وافق مجلس الوزراء الموقر في جلسته الماضية بإطلاق برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية للأجهزة الحكومية والذي يهدف إلى تطبيق مفهوم الموارد البشرية وإعداد القادة من الصف الثاني، ووفق الإعلان فان البداية ستكون بشكل تدريجي وابتداء من بداية العام الهجري الحالي، وان تكون مقتصرة على بعض الوزارات كمرحلة أولى على أن يتم رفع تقارير دورية إلى مجلس الاقتصاد والتنمية عن سير أعمال هذا البرنامج. لا يختلف اثنان على أن تطوير الموارد البشرية بشكل عام والعاملة في الأجهزة الحكومية يمثل أمرا هاما وأساسيا لا سيما في هذه المرحلة التي تشهد تغيرات متسارعة والقضايا أصبحت أكثر تعقيدا من ذي قبل مع الأخذ في الاعتبار زيادة حجم العمليات اليومية التي تقوم بها الأجهزة الحكومية، اضافة إلى أن الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن جزء لا يتجزأ من عملية التنمية التي يعيشها الوطن. أتت أهداف البرنامج لتركز على تطبيق مفهوم الموارد البشرية اضافة إلى إعداد القادة من الصف الثاني، وهذه العملية تمثل في غاياتها رؤية استراتيجية للانتقال أو للتحول من ممارسة ما يعرف بإدارة الموارد البشرية (شئون الموظفين) الى مفهوم تطوير الموارد البشرية، حيث إن الاختلاف كبير في المفهوم والممارسة بين الاثنين، ورسالة واضحة ان المرحلة القادمة ستشهد الاستثمار في الموارد البشرية وبنائها بالشكل الصحيح لتمثل دعامة أساسية لمستقبل الوطن. لا شك أن المهمة صعبة وليست مستحيلة وعراب هذا المشروع معالي وزير الخدمة المدنية يعلم ذلك جيدا، ويعلم أن هناك متطلبات رئيسية لتطوير الموارد البشرية وقد يكون أغلبها غير متوافر في غالبية الأجهزة الحكومية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر فتوافر سياسات واجراءات واضحة، وهياكل ادارية معتمدة، والوصف الوظيفي وبيئة عمل محفزة واجراءات واضحة للتوظيف ومتطلباته وبرامج تطوير الكفاءات بما في ذلك برامج التدريب والتطوير، ونظام الترقيات والزيادات وكذلك سلم الرواتب والأجور والمكافآت والحوافز، وهذه المتطلبات قد تمثل جزءا أساسيا في عملية تطوير الموارد البشرية، ولكن متى ما أغفلنا هذه المتطلبات بكل تأكيد سيكون مصير هذا البرنامج التعثر والفشل وسنتجه لمرحلة المبررات والبحث عن الأسباب. تطوير الموارد البشرية يجب أن يكون أولوية في جميع القطاعات وليس القطاع الحكومي فقط، ولكن قد تكون الأسباب ملحة في القطاع الحكومي عن غيره حيث قلة الكفاءات ونمطية اسلوب العمل، وبالتالي تحديد الأهداف وتطوير الأسلوب الاداري وأسلوب المحاسبة والمتابعة سيكون عاملا مهما ورئيسيا في نجاح هذا البرنامج، كما ان استقرار الكفاءات الإدارية وتطويرها ومنحها الفرصة بشكل متواصل لتتقلد المناصب العليا القيادية سيساهم بخلق بيئة ابداعية مبتكرة ستعود نتائجها على هذا البرنامج، عندها ستكون بيئة العمل الحكومي جاذبة وليس العكس. ابارك لوزير الخدمة المدنية هذه الموافقة، ونتمنى له شخصيا وكافة من يعمل معه في هذا البرنامج النجاح والتأييد وكذلك جميع العاملين بالاجهزة الحكومية، والذين نتطلع منهم العمل الجاد والمميز في خدمة هذا الوطن الغالي وأبنائه.