من السهل جدا معرفة ماذا تريد إيران من دول المنطقة؟، الأمر لا يحتاج إلى قراءات سياسية معمقة، ولا إلى تقارير مخابرات دولية، ولا إلى ويكيليكس من أي نوع لمعرفة المقاصد النهائية لحكومة الولي الفقيه؛ جراء التغلغل ودس أنفها في كل صغيرة وكبيرة في الشؤون الداخلية لدول الإقليم، بل وإرسال كتائبها وجنرالاتها إلى كل ساحات النزاع، إلى جانب إعادة (تشريج) عملائها الصغار من وزن نصرالله والحوثي؛ لرفع عقائرهم بأقذر ما في قواميس الشتائم للمملكة، في سياق حربها الضروس ضدها على اعتبار أن هذه البلاد هي الحصن المنيع الذي يحول بين إيران الملالي وطموحاتها التوسعية. لذلك حينما نتوقف قليلا عند ميراث المالكي إبان ترؤسه للوزارة في العراق على مدى ثماني سنوات، وما أدت إليه سياساته الطائفية من التمزيق، وتهشيم المكونات الوطنية، وإدخال البلد في دائرة التقسيم، أو ما بلغه نصر الله مخلب القط الإيراني في لبنان، والذي عطل حال اللبنانيين، وحال بينهم وبين التوصل لاختيار رئيس للدولة ينتخبه اللبنانيون، ولا يُفرض عليهم من طهران ليبقى كرسي الرئاسة في لبنان شاغرا لما يقارب العام، وكيف تحولت ميليشيات حزب الله إلى دولة داخل الدولة، بوسعها أن تنسف البلد أو تلقيه في غياهب المجهول فقط لمجرد نقل ضابط صغير لا يريد الحزب أن يُنقل من موقعه، بل كيف تحول الجنوب اللبناني برمته من الضاحية، وحتى بوابة فاطمة إلى أرض إيرانية، تكتسحها صور الخميني وخامنئي ونجاد حتى على أعمدة الكهرباء، لدرجة أن العابر لتلك البلدات والقرى قد يتوهم أنه يتجول في الجغرافيا الإيرانية، وليس في بلد عربي الهوى والهوية اسمه لبنان. كذلك الحال عندما نتأمل المشهد السوري، والذي لم يعد فيه في عاصمة بني أمية ما يشير إلى ذلك التاريخ بعدما باع الأسد دمشق للملالي لتنتشر المراكز الثقافية الإيرانية ما بين ساحتي العباسيين والأمويين. فيما يبقى المشهد اليمني، والذي أخرجت فيه إيران الحوثيين من ديارهم لتحولهم إلى يد اللص الذي سيسرق الثورة هناك، ولتدفعهم إلى حتفهم في جنون السلطة بعد أن سوقت لهم الوهم بإمكانية سرقة اليمن، وتركيع حضارة سبأ بالتبعية لفارس، لتنتثر جثثهم على مصارع الفتنة كشاهد حي على لصوصية نظام الملالي، الذي لا يعنيه أي شيء من مصائر تلك الشعوب، سوى أن تكون حطبا لمطامحه باتجاه احتلال المنطقة، وبسط نفوذه عليها، وصولا إلى مكة والمدينة. لذلك لم تكن تلك المناحات التي تحول فيها نصر الله والمالكي والحوثي وبشار إلى ندابات مستأجرات في مأتم الإرهابي نمر النمر، سوى محاولة تافهة لدس يد النظام في معقل العروبة والإسلام، لتواجه حزم سلمان الذي كفّ بموقفه الصارم تلك اليد الآثمة منذرا بقطعها لو تمادت..