تتابع ممثلة المقاومة الإيرانية لدى المنظمات الدولية، وعضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة الهه عظيم فر، في الجزء الثاني من الحوار مع «الشرق» الحديث حول الدور الإيراني في اليمن وسورياوالعراق، والتوقعات حول تحركات الشارع الإيراني ضد السلطة الحاكمة في طهران. وتقول عظيم فر إن حكام طهران كانوا يراهنون على أن يكون لواشنطن دور في منع أي تحرك خليجي ضد الحوثيين، وأنهم فوجئوا بانطلاق عمليات «عاصفة الحزم». وتقول إن الحلم الإيراني في الوجود باليمن، الذي بدأ قبل نحو 25 عاماً انتهى. وتضيف القيادية في المعارضة الإيرانية أن ضربة أخرى تلقاها حكام طهران مع سقوط نوري المالكي في بغداد، لكنها أشارت إلى أن نظام ولاية الفقيه حتى بعد سقوط المالكي يحاول الاحتفاظ بهيمنته وسيطرته على العراق من خلال عملاء آخرين، وبالإضافة إلى الميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري مباشرة. في الحديث عن الوضع في اليمن يجب أن ننطلق بداية من حقيقة أن الائتلاف العربي بدأ عملياته العسكرية الحازمة بصورة مفاجئة جداً بالنسبة لنظام الملالي ومخططي الانقلاب في اليمن، والنظام الإيراني كان يراهن على معارضة أمريكية للتحرك في اليمن، وفوجئ الملالي بهذه العملية، وكانت صدمة مزلزلة بالنسبة لهم، وعمليات «عاصفة الحزم»، التى بادر بها الائتلاف العربي كانت أول وأهم رد فعل عملي ناجع ضد تدخلات النظام الإيراني. وعمليات «عاصفة الحزم» بددت مخطط الملالي وحلمهم، الذي بدأ قبل 25 عاماً للسيطرة على اليمن. وكما ورد في بيان صدر في وقت سابق عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن نظام الملالي وعقب فشله في الحرب العراقيةالإيرانية نهاية الثمانينيات وعلى طريقة تجربته مع «حزب الله اللبناني» بدأ يفكر منذ ربع قرن في تنظيم مجموعة عميلة له في اليمن حتى تكون أداة انطلاق له للتطاول على اليمن وشبه الجزيرة العربية، وحدّد نظام الملالي الطائفة الحوثية كمرشحة مناسبة لتنظيم تيار موالٍ له، واستطاع حكام طهران إقامة علاقة مع الحوثيين انطلاقاً من اعتبارات طائفية، وتم استخدامهم منذ ذلك الحين. وعمل الهلال الأحمر الإيراني إحدى أدوات «فيلق القدس» خلال السنوات الماضية على تمهيد الطريق لدخول اليمن تحت يافطة إرسال المساعدات الإنسانية، وإنشاء مستشفيات وإيصال المعونات العلاجية مستغلاً العلاقة السيئة بين رئيس النظام اليمني السابق علي عبدالله صالح مع الشعب بشكل عام، ومع الحوثيين بشكل خاص. وحاول النظام تجنيد أفراد له بهدف استخدامهم في شبكاته الإرهابية المنتشرة حول العالم خدمة لمصالحه. فيما يشرف «فيلق القدس» التابع لقوات الحرس الإيراني بشكل رئيس على الملف اليمني، كما شكّل «فيلق القدس» هيئة أركان رئيسة للقيادة والإسناد لمتابعة الحرب في اليمن، كما أن ما يسمى «المجمع العالمي لأهل البيت» ومجمع «تقريب المذاهب الإسلامية» و«جامعة المصطفى» هذه المؤسسات الثلاث كانت لها علاقات وطيدة مع الحوثيين وتقدم لهم المساعدات بجميع أنواعها. في سبتمبر 2014 أماط القيادي في الحرس الثوري «علي رضا زاكاني» عضو برلمان نظام الملالي