«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحببتها وتأنقت لأبهرها .. تلك المرأة كانت حياتي
بعد تلك الهزات العنيفة التي تعرض لها وغيرت حياته ... ضياء عزيز :
نشر في الرياض يوم 06 - 09 - 2014

لم تتوقف أحلامه الملونة لدى تلك البحيرة الجميلة والكوخ الخشبي الذي يسكن هضاباً مرتفعة، فهو يعرف طريقه جيدا، يعرف كيف يتحسس مايشعر به وأن يعزف على الكمان معزوفته الخاصة تلك التي كانت تغني لعينيها التي مازالت معلقة بقلبه، فاختار اللوحات الشاسعة البيضاء حتى يرسم كل مايخلق بداخله، ابتداء من أول حزن بداخله حتى آخر خيوط العشق التي عاشها بشكله اللامتناهي حينما كانت بارعة في الغناء لأم كلثوم فيما هو يعزف ألحانه إليها ليبهرها أكثر.. فالمرأة تحب من يبهرها دوما .. فكان هو ضياء الحب وضياء اللحن، وضياء الرسم .. ثم ضياء أكمل الطريق بالأخيرة دون الاثنتين السابقتين ..
قفزت فوق الحواجز الصعبة حتى والأبواب مغلقة
جاء ليبوح لي عن الرجل الذي انطلق من طفولة دافئة لأب كان بحجم عزيز ضياء وأم كان يراها تبدع في أناقة مملكتها الخاصة بالفن الجميل .. فمر على الكثير من الوجوه، سكن بعضها مخيلته فيما بقي هو معلقاً بمدن تشتهي أن تسكن لوحاته فيأتيها بقصص وتعابير عن الحياة والجمال والحب، وبقي يرسم برغم كل ماحدث ومايمكن أن يحدث، بقي يرسم ليقول كل ما لا يمكن أن يقال .. وبرغم الهزات العنيفة التي أوجعته، غيرت من حياته، إلا أنه يجد بأن ملائكة رحمة تزوره في كل مساء لتشعل القناديل قريبا من روحه ثم تغادر بعد أن تترك الأبواب في حياته مواربة للفرح ..
الحب أن ترفض تشويه ملامح الحبيب بعد الفقد
الفقد لم يغير قلبه .. فمازال ذلك الرجل الذي عشق جدا .. ومازال يعيش تفاصيل اللحظة مع امرأة أحبها كثيرا، وعاش معها حكاية العاشق مع ليلى، وبرغم الوعود وبرغم الألم والدموع قال هنا أشياء كثيرة عن طريق تركه وحيدا بعد أن كانت هي كل شيء في عمره..
الفنان التشكيلي " ضياء عزيز " يدخل المكشوف " ليبوح، يتذكر، ويقف عند المواقف الصعبة ثم يهمس " الحمد لله على كل حال" ، هنا يقول " لم اخش القفز فوق الحواجز الصعبة، وأوهامي مازالت على ذلك القماش " أسأله عن الهاوية يقول لي " نعم كدت أن أسقط ولكني من هناك نجوت " ..
ضياء عزيز .. هنا يبوح ويتألم ويشتاق ويعشق ويرسم ببوحه لوحة فنية لا تصلح إلا أن تعلق على القلب ..
الصفحة الواحدة :
* نقلب الصفحة لأن في ذلك تطهيراً لدواخلنا من تجارب سابقة كم غيرتنا .. أوجعتنا وربما أبكتنا .. نقلب الصفحة ففي ذلك بدايات أخرى مفتوحة لاحتمالات جديدة .. كيف هي صفحاتك الحياتية القديمة ؟ مالذي طويت منها ؟ ومالذي مازال مفتوحاً بداخلك حتى الآن ؟
- حيرني سؤالك سيدتي ، فكتابي صفحة واحدة لا تطوى .. ولا اريدها أن تطوى فهي ذكريات اجتر منها الحلو والمر وأعيش كل لحظة منها لأضحك تارة وليغص قلبي فتذرف دموعي تارة، فبها تتجدد التجربة وتتأكد العبر، وهي سلوى حياتي في هذا العمر . إن من أصعب لحظات الحياة أن تعلم متى ستنتهي حياة من تحب، ومن أجمل اللحظات أن تقول لي حفيدتي أنا احبك يا سيدو ... وها أنا اذرف الدموع .
