اتسم نشاط عمليات الاندماج والاستحواذ غير المسبوقة لهذا العام بعدد من السمات، فقد أطلق عليه المعلقون أوصافا مثل موجة، وطفرة، وهوس وجنون وطوفان. أنفقت الشركات الامريكية مبلغ 3.7 تريليون دولار على عمليات الاندماج والاستحواذ، أكثر من أي وقت آخر في تاريخها.. وهذا ينبغي أن يرفع من مكانة مصرفيي الاستثمار لتصل إلى القمر. (وبالمناسبة: لو جمعت أوراق البنكنوت من فئة الدولار لتجميع مبلغ 3.7 تريليون دولار، فإن كومة الدولارات سوف تصل إلى القمر). ودفع شركات الاستحواذ مبالغ ضخمة هذا العام (خاصة بالنسبة للأصول الأمريكية)، الأمر الذي قد يجعل فورة صفقات عام 2015 تدخل في منطقة تنطوي على المخاطر والمزالق. وهذا أمر يدعو إلى المفارقة، لأنه في نفس الوقت الذي كانت تتعرض فيه كارلي فيورينا، المرشحة للانتخابات الرئاسية، للانتقادات الشديدة على خشبة المسرح وفي الصحف اليومية بسبب إبرامها لصفقات مضرة بالقيمة عندما كانت تشغل منصب الرئيسة التنفيذية لشركة هيوليت-باكارد، كان الكثير من الرؤساء التنفيذيين يواصلون عمليات الشراء المحفوفة بالمخاطر بمبالغ تعادل أو تزيد عن السعر المدفوع في عملية الاستحواذ على شركة كومباك للكمبيوتر مقابل 25 مليار دولار، والتي أبرمت حين كانت فيولاينا على رأس الشركة في عام 2001. في الواقع، بعض معاملات هذا العام تجعل تلك الصفقة تبدو بأنها صغيرة جدا. بالنسبة لبعض المشترين - مثل فايزر، وأنهويزر - بوش إنبيف وشركة ديل - تم إجراء عمليات الاندماج الضخمة تقريبا بسبب الضرورة، بمعنى أنه لم تكن هنالك سبل أخرى كثيرة يمكنها إنتاج التوسع في وتيرة المبيعات والأرباح التي يتوقعها المساهمون (ناهيك عن تحقيق وفورات في الضرائب). الشركات التي تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 50 مليار دولار تحتاج شيئا لإحداث تغييرات مهمة.. إن تنفيذ عدد هائل من الصفقات يعتبر نوعا من الملاذ الأخير. لكن لم يحدث أبدا مسبقا أن تم تنفيذ هذا العدد الكبير منها في وقت واحد، ولهذا السبب تنتهي هذه السنة بنغمة متباينة. البشرى السارة الجيدة هي أن الشركات يجري مساءلتها من قبل مساهميها بطريقة لم يسبق لها مثيل، ولذلك فإنها تتصرف بطريقة استباقية عندما يتعلق الأمر بالأشياء مثل تفويت عمليات التكامل وتصويب الأوضاع التي تجتاح صناعاتهم. في الوقت نفسه، الأسهم منذ الآن متقلبة قليلا، لذلك إذا اصطدمت بعض تلك المعاملات الضخمة بالصعوبات، يمكن أن تتسبب بأضرار للسوق. ونحن نعلم بأن تكاليف اسم الشهرة ترتفع إلى الأعلى، وهي عادة ما تكون دلالة على أن شركات الاستحواذ تدفع مبالغ أكبر مما يجب. (بلغت تكاليف اسم الشهرة في صفقات هذا العام مبلغ 2.5 تريليون دولار). تاريخيا، لم تكن عمليات الاندماج الكبيرة ناجحة لهذا السبب. ونتج عن هذا شطب قيم الأصول، وخفض الأرباح (على الورق على الأقل) وهبوط أسعار الأسهم. وتذكر، الجزء الجيد من عمليات الاستيلاء لهذا العام كانت صفقات من خلال بيع الأسهم. وبغض النظر عن ذلك، يفوز المصرفيون. حيث إنهم يستفيدون عندما يبرمون الصفقة، ويستفيدون عندما يتعين على الشركة إلغاؤها (على سبيل المثال، مثلما ما حدث مع كوناجرا). وحققت المصارف الاستثمارية أكثر من 26 مليار دولار من رسوم معاملات عمليات الاندماج والاستحواذ هذا العام، المبلغ الأعلى منذ عام 2008، وفقا لتقدير من قبل فريمان استنادا إلى صفقات على الصعيد العالمي. وهذا فقط بالنسبة للصفقات التي تم إبرامها، إذ إن ثلثها لم تصل مرحلتها النهائية بعد، بحسب ما تظهر بيانات جمعتها بلومبيرج. وفي بداية هذا العام، انتقد وارن بوفيت "الأخوة المصرفية"، التي تتألف من دورة يقوم فيها المستشارون بالنصح بعمليات الاندماج، ومن ثم يشجعون على تفكيكها بع إبرامها، وبعد ذلك يقترحون إعادة الاستحواذ على الشركة - وكل ذلك مقابل رسوم وعلاوات وأتعاب. وكتب يقول: إن هذا هو السبب وراء "القول إن الرسوم في كثير من الأحيان تؤدي إلى المعاملات بدلا من أن تؤدي المعاملات إلى الرسوم". وفي العام الجديد سنرى إن كان محقا.