تأتي محاكمة المتورطين في القضايا الإرهابية تأكيدًا للعهد الذي قطعته الدولة وأكدته في أكثر من مناسبة في ملاحقة عناصر الإجرام مهما طال الزمن، وتقديمهم للعدالة وتحكيم شرع الله فيهم، وتأكيدها المستمر على الضرب بيد من حديد على كل عابث بأمن هذا الوطن ومقدساته وسد الطريق على كل من تسوِّل له نفسه العبث بأمنه واستقراره. وفي الرياض (14/9/1424ه) الموافق الثامن من نوفمبر عام 2003 هزت عدة انفجارات مجمع المحيا السكني الواقع في وادي لبن غرب الرياض، حيث قامت مجموعة إرهابية تستقل سيارة بالمرور من أمام مجمع المحيا السكني وإلقاء قنابل يدوية على الحراسات الموجودة أمام بوابة المجمع، وإطلاق النار بكثافة عليهم. أعقب ذلك ادخال سيارة جيب إلى المجمع وهي من نوع تويوتا مموهة بلون أحد القطاعات الأمنية، ومحمَّلة بالمتفجرات تزن ثلاثمائة كيلو جرام، وهي عبارة عن خليط من المواد المتفجرة، ومن ثم تفجيرها داخل المجمع في عملية انتحارية، حيث نتج عن ذلك وفاة 17 شخصًا، وإصابة 122 من جنسيات مختلفة. أطفال ونساء وتقول المعلومات المتوافرة حينها إن أفرادًا من تنظيم القاعدة مرُّوا مستقلين سيارة من طراز «مكسيما» أمام مجمع المحيا السكني، وألقوا قنابل يدوية على الحراسات الموجودة أمام بوابة المجمع وأطلقوا وابلًا من النار عليهم، وأعقب ذلك إدخال المجموعة المهاجمة سيارة جيب مطلية بلون أحد القطاعات الأمنية ومحمَّلة بمتفجرات تزن 300 كيلو جرام إلى المجمع وتفجيرها في عملية انتحارية نتج عنها وفاة 17 شخصًا وإصابة 122 من جنسيات مختلفة، وجرى التعرُّف على اثنين من منفذي التفجيرات من خلال فحص الحمض النووي. ويضم المجمع السكني الذي تعرَّض للتفجير 200 فيلا سكنية بمساحة 86 ألف متر مربع يقطنها بشكل أساسي العمال العرب الذين يعملون بالسعودية، ومن بينهم المصريون واللبنانيون والسعوديون، وكان من بين المصابين عشرات النساء والأطفال الذين كانوا في منازلهم آمنين. العقل المدبّر وكان عبدالعزيز المقرن هو قائد لهذه الخلية والعقل المدبر لعدة عمليات إرهابية، من بينها مجمع المحيا السكني، وأربعة متهمين، وتركي فهيد المطيري، وعصام المباركي، وصالح العوفي، وعبدالمجيد اليحيى، وعيسى العوشن، وناصر السياري، وعلي حامد المعبدي. وكان قائد خلية التنظيم المقرن قد شرع في التخطيط والاستهداف، وبدأ في تنفيذ الأعمال الإرهابية داخل المملكة لتحقيق أهداف تنظيم القاعدة بعد توليه قيادة التنظيم في منتصف عام 1424ه، فأعطى أوامره لأعضائه في البحث وجمع المعلومات عن المواقع المستهدفة، وقد كان فيصل الدخيل يتولى هذه المهام بمشاركة كل من ثلاثة أشخاص من بينهم الموقوف نمر البقمي. وقد استقرت هذه المجموعة على اختيار مجمع المحيا السكني لاعتبارات تتعلق بموقعه وجنسيات ساكنيه ومداخله وعدد حراساته الأمنية والأسلحة التي بحوزتهم. زمرة الشيطان بعد اختيار مجمع المحيا السكني بدأ الشروع في تأمين متطلبات العمل الإجرامي التي كانت على النحو التالي: جهَّزت الخلية الإرهابية أوكارًا تكون مقرًا لإعداد وتجهيز وتشريك السيارات المعدة لتنفيذ التهمة. وتم استئجار استراحة باسم إبراهيم الدريهم، كما عثر على مواد من نترات المونيوم وبرادة الالمونيوم، ومسحوق الفحم التي تستخدم في تجهيز المواد المتفجرة بعد خلطها وقذائف آر بي جي وفتيل صواعق متفجرة داخل الاستراحة. كما عُثر داخل مزرعة أحد المتهمين والتي تقع في المليداء الشمالية بمحافظة عيون الجواء بمنطقة القصيم. واستخدم هذا الوكر من قبل التنظيم كمصنع لتجهيز وخلط المواد المتفجرة، وقد اختار التنظيم هذا الموقع، وذلك لبُعده عن الأنظار، وقد قام سعود القطيني قائد خلية القصيم آنذاك بجلب الآلات التي تستخدم في تجهيز وفك المواد المتفجرة، فقام بإحضار طاحونة كبيرة، وميزان، وماكينة خياطة، ومجموعة من الكراتين المعدة لتخزين التمر. كما قام بجلب المواد المستخدمة لصنع المواد المتفجرة كمادة نترات المونيوم وبعض الأسمدة والفحم، بعد ذلك شرع أعضاء التنظيم في خلط هذه المواد وتجهيزها في العلب المعدَّة لتخزين التمور، ومن ثم البدء في نقلها إلى الأوكار المعدة في مدينة الرياض، حيث بلغ ما تم تجهيزه ما يقارب طنين نقلت عن طريق أحد المتهمين، وسعود القطيني إلى سوق عتيقه، حيث استقبلهم المتهم نمر البقمي، وقام هو وفيصل الدخيل، وطلال العنبري، وعصام مباركي، وعبدالمجيد الطلحي، ومتهم آخر بأخذها، ومن ثم تخزينها واستخدم أعضاء التنظيم عدة سيارات لتنفيذ جريمتهم، فقد كان لكل سيارة قائدها الدور المناط بها. والمجموعة الثانية (الاقتحام): شكّلت هذه المجموعة من فرقتين تقومان بعملية إطلاق النار على البوابة لتسهيل دخول السيارة المفخخة وتشكلت من: السيارة المكسيما بقيادة نمر البقمي ويرافقه شخصان. أما سيارة باثفاندر ويقودها فيصل الدخيل ويرافقه خالد السنان، فقاما بإطلاق قذائف الآر بي جي من الجبل الموازي لبوابة المجمع. وبعد انتهاء فرقة التنفيذ من القيام بهذا العمل الإجرامي، انسحبت فرقتا الاقتحام إلى المكان المتفق عليه بأحد الأوكار الإرهابية. إحدى السيارات المستخدمة في الهجوم أحد ضحايا تفجير مجمع المحيا الإرهاب الأسود لا يفرق بين لون أو جنس أو دين