يشرح احدى لوحاته في شانقه اي
كذبة :
* نترك أشياء من أجل أن نمشي خلف أشياء أخرى في الحياة نرى فيها " السر " الذي سيكتشفنا أو ربما يعيدنا قلوبا بلا حواجز ... ماهو الشيء الذي تركت كل شيء ومشيت خلفه في هذا الطريق الطويل ؟ هل يمكن أن نقضي حياتنا في البحث عن أشياء حينما نصل إليها نكتشف بأنه لا قيمة لها أو أنها كذبة ؟
- نذرت نفسي للفن ، فتركت بلدي وأهلي وذهبت مع زوجتي الحبيبة - رحمة الله عليها - لدراسة الفنون في روما ، وهناك تكونت أسرتي الصغيرة بولادة ابنتي لمياء، وهناك تكونت شخصيتي الفنية بولادة أسلوبي . وكانت التجربة التي يتمناها كل محب للفن ، والتجربة التي أسست القاعدة التي بنيت عليها مشوار حياتي ، ويا له من مشوار. سألت نفسي في يوم : ماذا فعلت في هذا المشوار ؟ ما هي نتيجة هذا المشوار وبعد أن انقضى العمر ؟ وكان جوابي لنفسي إني تركت أوهاماً على قماش، ولكنها أوهام تحمل كثيراً من المشاعر وكثيراً من الانفعالات وكثير من الحب . فهل هذه الأوهام كذبه ؟
من لديه ضمير حي لن يستطيع الفرار من الحزن
الأيام الحلوة :
* في مدارس " الثغر " النموذجية بجدة .. خرج من هناك طفل كان يمسك بيده ريشة ألوان وبيده الأخرى كان يعرف كيف يخاطب آلة الكمان لتبوح له بألحان تشبه كثيرا ملامح وجهه المليئة بالسلام ... ماذا بقي من مدرسة " الثغر " ؟ حينما تمر قريبا من الشارع الذي يحمل ذكريات تلك المدرسة ما الذي مازلت تسمعه من أصوات بداخلك ؟
- كانت مدرسة الثغر نموذجية بحق ، فقد أرادها الملك فيصل - رحمة الله عليه - النموذج الذي يقتدى به، وها نحن اليوم حيث يقف ابن من أبنائه وزيراً للتربية والتعليم ، وكلنا أمل أن ينجح في تحقيق حلم أبيه . أيام الثغر ، أيام الصبا هي أيام الحب الأول، حب الجمال، الجمال بكل معانيه،، فقد أحببت الموسيقى كلها الغربية والعربية والهندية. وحاولت العزف على مختلف الآلات الموسيقية ولكن لم أحاول التأليف. واستمرت الهواية، واستمتعت بالعزف على الكمان أحيانا والعود أحيانا مع أهلي وأحبابي وأصدقائي الذين منهم من كان يغني معي وأذكر بالذات زوجتي التي كانت تجيد أغاني أم كلثوم، ومنهم من كان يعزف على آلة أخرى ولا تزال تتردد في أذني كلمات ( الله) و ( يا عيني ) و ( طيب طيب) فكم كانت تلك الأيام جميلة . أما الآن وبعد أن أصيبت بعض مفاصل يدي اليسرى ببعض التكلسات أصبحت لا اتجرأ العزف على
أعترف بأن قلبي خفق عندما لمحتها ثم خفت ضياؤها عندما رأيتها معه
الكمان، فلا أريد أن تتشوه الصورة الصوتية التي ما تزال في ذاكرتي . أما الرسم فكانت حصتين متتاليتين وكانت أهم الحصص بالنسبة لي، فكنت القائد والنجم في تلكما الحصتين، وكان يلتف حولي زملائي ليروا ما ارسم وأما آخر السنة فكنت من يعتمد عليه لإقامة معرض الحفل النهائي. وكان معي بعض الزملاء الموهوبين أذكر منهم صديقي ضياء الدين كونيش. وآخرين . وكنا نهتم بهذا الحفل حيث نتوقع حضور ولي العهد في ذلك الوقت الملك فيصل طيب الله ثراه ومعه وزير التعليم الشيخ حسن آل الشيخ رحمة الله عليه وآخرون . الواقع أن مدرسة الثغر كانت أكثر من مدرسة، ورحمة الله على من كان قائما على إدارتها في ذلك الوقت الأستاذ محمد فدا، الذي كان مربياً قبل أن يكون معلماً. ومديراً رائعاً، تخرج من تحت يده كثير ممن لهم شأن كبير في بلادنا.
