الإنسان ذلك المخلوق الذي كرمه الله وفضله على سائر خلقه، وكونه في أحسن تقويم، واهبطه على هذه الأرض؛ لأجل عبادته وإقامة حدوده وعمارتها، نجده يتعرض لهجمات شرسة من حكومات ومنظمات دولية، ذات دساتير وقوانين وضعية، بأن تضع له منزلة أخرى بما يسمى بحقوق الإنسان، التي ليس لها أساس في الشريعة الإلهية، والتي كثر الحديث عنها منذ نصف قرن ونيف، والتي اتخذتها الدول غير المعتدلة والداعية للديمقراطية التي تنص في نظرهم على المساواة والحرية ذريعة لمبرراتها الهوجاء، ومن أجل الاعتداء على الشعوب الآمنة لمآرب تريد الحصول عليها بزعم حماية حقوق الإنسان؛ من أجل حفنة من المصالح، والتي منها: ما تم إعلانه في10-12-1949 بما ينص على أن كل دولة مطالبة بأن تكيف أنظمتها القانونية بحيث تستوعب وتعكس وتطبق وتحترم مواد القانون الدولي في الحرية والكرامة والمواساة أمام القانون، وهي حقوق فردية يجب احترامها وعدم خرقها. وفي هذا السياق يقول د. غانم النجار (إن الدفاع عن حقوق الإنسان يأخذ شكلا وبعدا واحدا في جميع المجتمعات فليس هناك بعد (بضم الباء) ثقافي في التعذيب، كما انه ليس هناك بعد ثقافي باحتجاز الإنسان دون توجيه وجرم اقترفه كالنضال ضد انتهاكات حقوق الإنسان الشرعية، قضية عالمية يشترك فيها الغربيون والشرقيون على حد سواء، كما أن المنتهكين لحقوق الإنسان هم أولئك، وسيظل الاختلاف حولها دائما بين الظالم والمظلوم) انتهى... طالما هناك انحياز لطرف آخر على شاكلته أو مصلحته فالعنف والبطش اللذان هما في أيدي المجتمعات أفقدتها الأعمال البربرية النور والأمل في العيش بسلام، كلمة حق كما قالها الإمام علي -كرم الله وجهه- هي (كلمة حق يراد بها باطل)، نعم، هي لدى أولئك المضللون الباطل مهما نعقوا؛ لأن ذلك بث الرماد في العيون.. قال تعالى: «وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ» أية 42 البقرة، وهذا شأنهم في كل أمور الحياة، لقد خسر المنادون بغير الحقوق الإلهية التي أقرها الله تعالى، قبل إقرارهم التعسفي الذي يدعوهم بالتدخل الجائر عند حدوث مشكلة ما، في بلد ما، ضد أناس أبرياء لأجل مصلحة اقتصادية وهي الأعم، أما دون ذلك فلا حقوق للإنسان في شيء بل إعانة الظالم على المظلوم من طرف والحياد من آخر كما يجري حاليا للشعوب المملوكة، وليس هذا غريبا؛ لأن المظلوم يكون ظالما حسب القانون الوضعي المخالف للدستور الإلهي الذي ينص على حفظ كرامه الإنسان ضد الإنسان، كما قال تعالى «وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ» آية 45 المائدة، وبقوله تعالى في عدم الاعتداء على مال الإنسان «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» أيه 38 المائدة، أهم يطبقون ذلك، لا. والآيات المقدسة في الحقوق كثيرة، ولنا في رسالة من تراث حقوق الإنسان نبراس لحياتنا للإمام زين العابدين بن علي -رضي الله عنه- والتي كتبها في سنة 62ه، والتي نشرت في نشرة هيئة حقوق الإنسان السعودية الشهرية بالعدد السادس من شهر شوال عام 1428ه، حيث تأتي تلك في المرتبة الثانية بعد حق الله -عز وجل- والتي جاء فيها حق الله وحق النفس والجوارح والعبادات والأرحام والأقارب بحق الإنسان مع أخيه الإنسان وحق السلطان والعلم والملك والرعية والوالدين والأزواج والجار والإمام والمؤذن والجارية والخصم المدعي عليك وقرينك، وحق الناصح لك، وحق من هو اكبر واصغر منك، وحق من تطلبه أو يطالبك، وأهل الذمة، وحق المشير عليك والمستنصح لك والجاهل رعية للعالم وحق مالك أي ما تملكه عليك حق والى ما جاء فيها من حقوق... وإلى كل ما نتعامل به مع الناس عليك وعليهم حق؛ حتى لا يكون هناك ظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، إلى حيث حقوق الإرث والأوقاف وصيانة كرامة الإنسان وتحذير من المساس به والحكم الشرعي الرادع انتهى... لمن غير في عقوبة الحدود السجن أو الغرامة وما إلى ذلك من أحكام وضعية في قوله تعالى «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون» أية 45 المائدة، مسكين ذلك الإنسان المظلوم، أصبح ألعوبة بين أيدي من يصوغون القوانين والأحكام المتسلطة، والتي منها الدول ال 5 الدائمة العضوية في مجلس الأمن المؤسسة للاعتراض في مجلس الأمن بما يطلق عليه (بالفيتو) والتي تستطيع دوله مثل تلك الدول إبطال أي قرار للمجلس لإبطال أي مشروع يدين أي دولة منحازة إليها ضد دولة أخرى، مصداقا لقول المثل القائل (الذي ليس على دينك ما يعينك).. أين الديمقراطية التي ينعقون بها ولا يطبقونها، بل هي رؤية حقيقة التي كشفت إحدى الدول الكبرى التي تنادي بالديمقراطية قامت بتنفيذ حكم الإعدام بامرأة متخلفة عقليا ذات 41 ربيعا بحقنة قاتلة وهي في زنزانتها.. هكذا هي حقوق الإنسان، وهذا في الإسلام فعل محرم؛ لقوله تعالى «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق» أية 151 الأنعام.