والرئيس السابق للتعبئة الطلابية، وأحد المقربين من خامنئي اللثام عن دور نظام الملالي في أحداث اليمن وخطة النظام لتصدير التطرف والإرهاب إلى كل أرجاء المنطقة تحت عنوان ما يسمى «منهج توحيد المسلمين من قبل الثورة الإسلامية»، حيث قال: «في اليمن هناك حدث أهم وأكبر من لبنان في حال التكوين، حيث سيطر الثوار على 14 محافظة يمنية من أصل عشرين محافظة، و90% من مدينة صنعاء.. وبذلك انقلبت موازين القوى في اليمن، وهناك اليوم مليونا مسلح منظم في اليمن، اليوم الثورة الإسلامية تسيطر على ثلاث عواصم عربية كما سيطرت على صنعاء، وسوف ينّفذ منهج توحيد المسلمين». وحديث زاكاني يمثل الحلم الإيراني، الذي يسعى حكام طهران لتحقيقه عبر زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية عبر الميليشيات الطائفية، التي أسستها. بعد «عاصفة الحزم» حصلنا على معلومات من داخل النظام الإيراني، حيث جرت اجتماعات طارئة على مستوى عالٍ في جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية في نظام الملالي. وأكدت المعلومات، التي حصلت عليها المقاومة الإيرانية أن نظام الملالي بدأ بالعمل بكل ما لديه من إمكانات في محاولة يائسة، للتصدي للمقاومة الشعبية في اليمن، وأشار تقرير من داخل النظام إلى وصول تعزيزات وتجهيزات عسكرية کبيرة من الحرس الثوري الإيراني إلى الحوثيين من أجل إعادة السيطرة على مدينة «تعز»، وأنهم استعدوا لعمليات کبرى من أجل السيطرة على المدينة. وعلى الرغم من الهزائم المتتالية، التي مني بها عملاء نظام الملالي في اليمن حتى اليوم، ومع ثقتي في انتصار الشعب اليمني ضد عملاء طهران، وأن هزيمة طهران بدأت في اليمن، إلا أنه يجب التأكيد من جديد أن النظام الإيراني لا يزال يشكل خطراً دهماً على المنطقة، لأنه كالأفعى التي دون القضاء على رأسها ودكّه في طهران لا يمكن التخلص مما يثيره من مشكلات ومحاولات زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة، وردود الأفعال التي أبداها نظام الملالي حيال «عاصفة الحزم» أثبتت مرة أخرى الحقيقة، التي تؤكدها المقاومة الإيرانية «أن اللغة الوحيدة التي يفهمها نظام الملالي هي لغة الصرامة والقوة وليس غير ذلك». في الحقيقة أن الصدمة الإقليمية الثانية، التي مني بها نظام ولاية الفقيه تمثلت بسقوط حكومة نوري المالكي قبل عام، وبالفعل ارتفعت الأصوات برحيل ممثلي خامنئي وعلى رأسهم إقصاء ومحاكمة نوري المالكي، لكن مع الأسف بفعل التقاعس الأمريكي استطاع نظام ولاية الفقيه السيطرة على مختلف المناحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق، وباتت هناك صعوبات كبيرة لانتزاع العراق من براثن حكام طهران، لكن إذا كانت هناك عزيمة صارمة وقوية، وهذا ما أثبته العراقيون الأحرار من خلال ديمومة خروجهم إلى الشوارع، فبالإمكان التخلص من مخالب الملالي رغم صعوبة تحقيق هذه الغاية، خاصة أن القاصي والداني يعرف أن نظام ولاية الفقيه حتى بعد سقوط المالكي حاول ويحاول الاحتفاظ بهيمنته وسيطرته على العراق من خلال عملاء آخرين، وكذلك الميليشيات العميلة المرتبطة بما يسمى الحرس الثوري. المقاومة