تركت أوهاماً على قماش تحمل الانفعال والحب والجمال
حكاية الكوخ :
* أنك الطفل الذي خرج إلى الحياة ليجد أباه " أديباً بحجم عزيز ضياء " وأماً كانت تحب أن ترسم بيتها بالألوان لتضع لمساتها الأنثوية على كل زواياه .. أخبرني .. ماذا يمكن أن يحدث للطفل حينما يولد من أب وأم فنانين في الأدب والفن ؟ كيف كان شكل الفقد لهذين الأبوين ؟ وماذا بقي بعد ذلك بداخلك ؟
- لا شك أن لأبي وأمي الفضل في تحديد مسار حياتي ، فقد أعطياني الثقة منذ الصغر والحرية لاختيار ما أحب أن أكون عليه . وقد كنت بدوري دائما أحاول أن أكون عند حسن ظنهما -رحمة الله عليهما - والحمد لله عاش الوالد والوالدة حياة استمتعا فيها بأحفادهما. واليوم افتقد تلك الجمعة التي كنا نجلس فيها على الغذاء معه نسمع منه القصص ونحكي له عن حياتنا ومخططاتنا، مستمعين لنصائحه . اذكر أني كنت في سن الطفولة أحاول تقليد أبي عندما كان يكتب بيده أو بالآلة الكاتبة، فكنت ارسم أشكالا تشبه الكتابة محافظاً على ألا تخرج عن السطر، وهكذا اكتب هذه الأشكال سطراً بعد سطر معتقدا أني اكتب مثله، وفي الواقع الأشكال لا تعني شيئاً وما هي إلا خربشة منمقة. وكنت أرى أمي ترسم الزهور وورق الشجر بلمسات بسيطة فكنت انبهر لجمال تلك الزهور الصغيرة ذات الألوان الجميلة، ولكني لا اذكر إني حاولت تقليدها في ذلك الوقت، ولكن عند بلوغي السابعة بدأت ارسم بالألوان الخشبية ثم المائية وبمرور الوقت رسمت بالزيت. واذكر في مرة أني رسمت لوحة زيتية على وجه مكيف هواء رمادي اللون وكانت تقليدا للوحة فنان أجنبي وكانت عبارة عن بحيرة جميلة وكوخ خشبي على هضبة تحيط بها الأشجار، وقد أتقنت الرسم فأصبح المكيف لوحة جميلة افتخرت بها، وفي اليوم التالي فوجئت بأن اللوحة قد مسح جزء كبير منها وتلطخت ألوانها ، فبكيت وفجعت وسألت صارخا وأنا في حالة غضب شديد كيف حدث هذا ؟ من الذي مسح لوحتي ؟ ولماذا ؟ فعلمت أن سيدي محمد رحمة الله عليه الذي كان نظره ضعيفاً جداً كان يحتاج أن يتحسس بيده الجدار عندما يريد التنقل من مكان لآخر فمسح اللوحة التي لم تجف بدون قصد ، فحزنت كثيراً وحزن هو وأحرج كثيرا وحزنت لحزنه وبكيت وأنا اقبله وأقوله معليش يا سيدو ، راح ارسم غيرها .
