منذ أكثر من 35 عاما وبدأ اهتمام العالم يزداد بشكل ملحوظ بمواضيع ترشيد استهلاك الطاقة والمحافظة عليها عن طريق سلوك المستهلك، وبدأت البحوث تزداد في هذا المجال في مختلف الأقسام الاقتصادية، الهندسية والاجتماعية. ترشيد استهلاك الطاقة لم يعد كالسابق موضوعا مهمشا أو حملات تكميلية ولكن بات ضرورةً قصوى للحد من الارتفاع المتزايد في الاستهلاك. منذ أكثر من 80 عاما ارتبط اسم المملكة العربية السعودية بالنفط، فمن المستحيل أن تتحدث عن اقتصاد المملكة دون أن تتطرق لحجم الآبار الموجودة تحت أراضيها التي كانت وما زالت تضخ النفط بكميات كبيرة، حتى أصبحت المملكة تحتل المرتبة العشرين من ضمن أقوى اقتصاديات الدول في العالم بسبب وفرة الذهب الأسود «النفط». ساعدت وفرة هذا المورد الاقتصادي إلى دعم أسعار الوقود المحلي بطريقة مباشرة وغير مباشرة، مما أدى إلى ارتفاع شديد في استهلاك الطاقة المحلي الذي من المتوقع أن يصل إلى أكثر من 8 ملايين برميل نفط مكافئ يومياً في عام 2030، ما لم تعمل المملكة بشكل جاد على الحد من هذا الهدر في استهلاك الطاقة. الكثير من الدراسات أثبتت أن ترشيد استهلاك الطاقة أصبح اليوم من الأمور الضرورية التي سيؤدي إهمالها إلى كوارث مستقبلية. الوضع الحالي في المملكة العربية السعودية غير مطمئن، استهلاك الطاقة في ارتفاع مستمر بمعدل 7% سنوياً، أي نحو 4 أضعاف معدل النمو السكاني ومعدل النمو الاقتصادي. هناك عدة أسئلة ربما تخطر في بال الكثيرين؛ ما الأسباب وراء عدم ترشيد استهلاك الطاقة في المملكة العربية السعودية؟ كيف من الممكن تحسين كفاءة الطاقة بين المستهلكين في المملكة العربية السعودية؟. هناك عدة أمور أدت إلى ارتفاع استهلاك الطاقة، أولاً: يرى الكثيرون أن الأسعار المنخفضة تعتبر أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع معدل الاستهلاك المحلي للطاقة، وهذه الأسعار تفيد الأغنياء أكثر من الفقراء، لأنهم أكثر استهلاكاً للطاقة. ثانياً: قلة الوعي لدى المستهلك بالنسبة للطرق والوسائل التي تساهم في التقليل من الاستهلاك. ثالثاً: المباني (الحكومية والخاصة) تستهلك 80% من استهلاك الكهرباء في السعودية، نصفها في أجهزة التكييف، الذي تزيد حصته في فصل الصيف عن ذلك بكثير. رابعاً: 70 % من المباني في السعودية لا يوجد بها عزل حراري، ولم يكن هناك أي إلزام للمطورين بضرورة وجود العزل الحراري عند البناء. أخيراً معظم الأجهزة الكهربائية وأجهزة التكييف في المملكة كانت كفاءتها منخفضة وبالتالي لا تشجع على ترشيد الاستهلاك، ولم تكن تحتوي على بطاقات تشرح كفاءة استخدام الطاقة. ولحل هذه المشاكل دون رفع أسعار الطاقة تم إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة في عام 2012، وبدأت بعدها الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة (لتبقى) التي تهدف إلى المحافظة على الثروة الوطنية من مصادر الطاقة بما يعزز التنمية والاقتصاد الوطني ويحقق أدنى مستويات الاستهلاك الممكنة بالنسبة للناتج الوطني العام والسكان. وتم عن طريق المركز تطبيق العديد من الحلول العملية المناسبة لطبيعة المملكة، بحيث لا تلحق الضرر بالمستهلكين، خاصة فئة الفقراء. فاليوم أصبح العزل الحراري إلزاميا للمباني، بطاقة كفاءة الطاقة أصبحت موجودة على كافة الأجهزة الكهربائية، أجهزة التكييف والسيارات أيضاً، والأهم من ذلك بدأت الحملات التوعوية تنتشر بشكل أوسع في المجتمع السعودي بمواضيع ترشيد استهلاك الطاقة. لكل يعلم أن موضوع ترشيد الاستهلاك المحلي في المملكة العربية السعودية أصبح على قمة أجندة الدولة. لكن البعض لا يعلم أن صناع القرار لا يستطيعون مواجهة هذا التحدي دون التعاون مع المستهلك، أنت وأنا كمواطنين نعتبر جزءا أساسيا من هذا التغيير، من يحب وطنه لن يتمنى التحسين فقط ولكن سيكون من أول المساهمين نحو التغيير للأفضل. سمر خان باحثة دكتوراة في أمن الطاقة