمات جهادية، وفكر رجعي يحاول القفز على سلطة سياسية بالقوة، وأظهر ردة فعل ربما بدت مبالغة من السلطة في التعاطي مع أي حالة إرهابية، لكن المعالجة كانت متميزة في إبراز السوء النفسي والفكري الذي يمكن أن يصيب المجتمع باستحضار عنف محتمل، في فيلم "طيور الظلام" يقدم عادل إمام شخصية فتحي نوفل الانتهازي الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، وينشأ ارتباط مهم بينه وعلي الزناتي الذي يؤدي دوره الفنان رياض الخولي الذي يمثل رؤية الجماعات المتطرفة، وتنتهي المشاهد بهما في السجن، وهما يركلان كرة بعد أن يعترف كل منهما بسوئه. ركل الكرة حالة رمزية لما يقذفه المجتمع بشكل متكافئ لكثير من القيم التي يفترض أن تجعله في حالة أرقى من أن ينتهي الى تمايز متطرف ومتواز، رغم أن ذلك يتم في سجن، يرمز الى الزاوية الضيقة التي توجد فيها مثل هذه الأطراف المتطرفة في سوئها، وعليه فإن أولئك الذين يستثمرون في التطرف والإرهاب والطفح بحصيلة تراكمية للسوء في الفكر الديني، ينبغي أن يتوقفوا، ليس كما في انتهاءات الرسالة الدرامية، وإنما بحسب مقتضيات الواقع، فالتطرف يعبث بالعقول بصورة مزرية ومأساوية لا يشعر بها أولئك الذين يقذفون حمما من الفكر العبثي، خاصة حين ننظر الى الضحايا ودائما نجدهم صبية عشرينيين لم يمتلكوا القدرة والطاقة العقلية المناسبة للحكم على الأشياء واتخاذ قرارات ناضجة تجاه ما يفعلونه. بساطة فكرة الإرهاب والكباب تناولتها في هذا الإطار؛ لأن الذين يؤسسون لكل فكرة متطرفة يتعاملون مع نتائج أفعالهم بسطحية وسذاجة تجعلنا نحصد مستقبلا قاتما، يقضي على كل المكونات الاجتماعية التي تتزاحم في تبرير أفعالها وأقوالها، وتقضي أوقاتها ترد الاتهامات المتبادلة، في حالة من الصراع الذي يتبلور الى حالة عدائية إن لم يتم كبح إنتاج الأفكار المتطرفة التي تقود المراهقين كقطيع نحو الجحيم.