نورس الصباح
الفقد :
* كتب نزيه أبو عفش ( الآن وقد غابت شمسي ، أتذكرني .. الآن وقد مالت أغصاني وتنكر قلبي لي . أتذكرني .. الآن وقد أقفل دوني باب الأبواب .. وغادرني أصحابي . أتفقدني .. فأراني أعتمت وصرت وحيدا ) . متى يتنكر القلب لصاحبه ؟ ومتى آخر مرة تفقدت" ضياء " فوجدته وحيدا ؟
- شعرت وكأني أقف وقد تشققت الأرض تحتي بزلزال لا يرحم شعرت أني على وشك السقوط في فجوات الأرض السوداء، ولكني بينما أقاوم الهزات المرعبة إذا بي أرى طفلة جميلة اسمها ( مايا ) تأخذ بيدي وطفلا جميل اسمه ( ضياء ) يمسك بثوبي فيسكن الزلزال وتنبسط الأرض أمامي وها أنا أرى طفلا آخر يناغيني اسمه ( محمد ) كأن هؤلاء الأطفال ملائكة الرحمة جاءت لتملأ حياتي وتعوضني ما فقده قلبي ، فما أصعب أن تفقد أحب الناس إلى قلبك في مرض عضال أو موت لا محال منه . ولكن ماذا بيدنا أن نفعل سوى أن نقول " حسبنا الله ونعم الوكيل " إنا لله وإنا إليه راجعون " .
سر الوجود :
* اسمك ضياء ووجهك يحمل تقاسيم لرجل يحمل الكثير من السلام والهدوء .. هل يمكن أن يكون للمرء نصيبا كبيرا وحظا من اسمه؟ هل تدعو " الضياء " ليزور لوحاتك حينما ترسمها؟ أم أن الضياء من يدعوك إلى بيته ليمنحك كل المفاتيح بعد أن يمسح على رأسك بالأحلام ؟
- لم أفكر قط في الربط بين اسمي والضوء في لوحاتي فالضياء هو سر كل ما نراه وبطبيعة المواضيع التي أتناولها والأسلوب الذي أتبعه أجد المتعة في إظهار الضوء المنبعث والساقط على عناصر الموضوع أو النور المنعكس من وسط الظل فذلك من أسباب جمال العمل الفني .
المفاجآت :
* تتطلب الحياة منا قدرا كبيرا من الشجاعة. من الإصرار. من الحزن أحيانا حتى نتخطى الفجائع بنقاء وقوة.. كيف هي شجاعتك؟ أي المواقف التي خانتك فيها الشجاعة فرأيت " ضياء " يخشى القفز فوق حواجزها ؟
- لم اخش القفز فوق الحواجز المفاجئة والصعبة، وقد مرت بي ظروف قاهرة استطعت تخطيها بعون من الله وبكثير من الصبر وبنصيب وافر من الحظ، والحمد لله، ولكن عندما تواجهك أزمة تبذل كل ما في وسعك لحلها فتجد كل الأبواب مغلقة فلا تملك لحلها سوى الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل ورغم كل التوسل والدعاء تقع المصيبة ويتحقق المحتوم.
المرأة المتغيرة :
* رسم الفنان الأمريكي جون سنغر سارجنت عام 1893 لوحة " بورتريه الليدي اغنيو " وهي صورة لزوجة صديقه الأسكتلندي والتي كانت تبدو فيها اللوحة شاهقة بملامح امرأة يبدو عليها الجمال والذكاء والثقة والارتباك الأنثوي أيضا .. أخبرني .. حينما تحب أن ترسم امرأة في لوحة .. كيف تحب أن ترسمها؟ هل هناك وجه لامرأة تمنيت أن ترسمه في لوحة ؟
- رسمت المرأة متألمة ورسمتها منتصرة وفرحة ومصدومة، رسمتها شامخة ورسمتها جميلة وذكية، رسمتها طفلة ومراهقة وناضجة، المرأة في لوحاتي هي مركز الانتباه وهي أهم من الرجل، فهي الأم الحبيبة والزوجة الحبيبة والابنة الحبيبة والأخت الحبيبة. وهي صانعة الرجال والأجيال. ولكن الغريب أن المرأة التي ارسمها من خيالي لا اعرفها، فهي متغيرة ، وهي في خيالي وليست في ذاكرتي.
