لا أجد مسوغا واحدا لمدرب الهلال السيد دونيس في حالة "التخبيص" الفني التي انتهجها مؤخرا مع فريقه، وكلفته خسارة نقاط غالية وثمنية كانت ستدفع به كثيرا في صدارة الترتيب، وتنهي حالة الخصام مع لقب الدوري، والتي امتدت لأربعة مواسم وقد تزيد. دونيس والذي ملأ الدنيا ضجيجا بعد أن استطاع انتشال الهلال من مرحلة الهوان والضعف التي خلفها سيء الذكر عند الهلاليين "ريجيكامب"، وأسس لحقبة ماتعة ومنضبطة كان مهرها لقبين مهمين أمام الغريم التقليدي النصر، انقلبت أوضاعه وتبدلت مع المدرج الأزرق وبات مثار غضب جامح وسط صمت إداري مطبق. سنوات الحرمان الماضية التي عانى منها الهلال وابتعد عن لقب الدوري قد تتكرر هذا الموسم، ما لم يتدارك الصارم اليوناني الموقف ويعيد حساباته من جديد، قبل أن يحضر مشرط الجراح الأزرق وتنتهي رحلة المغامر مع لقب الدوري قبل أن تبدأ. الهلال والذي يقاسم الأهلي صدارة الترتيب تبدو أوضاعه مستقرة للغاية ومشجعة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء العقدة التي بدأت تترسخ في أذهان محبي النادي مع لقب الدوري، بيد أن دونيس ربما يكون له رأي آخر. من يصدق أن مديرا فنيا يطمح لاكتساح ألقاب الموسم شارف الدور الأول من موسمه على النهاية وهو لم يستقر على تشكيلة ثابتة؟ ومن يصدق أكثر بأن الهلال البيئة المثالية والمكان الآمن والمريح للاعبين بات منفرا وطاردا بسبب عنجهية دونيس وإصراره على تنفيذ قناعاته الخاطئة؟!! من غير المعقول أن يتفق الجميع على أخطاء المدرب الفادحة، والتي ستكلف الهلال الكثير، وتصمت معها الإدارة الهلالية صمتا مطبقا يثير الريبة والشكوك حيال مستقبل الزعيم واستحقاقاته القادمة، وإلا كيف نفسر استمرار المدرب على "تخبيصه" من مباراة إلى أخرى دون أن تتغير الأوضاع وتتبدل. في الهلال جمل من الأخطاء التي يراها الأعمى لشدة وضوحها، ومع ذلك المكابرة فنيا وإداريا هي سيدة الموقف، وربما يكون لصدارة الترتيب المشتركة دور في عدم استفحال الغضب الجماهيري على المدرب والإدارة، ولكن الخسارة أمام النصر في ديربي العاصمة المنتظر ستهدم بنيان وجه السعد واليوناني العنيد، وستعيد الهلال إلى نقطة الصفر، وهذا ما لا تتمناه الجماهير الهلالية بكل تأكيد. الأخطاء واردة والوقت متاح للتصحيح، ولكني أحذر الهلاليين من قناعات دونيس وعناده غير المبرر، فخسارة الهلال للقب الدوري واستمرار ابتعاده ستكون عقدة أخرى، تماما كما هي الآسيوية "أم" العقد الزرقاء، والتي أضحت بعيدة المنال عن الزعيم بعد أن كان سيدها وزعيمها لسنوات طوال. حنكة نواف بن سعد الإدارية وخبرته في العمل مع المنتخب والهلال كفيلة بإعادة الأمور إلى نصابها، شريطة أن تتحرك مبكرا وألا تنتظر كارثة جديدة تحطم آمال الزعماء وتذكرهم بالمواسم السيئة الماضية. أخيرا وقبل أن أسدل الستار على تخبيص السيد دونيس، بودي أن أشير إلى نقطة مهمة وأعيد تكرارها غير مرة، حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز عمل دونيس خلال الفترة الماضية، وأنه أحد أهم أسرار عودة الزعيم إلى قارعة البطولات، بيد أن العناد والمكابرة ربما يكلفان الهلال كثيرا ويقودانه إلى مرحلة أشبه بالعقدة. وعلى دروب الخير ألتقيكم بحول الله في الأسبوع القادم، ولكم تحياتي.