جاء يسائلني: هل أنت هنا هل عدت تخاطب همس الليل وصوت الجدران الصماء؟ أجئت تحاكي صمت الصحراء؟ فقلت: أنلني أذنا صاغية فالصخب المجنون تعالى.. من كل الأمواج الوهمية.. راح يغني دون شفاه.. دون لسان.. فاسمعني حين أبوح بسري لأنامل هذا الطفل القادم من عبق الموت..
تسابق ظلي مع ريح الفجر تعانق كالمعشوق.. مع الأصداء الثكلى.. بأنين الصبح.. فولى يجمع أشلائي.. من بين الجثث الملأى بجراح الجرح..
تغافل هذا الظل الصامت عن كل الأصوات.. تغافل عن وهج الأصوات وطفق يدندن.. رغم قيود الليل بشعر أزلي.. كنت أظن جفوني قد تخفيه طويلا.. أو تمحو أحرفه الأولى
هدأت ثورة أحلامي ورأيت بعيني.. كيف تعملقت الأقزام وتاهت في نبض الأمواج أجبني: هل كنت رفيقي حين أضعت طريقي.. ورسمت على قبري ألوان الموت؟
طويت حنيني للقرية خلف ضلوعي.. وأضأت الدنيا بشموعي لم يسأل أحد عني.. حين رجعت الى عقلي وتسارعت مع الأيام العطشى لمياه الحزن.. أفتش فيه عن الأحلام الوردية عن هدأة موتي.. عن رقدة صوتي..
ما كنت حزينا.. حين تصاعدت الأحزان الى حلقي.. حين بهرت بذاك الضوء الساطع من ظلمات الحي.. وكنت شجاعا.. حين أفقت على لون من ألوان الجهل.. فرحت أبوح لكل الأموات بأسرار الطرقات المخفية خلف خيوط الشمس.. وخلف الهمس..
أجبني يا هذا المهووس: أكنت تراني مهزوما.. حين أفقت من الحلم الأول وصعدت الى عقلي.. أتلمس فيه نجاتي.. من كل الأحزان الكبرى وأفتش عن صوتي.. في كل طرائقه الموحلة بطين الموت؟
سخرت من الأيام الحبلى بعيون الحراس تلاحقني في كل طريق أعبر فيه الى ذاتي..
أفقت من المس أفقت من الهمس فاذا النيران تؤرقني بحرائق ما زالت تنمو في طرقات القرية.. ترسم ظلي.. ترسم لونا.. ليس كمثل الألوان على قبري..
لست وحيدا في القرية من فقد طريقا.. كان يؤدي للصحو.. فكل الطرقات الموبوءة بالحزن تهاوت حول الأنهار.. تلاشت خلف الأشجار.. فلم يبصر هذا البحار الأخرس شيئا من أشلاء طفولته..
هذا زمن الموت.. فدعني أتذكر صوتا كان يهددني.. من بين الأصوات المبحوحة بالقتل.. أكاد أخبئ سيرته.. فالبوح بها يفضحني والبوح بها يقتلني