الإيرانية كشفت في نهاية عام 2006 عن قائمة ومواصفات 32 ألف عميل وهم مرتبطون بنظام الملالي، ويتقاضون رواتبهم في العراق من طهران؛ ولا شك أن هذا العدد من العملاء قد توسع وبلغ أكثر مائة ألف حالياً بفعل نشاط الميليشيات العميلة، وهذا ما يتطلب جهوداً كبيرة من الشعب العراقي والوطنيين العراقيين لقطع دابر نظام الملالي بصورة ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى، لأن نظام طهران الآن في عنق الزجاجة بعد هزيمته في اليمن، التي قاب قوسين أو أدنى من التحقق. بعد المصائب التي حلت بالعراق أعقاب الغزو الأمريكي وفرض الملالي هيمنتهم على هذا البلد فقد حان الوقت الآن كي ترتقي المظاهرات الشعبية العارمة لتشكل ضغوط اًفاعلة من أجل طرد ممثلي خامنئي وقطع أذرع أخطبوط الملالي في هذا البلد. قبل أن أشير إلى الالتزامات الدولية وتعهدات الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة في هذا المجال، يجب التأكيد أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية شقت طريقها طيلة خمسين عاماً من عمر نضالها بتقديم الدماء بأعلى درجات التضحية والفداء سواء في الساحة الداخلية عبر مواجهة قمع وبطش النظام الحاكم، أو في الساحة الدولية وأمام النهج الخياني من قبل دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان، الذين تواطأوا مع الملالي الحاكمين في إيران؛ كما حدث في أعقاب الهجوم الذي تعرضت له المقاومة الإيرانية في 17 يونيو عام 2003 بفرنسا من قبل الحكومة الفرنسية آنذاك. فإن المقاومة الإيرانية في الوقت الذي تؤكد الالتزامات الدولية إلا أنها لا تعول عليها ولا تعلق الآمال بها. فالصمت المطبق من المجتمع الدولي حيال استمرار الحصار الجائر اللا إنساني على سكان ليبرتي هو ناتج عن سياسة المهادنة والمسايرة، التي انتهجها الغرب مع نظام الملالي بحثاً عن المعتدل أو الإصلاحي في سراب ولاية الفقيه إضافة إلى التوصل لاتفاق معه في الملف النووي. وهذا هو النهج الذي شجع النظام الحاكم بإيران على تماديه في مختلف بلدان المنطقة على حساب أمنها واستقرارها. العلاقات موجودة بين المقاومة الإيرانية والمعارضة السورية وبلغت مستوى عالياً، وليس هناك من حاجة للتنسيق لأن المقاومة الإيرانية في خندق واحد مع المعارضة السورية الديمقراطية في جميع الساحات السياسية والإعلامية، وذلك من خلال اللقاءات والمشاركة في النشاطات السياسية المشتركة، وكذلك في مجال المعلومات خاصة ما تحصل عليه المقاومة الإيرانية من داخل نظام الملالي حول مخططات النظام في سوريا. وأهمية هذه العلاقات بين المقاومة الإيرانية والمعارضة السورية هو أن هذا الالتقاء يبطل ويدحض المخطط الإستراتيجي للنظام المبني على الطائفية. من جهة أخرى، يحاول نظام الملالي دائماً الادعاء بأن موقفه الداعم لنظام بشار الأسد هو موقف الشعب الإيراني، كما يحاول الإيحاء بأن بشار الأسد يحظى بعمق إستراتيجي داخل إيران باعتبارها أكبر بلد في المنطقة، إلا أن الحقيقة مختلفة تماماً، فالنظام الإيراني نفسه نظام ساقط شعبياً ولا يوجد لديه أدنى قاعدة شعبية داخل إيران، وهو نظام آيل