استحوذت وسائل التواصل الاجتماعي من فيس بوك، ويوتيوب، وتويتر، وانستغرام، وسناب شات، وواتس آب، وغير ذلك من الوسائط الشائعة الاستخدام على اهتمام مختلف شرائح المجتمع، وسهل ذلك أن الأجهزة الذكية أصبحت في متناول الجميع،، لقد تجاوز الإعلام الجديد مركزية المراقبة في الإعلام التقليدي، حتى شكل غياب هذا الدور الرقابي خطورة محتوى الإعلام الجديد على المجتمع، في ظل ذلك كيف يمكن لنا أن نحكم على الإعلام الجديد بأنه عدو أم صديق؟. لقد أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي سهولة وسرعة نقل الأخبار، ومواكبة الأحداث من مواقعها مباشرة، فبمجرد لمسة واحدة، وخلال ثوان معدودة تنتقل تلك الأحداث إلى مستقبلي هذه الوسائل في العالم كله، وليس مجرد المحيط المحلي. وعندما ننظر إلى محتوى تلك الوسائل نجده يتضمن إيجابيات وسلبيات، ومن تلك السلبيات سهولة نشر الشائعات المفتتة للحمة الاجتماعية والوطنية، وإثارة النعرات الطائفية، والقبلية، والمناطقية، والتحريض على الإرهاب، ونشر الأفكار والمعتقدات المضللة، وبث الإباحية، وانتهاك خصوصية مستخدمي الأجهزة، والتأثير السلبي على العلاقات الاجتماعية، وعلى فكر الأطفال وانحرافهم وغير ذلك. ورغم ذلك المحتوى السيئ والسلبي إلا أن إيجابياتها عظيمة، فلقد سهلت التواصل بين الناس، وساعدت على إقامة علاقات اجتماعية، وتميزت في سرعة نقلها للأخبار، كما ساعدت الإعلاميين في سهولة نقل المادة الصحفية والإخبارية من موقع الحدث، كما أسهمت في توسيع النشر الإعلامي للإدارات الحكومية والأهلية، وسهولة التواصل مع المستفيدين من تلك الجهات، وتواصلهم معها، كما ساعدت الأفراد والمؤسسات على نشوء معاملات اقتصادية، وغير ذلك كثير. ومن إيجابيات تلك الوسائل أيضاً أنها تعتبر وسائل تفاعلية، ساهمت في تعبير الأفراد عن آرائهم، كما أنها غير محددة الزمن، فالخبر يصل إلى المستقبل في أي وقت من ليل أو نهار. لقد برز مع ظهور تلك الوسائل ما يعرف بالإعلاميين الجدد، وهم الذين ينقلون الأخبار عبر أجهزتهم، ورغم أن العمل الإعلامي عمل تخصصي، إلا أن عمل هؤلاء يكون مقبولاً في الأخبار العادية التي ليس لها نتائج سلبية على المجتمع والوطن والدين، ولكن مع الأسف أصبحنا نشاهد انشغال بعض هؤلاء بنقل الحدث عبر جوالاتهم دون تقديم المساعدات الإنسانية في حوادث السيارات، أو حريق المنازل، أو المشاجرات، أو غيرها، كما أن مستخدمي هذه الأجهزة قد يساهمون في الإساءة للدين وللوطن والمجتمع، وذلك بتداول فتاوى أو أحاديث أو تفاسير دينية من غير المتخصصين، أو نقل وتمرير رسائل تحمل أسراراً عسكرية تتعلق بتحركات الجيش أو الأمن الداخلي، أو تحديد أماكن عسكرية، أو تمرير شائعات يستفيد منها العدو، أو اتهام الآخرين بما لم يفعلوا! فهل الإعلام الجديد عدو أم صديق؟ من السهل جداً أن نقول هو صديق في الجانب الإيجابي، وعدو في الجانب السلبي، ولكن ماذا قدمنا من حل ناجع لنا ولأبنائنا ولأسرنا ولديننا ولوطننا ومجتمعنا للحد من تأثير ذلك الجانب السلبي. فما أحوجنا إلى مراقبة أجهزة أبنائنا حماية لهم من مشهد إباحي، وفكر مضلل، ودعوة إرهابي، وما أحوجنا أيضاً إلى محاربة الشائعات التي تهدم المجتمع، وتفتت اللحمة الوطنية، وذلك بوأدها في محلها وعدم إعادة إرسالها، ونحن أحوج إلى حماية العقيدة من الأحاديث المكذوبة، والفتاوى الخاطئة، ووقف تداول المقاطع التي تضر بالأمن الوطني، وتكذيب الأخبار المدسوسة ضد الوطن، والتي تنتشر عادة في أوقات الحروب، وهو ما يعرف بالحرب الإعلامية، أو الحرب النفسية، ونحن أحوج أيضاً إلى إيقاف التناحر الفئوي، وتصنيف الناس وفق ذلك. إن التعامل مع وسائل ومواد الإعلام الجديد يحتاج منا إلى حس إعلامي، هل هو عدو أم صديق، وعلى ضوء هذا الفهم نحسن التعامل مع مواد الإعلام الجديد.