لعبت الجوائز وتلعب دورا كبيرا في الاثراء والتحفيز والمنافسة الشريفة التي يمكن لها ان تقوم بتفعيل وحراك الواقع في المجال الذي تمنح فيه. والجوائز الثقافية والادبية التي اعتمدتها جل او معظم دول العالم ضمن هذه الدائرة منها ما اصبح له شهرته العالمية رغم محليته مثل جائزة (بوليتزر) ومنها ما ظل قابعا في دائرة المحلية وان سعى كما قلنا الى حراك الواقع الثقافي ودفعه للنهوض عبر منافسة شريفة وقوية. ولو نظرنا الى الواقع العربي لوجدنا ان غالبية الدول العربية استحدثت جوائز ادبية وثقافية منها ما ينفتح على العالم العربي ومنها ما يخص الواقع المحلي ولا نريد هنا ان نعدد ونحصي هذه الجوائز. في البداية يقول القاص المعروف محمد المنصور الشقحاء: من خلال النقاش الدائر حول مشروعية الجوائز واحقية الفائزين تتباين المطروحات بين المنجز والقائم وهذا التباين اثاره شعورنا بحق الفوز او بمعطى المشاركة في الترشيح وهذه الامور تفاعلية مع قتناعتنا بأن القائم على هذه الجائزة موظف وليس فنانا فحكمه جاء من خلال ارتباطه الوظيفي وكأن الامر مجرد برنامج لابد من تشغيله حتى لو انعدم عنصر المشاركة. الجوائز عندنا مرتبطة بمراكز ثقافية ادبية واجتماعية مرتبطة بالمدن ولا تتوسع لتشمل الوطن وهذا نراه في اسم كل جائزة ومسابقة ونخرج من هذا الحوار جائزة الملك فيصل التي لي فيها رأي خاص. الناقد عبدالعزيز السبيل: احسب ان الجوائز اما ان تكون تفعيلية او تشجيعية او تقديرية. ولعلنا بحاجة اليها جميعا. غير ان اكثرها وجودا الجوائز التفعيلية, التي تعمل على حفز الشباب على الانشغال بالشأن الثقافي والاتجاه نحو الابداع الادبي, لصقل المواهب واكتشاف القدرات وتدخل في ذلك المسابقات وما يخصص لها من جوائز. ولعل من ابرز ذلك ما تقوم به الاندية الادبية في هذا الاطار. فهذه الاندية تعمل جادة بمستويات مختلفة من اجل تفعيل الانشطة الثقافية والادبية في اطار اقليمي غالبا. ولعل تعدد المسابقات وبالتالي الجوائز في الاطار التفعيلي امر مهم واجده ضروريا لتحريك الركود الثقافي, وتهيئة الجيل الصاعد الى مستقبل ثقافي ارحب. غير ان . جائزة الدولة التقديرية في الادب موجودة ومنحت لعامين متتاليين لثلاثة من الادباء في كل عام, ثم فجأة توقفت, ولا احد يبرر هذا التوقف! اما وقد انيطت الثقافة بوزارة يثقلها الاعلام, ويهيمن عليها وآمل الا يطول الامر بها. واذا نجحت الوزارة في اعادة الجائزة, فعلها تفكر بجوائز تشجيعية على المستوى الوطني تمنح لاولئك الفاعلين في مجالي الثقافة والابداع ممن يقدمون اعمالا متميزة. ويرى د. خالد الحليبي الكاتب والشاعر انه لا تزال الجوائز الابداعية في بلادنا في غالبها تقدم للشداة, من خلال بعض المؤسسات الشبابية او التعليمية, او الاندية الادبية, التي تحاول كل عام ان تقيم مسابقة مكررة الشروط والمناحي, دون تجديد يذكر, بل ان الجوائز المقدمة ضعيفة جدا بالنسبة لحجم ميزانية الاندية. ولكن المفقود الجوائز التي تقدم للادباء الكبار اصحاب العطاء الكبير, دون حاجة لدخولهم في مسابقة ما, بل يكفي ان تقدر اعمالهم ومجهوداتهم لذلك كجائزة الدولة التقديرية. ويوجه القاص فهد العتيق هذه الاسئلة الى المسؤولين في وزارة الثقافة والاعلام قائلا: هل لديهم تحرك ما بهذا الخصوص يدعم الادب والفن في بلادنا بأي شكل من الاشكال؟ ويقترح ان تخصص وزارة الثقافة والاعلام مبلغا لا يقل عن مليوني ريال سنويا للقصة والرواية والشعر والمسرح والفن التشكيلي.. توزع بالتساوي لهذه الآداب والفنون كجوائز سنوية تقديرية للادباء.. وضمن هذا المبلغ جوائز اخرى تشجيعية للاصوات الادبية الجديدة في القصة والرواية والشعر.. ويكون هناك ضمن لجان القراءة ادباء واساتذة من الجامعات المحلية والعربية لضمان الحيادية والنزاهة. لكن السؤال: كيف تدخل نصوص وكتب ادبية ابداعية محلية للترشيح وهي غير مجازة من وزارة الثقافة والاعلام؟؟ اظن من الصعب نجاح هذه التجربة لدينا. ويقول الروائي ابراهيم شحبي: الجوائز الابداعية مهمة جدا لدعم النشاط الثقافي, وتعد جائزة ابها المقدمة من سمو امير منطقة عسير من اهم هذه الجوائز محليا بدليل اعداد المتسابقين ونوعيتهم بعد توقف جائزة الدولة, لكن هذه الجائزة لن تكون كافية ولابد لوزارة الثقافة ان تتبنى جائزة فاعلة ونافعة تترافق معها طباعة ودراسة وتسويق الاعمال الفائزة بشكل فاعل يحقق انتشار العمل ووصوله الى كل مهتم. نحن بحاجة الى جوائز داعمة ليس ماليا على اهمية ذلك للمبدع, لكن عرض الاعمال لحوارات جادة على مساحة الوطن وطباعتها بكيفية وكمية مميزة وتسويقها دعائيا وبيعيا يجعلنا نتفاءل بمستقبل ثقافي له حضوره. وتقول القاصة والناقدة نورة المري: الجوائز الابداعية في بلادنا وفي البلاد العربية بشكل عام مازالت في بداية الطريق, وتحتاج الى الكثير.. ليس فقط من جانب الدعم المادي بقدر الاهتمام بالدعم المعنوي.. فلابد من اختيار القائمين على التحكيم لهذه الجوائز بدقة شديدة من التخصص نفسه اما فيما يخص المبدعين الذين يشغلون في الغالب وظائف مهمة في القطاع الحكومي خاصة في الجامعات فانني اقترح ان يفرغ الاستاذ الجامعي المبدع لانجاز ابداعاته من شعر او قصة او اختراع ولا يكون التفرغ حصرا على البحث العلمي لنسير بمؤازرة الدول العالمية الاخرى. هناك اربعة امور لابد ان توضع في الحسبان وهي: * توفير الدعم المعنوي بالاضافة الى الدعم المادي. * الدقة في اختيار المحكمين. * تفريغ المبدع لانجاز ابداعه ومساعدته في نشره. * توفير رابطة قوية تحمي حقوق المبدع. ويرى الشاعر طارق ابو عبيد ان . انه في السنوات الاخيرة قد ازداد عدد الجوائز المحلية وازدادت المبالغ المخصصة لها, ولكن كل هذا قد لا يعوض غياب جائزة الدولة التقديرية للادب التي يفترض ان تمنح وتقدم بشكل رسمي يعكس اعلى درجات التقدير للمبدع, رغم علمي ان جائزة كتلك ستكون لها تعقيداتها واعتباراتها المختلفة من حيث مضمون ما يقدمه المبدع, وايضا الموقف الفكري والثقافي للمبدع الا انني اطالب بجائزة كهذه يكون لها دور كبير في دعم الحركة الثقافية في المملكة. اما الشاعر عبدالله الثابت فيقول: هذه الحدية في التصنيف ليست صحيحة, ففي رأيي انها اي هذه الجوائز تؤدي الوظيفتين معا لكن بشيء من التحيز لما سميته بالواجهة, اذا فهي تعمل على تفعيل الحركة الثقافية نسبيا رغم كل ما يعتورها من علامات الاستفهام حول الجهات التي تقدمها والحاصلين عليها في آن واحد, ففي الوقت الذي يحصل فيه مبدع اقليمي على جائزة وطنية كبرى نجد ان مثقفينا الذين تتحرك اسماؤهم على مستوى عربي او حتى اكبر من هذا مستبعدون لسبب او لآخر, اعني ان الجوائز لدينا جوائز مشروطة غير مكترثة لحقيقة الابداع. اما عن جزئية الرضا فوجودها افضل بالطبع من الا تكون موجودة ابدا. ويقول الشاعر الشاب سامي الثبيتي: تكريم المبدعين (الحلقة الاضعف) في سلسلة الاهتمام بالمبدعين وهنا يقال دائما اذا ما سمعت عن تكريم لمبدع - في وطننا العربي - فكن على يقين بانه قد مات!! هكذا تبدأ حكاية يأس, وهكذا هي لا تبدو الى انتهاء!! جوائزنا المحلية المعنية بالمبدعين تلك التي تأتي حبوا بفارق اطوال من السنوات. تأتي - بكل تواضع - على هامش المشهد الثقافي في ظل مشهد ثقافي (بكامله) يعيش حالة (تواضع). وتأتي مليئة بالثقوب. فالقيمة المعنوية للجائزة التي تشكل ابعادها اهتمام المسؤولين بحجم (وطن). نحن بحاجة الى مؤسسة ثقافية متخصصة يقوم عليها النخبة مهمتها تتبع مكامن القوة واشد عليها, لتحريرها من الضعف والرماد!! وبحاجة الى جوائز لا تقام على هوامش الاشياء.. نريدها مستقلة, واقفة قوية, نحن بحاجة لان يكرم الاحياء لمزيد من الضخ الابداعي, ولسنا بحاجة - فقط - الى تكريم يأتي على شكل دموع!! اما الكاتب فارس الهمزاني فيقول: المتتبع لمسيرة الجوائز الابداعية المحلية في وطننا يوقن انها تعيش في غيبوبة دائمة وغير قادرة على الافاقة, فالجوائز تعد على الاصابع على الرغم من تعدد المؤسسات الثقافية بمختلف مجالاتها, والاندية الادبية وجمعيات الثقافة والفنون بتواجدها الكثيف تطالب المبدعين بانتاج مختلف, وانجاز خارق, وتميز فذ, ولكن في المقابل ماذا سوف تقدم للمبدع خصوصا اذا كان شابا! ابراهيم شحبي محمد الشقحاء