تتوقع حكومة الولاياتالمتحدة أن تجني مليارات الدولارات في عام 2016 من خلال بيع شيء لا يمكننا رؤيته أو تذوقه أو حتى وزنه: الطيف. حيث إن أجزاء من هذه الموجات الكهرومغناطيسية غير المرئية تحمل البث الإذاعي والتلفزيوني، وبصورة متزايدة، مقاطع فيديو اليوتيوب إلى هواتفنا الذكية. مع انفجار الطلب، تتعرض قدرة الأجهزة الجوالة للضغط. كانت شركات تشغيل الهواتف المحمولة تتطلع إلى الإشارات التلفزيونية، بسبب مداها البعيد واختراقها للمباني. لذلك، ترتب لجنة الاتصالات الفدرالية لإقامة مزاد لنقل بعض النطاق الترددي التلفزيوني للاستخدام عبر الهواتف المحمولة. الهدف هو زيادة التنافس الخدمة. وقد ينتهي الحال ببعض مشاهدي التلفاز بأن يدفعوا هم الثمن. في عام 2016، سوف تعقد لجنة الاتصالات الفدرالية أول مزاد تحفيزي لها. وسوف تدعو اللجنة المحطات التلفزيونية للتخلي عن موجات الأثير لديها، وستبيعها لأعلى المزايدين وستتقاسم الأرباح مع المحطات. من المتوقع أن يقدم المزاد للحكومة مبلغا صافيا يتراوح بين 10 إلى 40 مليار دولار، وهذا المال سيتم استخدامه بشكل رئيسي في تخفيض العجز في الميزانية الفدرالية. كانت شركات تشغيل الهواتف المحمولة تناشد الحكومة الأمريكية من أجل تحرير ما يكفي من موجات الأثير لتلبية الطلب المتزايد من قبل مستخدمي الهواتف الذكية وغيرهم من عملاء الاتصالات اللاسلكية. تضاعف عدد الأجهزة اللاسلكية الأمريكية على مدى عقد من الزمن ليصل إلى 355 مليون جهاز في عام 2014. كان الفيديو يمثل 50 بالمائة من مجموع بيانات حركة الهواتف النقالة في عام 2012، ومع نهاية عام 2014 كانت نسبته 55 بالمائة. من دون المزيد من النطاق الترددي المتاح للأجهزة الجوالية، قد يعاني المستخدمون من المزيد من المكالمات المتقطعة والتطبيقات المنهارة. في القرن السابع عشر، لاحظ إسحاق نيوتن أن أشعة الشمس التي تمر من خلال موشور تنقسم إلى ألوان قوس قزح، وسمى هذا بالطيف (دلالة على الخيالات أو الأشباح). يتراوح النطاق الكامل للطيف الكهرومغناطيسي من موجات صغيرة جدا أقصر من الذرة (عالية التردد)، إلى موجات بطول أميال (منخفضة التردد). الترددات المختلفة لها صفات مختلفة، حيث إن بعضها يحمل المزيد من المعلومات وبعضها يقطع مسافات أبعد. كلها معا، تشكل نوعا من العقارات الموجودة في السماء. كان المجال مفتوحا على مصراعيه عندما بين رائد الراديو الإيطالي جولييلمو ماركوني في عام 1890 كيفية إرسال الإشارات لاسلكيا عبر المسافات. وازدهرت الإذاعة بعد ذلك مع القليل من التنظيم، أولا وبشكل رئيسي في مجال الاتصالات بين السفن. في عام 1912، بعد أن منع تشويش الراديو وصول تحذير من وجود كتلة جليدية أمام سفينة تايتانيك، أنشأ الكونجرس الأمريكي سلطة فدرالية خاصة بموجات الأثير. في وقت لاحق، بدأت الحكومة في إصدار تراخيص، دون مقابل، منحت الاستخدام الحصري لترددات معينة. وقد حصل عليها المتقدمون من خلال جلسات استماع أو اليانصيب. في عام 1994، بدأت لجنة الاتصالات فدرالية بتخصيص موجات الأثير من خلال المزادات. كما استخدمت البلدان من الهند إلى البرازيل المزادات لتوزيع أجزاء من الطيف. حصدت مزادات أوروبا المحمومة في العامين 2000 و2001 ما يقارب 100 مليار دولار، لكنها تركت مقدمي خدمات الهواتف النقالة المدينين مثقلين بالديون، ما أدى إلى وجود حالات إفلاس وعمليات إنقاذ حكومية. تعتبر إدارة أوباما أن التكنولوجيات الجوالة هي وسيلة لنشر إمكانية الوصول للإنترنت عالي السرعة لعدد أكبر من الناس، وقد أيدت مزادات الطيف. يمتلك 7 بالمائة من الشعب الأمريكي هاتفا ذكيا، لكنهم لا يمتلكون خدمة النطاق العريض في المنزل أو لديهم أي إمكانية وصول سهلة أخرى للإنترنت. أقنعت شركات الاتصالات الأصغر حجما على مستوى الولاياتالمتحدة (تي موبايل وسبرينت) لجنة الاتصالات فدرالية بمنع موفري الخدمة المهيمنين (شركة إيه تي أند تي وشركة فيرايزون) من التقدم بعطاءات لبعض الترددات لضمان أن أكبر الشركات تتقاسم موجات الأثير المتاحة. عندما عطلت عملية شراء (إيه تي أند تي) لشركة تي موبايل في عام 2011، قالت وزارة العدل الأمريكية: إنه كان يلزم وجود أربع شركات اتصالات وطنية للحفاظ على القدرة التنافسية في مجال الاتصالات اللاسلكية. تستطيع محطات التلفزة التي تبيع الطيف الانتقال إلى ترددات أخرى، وربما التشارك مع محطة بث أخرى. ورغم أن معظم مشاهدي التلفاز يشاهدون البرامج عبر الكيبل أو عبر الأقمار الصناعية، يقول النقاد: إن المحطات التي تختفي عن البث الهوائي سوف تتسبب بأضرار لما يقارب 15 بالمائة من الشعب الأمريكي، من الناس الذين يحصلون فقط على محطات التلفزيون المجانية عبر الأثير. ومن الممكن أن تغلق عشرات المحطات التلفزيونية العامة التي تديرها الحكومات المحلية والجامعات والتي تعاني من ضائقة مالية أو من الممكن أن ينخفض مدى انتشارها، ذلك على اعتبار أن الأموال التي سيتم تحصيلها من المزاد سوف تكون ضخمة على نحو لا يسعهم التجاوز عنها.