الأحساء عبر مختلف عصورها أرض منجبة للشعر والشعراء، وكأني بنخيلها لا ترتضي إلا بالشعر سموقاً، ولا ترتضي عيونها إلا بالشعر عذباً جارياً.. تلكم الأحساء التي أحبها من أتى إليها، فطاب له المقام فيها، كيف لا وهي الأرض الطيبة بأرضها وناسها. لقد ورد في الأمثال العربية،مثل: «كجالب التمر إلى هجر»، ونقيس عليه: «كجالب الشعر إلى هجر»، ويقولون إن شعراء الأحساء بعدد نخيلها، إذ لا تخلو أسرة من شاعر، أو راوية شعر، وكان نبوغهم في الشعر قديماً وحديثاً، ولعل أشهرهم الشاعر الفحل علي بن المقرب العيوني المولود في العيون بالأحساء عام 572 ه والمتوفى عام 630 ه، وآخرهم الشاعر الطالب حيدر العبدالله الحاصل على جائزة أمير الشعراء في دورته الأخيرة، ويصعب علينا هنا ذكر شعراء الأحساء قديمهم ومعاصرهم، فهم كثر، وذكرهم في بطون الكتب والمراجع الأدبية والتاريخية، يغني عن ذكرهم هنا، ولعلي أقف هنا عند أجد شعراء الأحساء، وأحدثهم سناً (17 سنة)، وهو الطالب الشاعر أنس بن عبدالله الخضير الحاصل على المركز الثاني من بين (272) طالباً من ( 45) إدارة تعليمية في المملكة في مسابقة الشعر الفصيح التي نظمتها الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكةالمكرمة، وقد تم تكريمه من لجنة المسابقة، كما كرمه مؤخراً سعادة مدير عام التعليم بمحافظة الأحساء أ. أحمد بن محمد بالغنيم، تقديراً منه للمواهب الشابة، وفقه الله. لقد أحسن الشاعر أنس الخضير اختيار موضوع قصيدة المسابقة، إذ جاءت مواكبة للأحداث التي يشهدها الوطن، إثر قرار الملك الحازم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في اطلاق عاصفة الحزم، بقوله: أكرم بعاصفة يسمو بها وطني تحارب الظلم، تبقي البغي محترقا كما وفق في اختيار عنوان القصيدة «سلمان يمسك بالجهات الأصلية»، وخادم الحرمين الشريفين يمسك بالجهات الأصلية للوطن في شرقه وغربه، وشماله وجنوبه، وهي دلالة على ما يتمتع به الوطن من أمن وأمان ورخاء بقيادة الملك سلمان حفظه الله، وأنه رغم الحرب التي يخوضها في جنوبه، لا يشعر المواطن في أي من المناطق الأخرى أن وطنه في حالة حرب، وهذا من فضل الله، يقول الشاعر أنس: في ظل مملكة سلمان قائدها يعطي سخاء وكم للخير قد غدقا إن الشاعر الذي لا تستنهضه المواقف، ولا تستنطقه أحداث وطنه ليس بشاعر، ويأتي دور المؤسسات الأدبية والثقافية في رعاية ودعم المواهب الشابة، وإعدادهم ليفخر بهم الوطن مستقبلاً، إن تبني هذه المواهب في هذه السن المبكرة، سيجعلهم رواداً للشعر في المستقبل، فالحصول على جوائز هو مؤشر بداية ناجحة، ويتبعه المزيد الذي يجعل قدم الشعراء الشباب في الشعر راسخة، فعليهم التواصل مع رواد الشعر المعاصرين، والاطلاع على دواوين الشعر في القديم والحديث، لتنمية معارفهم الشعرية، والتزود بأدبيات الشعر وأدواته، فالثقافة الشعرية زاد لا يمكن للمبتدئين الاستغناء عنه ، كما أن فكرة القصيدة في نظري هي بداية تميزها، والدخول في المسابقات الشعرية بغض النظر عن الحصول على مراكز متقدمه فيها، والاطلاع على معايير المسابقة، هو بحد ذاته، فرصة للتحسين والتطوير. اسأل الله تعالى لشاعرنا الشاب أنس بن عبدالله الخضير، ولكل صاحب موهبة كل توفيق.