منذ سنوات بل عقود من الزمان كان التفرغ الأدبي والفني مدعوما من قبل بعض الدول في منطقة الخليج العربي، والكثير من الدول المتقدمة في العالم، وفي دولة الكويت التي بدأت منذ عهد طويل بتفريغ الفنانين لمزاولة الفن برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون، والتي بدورها أفرزت أسماء مميزة في سماء الفن التشكيلي الكويتي والخليجي، استكملت دراستها، وطورت من أدائها، وساهمت في بناء الحركة الثقافية والفنية في الكويت والخليج العربي. وفي السعودية كان الحلم قديماً، أتذكر أنني طرحت هذا الموضوع في الصحافة قبل ربع قرن أو أكثر، وطرحه أكيد غيري في بعض كتاباتهم، وهأنذا أجدد طرحه مرة أخرى. هل التفرغ الأدبي مجدٍ للدولة؟.. هل التفرغ الأدبي مجد للمثقف؟. أجزم بأنه مجد لمن يمتلك مشروعا ليبني وطنا ومجتمعا، مجد لمن لديه مشروع وهو يحتاج لوقت ومال، مجد للطموحين. في ألمانيا وفرنسا توجد العديد من المبادرات من قبل بعض المنظمات المدنية وبعض المبادرات شبه الحكومية لدعم المبدعين في شتى مجالات الإبداع الثقافي، وكذلك الجامعات العريقة في العالم، التي تأخذ على عاتقها دعم المبدعين في منحهم التفرغ للبحث وللعلم وللثقافة والفنون. فبعض هذه الدول تقدم منحة تفرغ للكُتاب وللفنانين وللباحثين، وتمنحهم مبلغا من المال وتهيئ لهم السكنى وكافة احتياجاتهم الطبيعية، وتُؤمن على صحتهم، وذلك ليقوم هذا المُبدع بإنجاز عمله المميز، وبهذا يقوم بجهد أكبر وبإتقان أكثر، وذلك للدعم الكبير الذي سوف يلقاه أثناء تفريغه للإنتاج الثقافي. ونحن في السعودية نأمل من مجلس الشورى ووزارة الثقافة ونناشدهم إقرار منح التفرغ للمبدعين، وبالخصوص من يكون له مشروع من الممكن دعمه، والكل يعلم مدى صعوبة تحقيق تلك الطموحات لموظف دولة أو موظف شركة، كلاهما يستنزف وقته في العمل، وهو محكوم بوقت يقضيه داخل أروقة العمل، وأنا على يقين بأن هذه المنحة ستخلق حالة من الحراك الثقافي المميز، وسوف تحفز الكثير على إنجاز مشاريع متعثرة لدى الكثير من المبدعين.