آخر بورتريه ذاتي
الهدم :
* رسم بابلوبكاسو حبيبته " دورا مار " في لوحة تشكيلية بعد علاقة عاطفية استمرت لعشر سنوات، وكان يعبر عن مشاعره تجاه محبوبته بالرسم التشكيلي فحتى مشاعر الإيذاء التي يشعر بها تجاهها كان يرسمها في لوحة حتى رسم لوحة بيعت في مزاد في لندن بمبلغ يصل إلى 95 مليون دولار مما جعلها أغلى اللوحات في العالم.. هل يمكن أن يدفعنا العشق إلى رسم ملامح المعاناة والألم من المحبوب على لوحة ؟ هل للحب ملامح ترسم على اللوحات ؟ كيف هو شكل الحب في لوحاتك؟
- الحب في لوحاتي هو مقدار الجهد المبذول ، والتفاني والصدق في التعبير عما يجيش في نفسي وما يدور في خيالي وذاكرتي. ولقد كانت ليلى -رحمة الله عليها - ملهمتي وناقدي الأول بعد نقدي الذاتي وكانت محفزي ، وقد رسمت شخصيتها في بورتريه، ولكن خلافا عن بيكاسو لم اشوه ملامحها فقد كنت معجبا وعاشقا لتلك الملامح وتلك الشخصية. وأنا بطبعي ضد التشويه لأنه هدم ، فانا أحب البناء وأسعى نحو الكمال .
زمن النور :
* أي اللوحات التشكيلية التي رسمتها ولم ترغب أن تخرج للنور؟ ولماذا نخفي بعض ما نشعر به عن الآخرين حتى إن عبرنا عنه بلوحة تشكيلية ؟ أو قصيدة مبهمة ؟
- هي مجموعة من اللوحات تدور في خلدي ، أتمنى أن ترى النور ولكن الوقت لم يحن. ولو إني رسمتها فسيتحتم علي سجنها في مكان آمن ولا يطلق سراحها إلا عندما يكون الوقت ملائما. ولا اعتقد أن الوقت سيحين قريباً فربما في زمن أحفادي أو أبناء أحفادي ، وربما لا يأتي ذلك الزمن أبداً . الله أعلم .
الحياة امرأة :
* حينما ترغب في الالتقاء بالحياة . كيف تتأنق لها ؟ وهل عاهدتك الحياة - يوما - أن تلتقي معك في مكان ما وأخلفت ذلك الوعد ولم تأت ؟
- أحببتها وتأنقت لها وكان همي هو محاولة إبهارها دائما، فكان يسعدني أن أرى انطباعات ذلك الإبهار على ملامح وجهها الجميل. نعم عاهدتني أن تبقى معي إلى آخر يوم في حياتي، ولكنها ورغماً عنها لم تستطع أن توفي بالعهد فرحلت، وتركتني وحيداً،، لا املك سوى الذكرى . واحمد الله أني املك ذكراها بشكل مرئي ومسموع منذ أن اقترنا ببعض وحتى آخر الأيام . لقد كانت هي حياتي .
أنغام :
* هل هناك ارتباط بين الموسيقى وبين الفن التشكيلي ؟ أي الموسيقى التي تسحبك من مكانك لتنطلق بك إلى الفضاء لتجردك من ملامح المكان وتناولك النجوم لترسم معها ؟
- نعم الموسيقى هي محرك العواطف ومحفز المشاعر، وفي كثير من الأحيان تنتقل الموسيقى عبر الريشة من لحن مسموع إلى ألوان مرئية ، وكم من أبعاد لونية وخطوط مرئية أحيلت إلى أعماقنا أنغام مثيرة لمشاعرنا .
الزمن :
* أمامك لوحة بيضاء فارغة .. وأمامك ألوان متعددة .. وأمامك " ضياء عزيز " الطفل ، وضياء عزيز الشاب، وضياء عزيز الحالي .. وضياء عزيز الذي يسكنك ولا يراه أحد... من الذي تحب أن تختاره لترسمه على اللوحة ؟ وكيف سترسمه ؟
- ذكرني سؤالك بلوحة بورتريه ( دوريان جريه ) لأوسكار وايلد . لأ طبعاً رسمت نفسي أكثر من مرة ، وكنت في كل لوحة أجد تأثير الزمن الذي يضيف خطوط النضج في وقت ثم خطوط الوقار في وقت آخر ثم خطوط الكبر والعجز ، ثم خطوط الضعف والوهن. ولكن إذا تأملنا أكثر وتعمقنا في النظر في تلك اللوحات الذاتية نجد ذلك الطفل، الطفل البريء..
