قبل أن يفقد موطئ قدمه في سوريا، يعمل نظام الملالي في إيران حثيثاً على تثبيت نفوذه وإكمال سيطرته على جميع مفاصل الدولة في لبنان. نظام ولي الفقيه لم يبعد لبنان عن خططه الرامية إلى إقامة إمبراطورية فارسية تحت غطاء الطائفية، فحتى وفي أشد تنامي النفوذ والسيطرة لنظام الملالي في سوريا وفي العراق اللتين باتتا في قبضة ملالي طهران لم يغفل لبنان ولم يسقط من حسابات الإيرانيين الذين يعلمون أن لبنان له ميزات وخصائص تتجاوز مساحته الجغرافية ومكانته الدولية؛ فالبلد كان ولا يزال «مطبخ» المخابرات الدولية، وفي فنادقه ومكاتبه تدبر سيناريوهات التغير والمؤامرات وتعد التقارير، إذ لا يكاد جهاز مخابرات مهما كانت الدولة التي يتبعها، كبرى أو هامشية، من الدول الخمسة الدائمة العضوية أو الأوروبية عربية أو إفريقية، إلا لها وجود استخباراتي لرصد التأثير على ما يجري في الشرق الأوسط. نظام ملالي طهران وعبر حكومة نجيب ميقاتي التي يعتبرها الكثيرون حكومة حزب الله، أكملت حلقات السيطرة الإيرانية، فبعد وضع اليد على الحكومة التي تأخذ تعليماتها من حسن نصر الله الذي بدوره ينفذ توجيهات ولي الفقيه علي خامئني، تكون إيران قد أكملت حلقات السيطرة والنفوذ، ولهذا فقول رئيس الأركان الإيراني الجنرال حسن فيروز أبادي دقيق تماماً حيث يتكلم عن مراكز عسكرية متقدمة لإيران في لبنان، مشيراً إلى التواجد في جنوب لبنان وشمال وادي البقاع وغرب بيروت وجبيل في جبل لبنان، بل وحتى السيطرة على مطار بيروت الدولي الذي لا تغيب عنه عيون المخابرات الإيرانية عبر عملائهم أعضاء حزب الله، الذين هم وحدهم القادرون على إدخال وإخراج من يريدونه إلى لبنان أو منه، وقصة خروج وعودة الجنرال جميل السيد يعرفها جميع اللبنانيين. والآن وبعد قيام حكومة ميقاتي التي تدار من قبل حزب الله، بإلغاء تأشيرات دخول الإيرانيين إلى لبنان، فإن مطار بيروت سيكون باباً مشرعاً لدخول السياسيين ورجال المخابرات والمكلفين بتنفيذ العمليات الإرهابية القادمين من إيران، سواء كانوا إيرانيين أو من جنسيات أخرى أكملوا تدريبهم في إيران وزودوا بجوازات إيرانية تمكنهم من الوصول إلى لبنان لتنفيذ ما يطلبه ملالي إيران.. فلبنان تحول فعلياً إلى قاعدة عسكرية متقدمة للنظام الإيراني مثلما يؤكد حسن فيروز أبادي، وهذه القاعدة ستمكن نظام طهران ليس فقط تعويض فقدان سوريا بل توسيع مساحات اختراق نظام الملالي للأمن القومي العربي، بل وحتى تهديد الأمن والسلام الإقليمي والدولي، عبر تحويل لبنان إلى محطة تدريب وتصدير للإرهابيين.