الديون كلمة مفزعة وسابقة خطيرة تؤثر سلباً على الأندية السعودية بل وعلى المنظومة الرياضية ككل، لكن غياب التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى ووضع خطط تسير عليها الإدارات المتعاقبة، أديا لارتفاع حجم الديون في الأندية، فلا بد من أن تنتهج الاندية سياسة ثابتة، ويجب أن يكون لديها خطط ومشاريع مستقبلية ذات دراسات جدوى معدة من قبل أصحاب الاختصاص يسير عليها النادي بغض النظر عن وجود أشخاص بعينهم على رأس الهرم الإداري للنادي، أو رحيلهم عن سدة الحكم بانعقاد الجمعية العمومية، وقدوم إدارة جديدة. نحن هنا لسنا بصدد مناقشة ديون الأندية، لكننا نسوق مثالاً لكارثة من الكوارث التي تعاني منها الأندية جراء غياب الخطط بعيدة المدى، او حتى قريبة المدى في أنديتنا. وضع الخطط يتطلب وقفة حازمة وحاسمة مع إدارات الاندية من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لدراسة الأسباب التي أدت إلى ذلك، فالأسباب الظاهرة هي الإسراف وهدر الأموال من دون رقيب أو حسيب ما أوصل الأندية الى حالة من التدهور الرهيب، فالتعامل مع الازمة بسطحية دون محاولة الوصول لحل جذري لهذه المشكلة لن يوصلنا الى حلول حاسمة طالما لا ندرس جذورها ومسبباتها. الإدارة علم وفن، تحول الى احتراف، ونحن الآن نفتقد الإداري المحترف والامور لدينا تدار ب «الفهلوة» على جميع الأصعدة سواء في إدارة النادي كيكان، أو إدارة أنشطة ومسابقات النادي فالجميع يعتمد على مبدأ الفهلوة الإدارية. الكثير من القرارت الإدارية للأندية تصدر من باب الاجتهادات الفردية، او من قبيل الفزعة، ولا أعرف متى سنترك عنا «الفهلوة»، ونعمل باحترافية حقيقية، وندير الأمور بالطريقة التي يجب أن تدار بها وبما يتناسب مع حجم تطلعاتنا، بعيداً عن أسلوب «حب الخشوم» ونبدأ في اعتماد الخطط التي تنظم عملنا الإداري التي أراها الحل الشافي والنهائي لكل مشكلات الأندية. هنا يكمن دور الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فيجب عليها إلزام مجالس الإدارات بوضع خطط استراتيجية تسير عليها، وأن تكون تلك الخطط واضحة قبل قدومها وأن يتضمن برنامجها الانتخابي حتى يكون هناك حساب في نهاية الفترة الرئاسية، فمجلس الإدارة يأتي ويرحل بلا حسيب ولا رقيب رافعين شعار «ما عندك أحد». الطريقة التي تدار بها الأندية الحالية لا يمكن أن تساعد على أي نهضة رياضية، لأننا نكتفي بوضع خطط مرحلية ولا ننظر للامام، ولا ننظر للمستقبل بعين الاعتبار لنستعيد ريادتنا الرياضية قارياً واقليمياً، فنحن بسبب غياب التخطيط أصبحنا في تراجع مستمر. التخطيط بعيد المدى يحتاج لسنوات حتى نجني فوائده وثماره فلا يمكننا تطبيقه في يوم وليلة لانه ببساطة يحتاج لدراسات علمية والاستعانة بالأكاديميين، لكننا على ما يبدو سنقف عاجزين عن تطبيقه آنيا، لذا فالأمر يحتاج منا إلى إعادة النظر في كل النظم المسيرة للحركة الرياضية السعودية حتى نطبق شعار «ناد رياضي اجتماعي ثقافي» المرفوع على باب كل ناد من أندية المملكة، فالخطط يجب ألا تقتصر على النشاط الرياضي فقط بل تمتد لتشمل كل ما هو شبابي من خلال الثقافة وخدمة المجتمع. الابتعاد القسري للفكر الأكاديمي في العمل الرياضي أدى لغياب التخطيط البعيد، حيث تفتقد الساحة الرياضية الكفاءات العلمية، فنحن لا نحتاج لتخطيط من أجل خطف لقب أو تحقيق بطولة تسبب فرحاً وقتياً ومن ثم تعود ريمه لعادتها القديمة، بقدر احتياجنا لانتفاضة رياضية شاملة فمتى نتعظ ونبدأ في اعتماد التخطيط والتنظيم ووضع خططنا الاستراتيجية؟.