التأقلم :
* ماهو الحزن العاصف الذي يكسر " القلب " والروح ؟ وإلى أين .. تفر منه ؟
- الحزن العاصف والكاسر للقلب والروح هو أن ترى قسوة الزمان على من تحب. من له ضمير حي لا يستطيع الفرار من الحزن . من له خيال وذكرى مؤلمة لا يستطيع الفرار من تلك المناظر القاسية. وإذا أراد الفرار فهو يعلم انه فرار مؤقت،، فمن الممكن ان يتلهى الإنسان بما ينسيه مما يؤلمه ولكنه سرعان ما تعود الذكرى بأمور ولو كانت صغيرة، فرب كلمة أو إشارة أو صوت أو طعم يعيد لك ذكرى مفرحة أو ذكرى مؤلمة . فلا مفر . ولذلك من الأفضل التعاطي مع الذكريات القاسية فربما التكيف والتأقلم يخفف من آلامها.
القرار :
* حينما أسافر أجد هناك لوحات تشكيلية تحمل رسومات مبتذلة وهناك لوحات تشكيلية تحمل فكرا وثقافة وأخرى تحمل حياة وجمالاً ولكن هل يمكن أن يخضع الفن التشكيلي لمعيار القيم والأخلاق الإنسانية ؟ أم أنه الفن الحر الذي يجب أن نتذوقه بعيدا عن معيار الخطأ والصواب ؟
- اللوحة الفنية تتكون من فكر وتقنية وخبرة وأدوات يستطيع بها الفنان ان ينقل إحساسه إلى ألوان وخطوط وقوام كتل لتصبح لوحة مثيرة. فهي مثل المقطوعة الموسيقية تحتاج إلى مؤلف موسيقي وهو( الفكرة ) وآلات موسيقية وهي ( الأدوات والألوان ) وعازفين وهي (التقنية) والقائد وهو (الخبرة) التي تستطيع ان تقود الأوركسترا لتخرج إلى الوجود سمفونية مرئية أو مسموعة. أو الاثنين معاً. أما المبتذل، فهناك من يهواه. والعبثي فهناك من يرى فيه شيئاً ما . وأما القيم والأخلاق الإنسانية فالفن عالم كبير به كل ما يخطر بالبال . فهناك من يتذوق ما هو سيئ ومن يتذوق ما هو تافه، تماما مثل الذين يتذوقون الفكر والثقافة.ولكن هناك معايير يعتمد عليها الناقد الجاد، والمتذوق المثقف، وحتى المتلقي العادي، أما الناقد الجاد فهو يعتمد على تحليل اللوحة وتقييم مجموعة من العناصر المتعلقة بالتفرد والمعاني والأسلوب والتقنية وتاريخ الفنان. وأما المتذوق المثقف فهو يعتمد على المقارنة ورصيده البصري وذاكرته وما تقوله اللوحة من معانٍ مباشرة أو غير مباشرة فتلمس وجدانه وتحرك مشاعره وتعيد إلى ذاكرته ما كاد يذهب في بحر النسيان. أما المتلقي العادي وهو الأهم هو الذي يستطيع ان يقيم اللوحة بشكل مباشر ومن النظرة الأولى، فهو لا يبرر ولا يحلل ولا يعتمد على المعايير العلمية أو الفنية ، ولكنه من نظرة واحدة يقرر ان اللوحة تعجبه أو لا تعجبه.
اعتراف :
* ماهو السر الذي لم تقله - يوما - لأحد ؟
- السر ما يزال سراً. ولكني اعترف بأن قلبي خفق عندما لمحتها، وتنهدت طامعا عندما أحاط عبيرها فضائي، وبرقت عيناي ثم خفت ضياؤها عندما رأيتها معه .
الشيخ حسن آل الشيخ يفتتح معرضه الأول
مع زوجته وابنته
في المرسم الذي يتوحد فيه مع فنه
مع زملائه في الثغر والاستاذ محمد فدا رحمه الله
لوحة الخط - زيت
في مرسمه الخاص
مع احفاده في بيته
مع حفيدته مايا
الصورة الرئيسية بداية لوحة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.