للزوال. هذه الحقيقة تظهر بصورة جلية عندما تلتقي المقاومتان الإيرانية والسورية معاً، خاصة على مستوى القيادة، فرسالة هذا الوفاق النضالي هي اقتراب نهاية نظام بشار الأسد والملالي معاً. وهناك فعاليات سياسية مشتركة بين المقاومة الإيرانية والمعارضة السورية كما حدث في المظاهرة، التي أقيمت في نيويورك احتجاجاً على وجود الملا روحاني في الأممالمتحدة، حيث شارك أبناء الجالية السورية في نيويورك في هذه المظاهرة إلى جانب أعضاء المقاومة الإيرانية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. إذا تتبعت الأخبار والتحولات داخل إيران عن قرب، فإنك ترى أن المجتمع الإيراني يتحرك في اتجاه إسقاط نظام ولاية الفقيه. نظام الملالي في السنوات الأولى من عمره جعل من حرب إيران مع العراق غطاءً لقمع وخنق المجتمع. وحشد المجتمع بالقوة خلف الحرب، لكن بشكل صوري، عبر القمع لأي اعتراض بحجة الحرب والعدو الخارجي. وهذه الحربة أخذتها منه المقاومة الإيرانية. ومن ثم علق نفسه على المشروع النووي وبحسب كلام مس5ولي النظام ومن خلال شعار «النووي حق مسلم لنا» ليحشد بالقوة مرة أخرى الجميع خلف مشروعه وأسكت حتى الجماعات والشخصيات، التي تخالفه وبعض القوى المعارضة، ووضعها تحت عباءته وذلك باعتراف مس5ولي النظام نفسه. المقاومة الإيرانية وحدها كانت وما زالت في مواجهة النظام ومشروعه النووي وسعيه لامتلاك الأسلحة النووية، وتمكنت في النهاية من خلال السعي والمتابعة المستمرة أن تأخذ هذه الحربة أيضاً من يده، وقامت المقاومة الإيرانية بفضح مشاريع النظام النووية أكثر من 100 مرة، وقدمت للمجتمع الدولي كثيراً عن الحقائق، التي أخفاها في مساعيه الحثيثة المتعلقة بالمشروع النووي والبرنامج العسكري، الذي نتج عنه اتفاق جرد طهران من حلمها النووي العسكري. ونحن نعتبر ذلك هزيمة إستراتيجية لنظام ولاية الفقيه، ويمكن ر5ية هذه الحقيقة بوضوح في الوجه المنهك والعبوس للولي الفقيه في هذه الأيام. هزيمة النظام تتضح أكثر أمام الشعب الإيراني، ونحن نشهد هذ الأيام عبر أخبار الداخل الإيراني، حيث إن مختلف شرائح الشعب باتت تتحدث علناً عن الجرائم والفساد داخل النظام، خصوصاً ضد شخص خامنئي. النظام بات يقترب من نهايته لأنه وفي کل قضاياه الإستراتيجية قد قضي أمره. وأصبح بنفسه يعيش حالة من التوجس ولذلك فإنه يضاعف من الإعدامات والاعتقالات کي يرعب الشعب. إيران تمتلك مقاومة منظمة وقوية قادرة على إسقاط نظام ولاية الفقيه، ولكن عليكم أن تضعوا في اعتبارکم أن الشعب الإيراني ومع أنه يكره هذا النظام حتى العظم لكنه يقف في مواجهة غير متكافئة ضده وفي هكذا ظروف، فإن المجتمع الدولي خصوصاً دول المنطقة بإمكانها مدّ يد العون له. کيف؟ بلدان المنطقة التي تعاني من تدخلات نظام الملالي وزعزعة الاستقرار بإمكانها تحطيم العصى، التي يعتمد عليها هذا النظام للبقاء وبذلك تلعب دوراً نوعياً في مساعدة الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. إن قطع أذرع نظام الملالي من العراق وإسقاط بشار الأسد، سترون ما سينجم عنهما من آثار داخل إيران، حيث ستكون بداية نهاية هذا النظام.