زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لروسيا الاتحادية، تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعكس رغبة أكيدة من البلدين على تطوير العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين. لقد دشن مؤسس المملكة، المغفور له بإذن الله، الملك عبدالعزيز هذه العلاقة. وكان الدافع لذلك هو بقاء جسور التواصل مستمرة مع الشعوب الإسلامية، التي تقطن في جمهوريات الاتحاد السوفييتي. ومرت هذه العلاقة بمواسم مختلفة، لكنها بعد سقوط الإتحاد السوفييتي وانتهاء الحقبة الشيوعية، تطورت إيجابيا، وبشكل مطرد. وكانت نقطة البداية في هذا التحول، هي الموقف الإيجابي للرئيس غورباتشوف المساند للتحالف في حرب تحرير الكويت. وطبيعي أن يتطور شكل العلاقة بين المملكة وروسيا الاتحادية لما فيه مصلحة البلدين. فنحن أمام قوة بشرية، لها عمقها التاريخي، ودورها الذي لا يستهان به، في التطور العلمي بالعصر الحديث. وفوق ذلك، فإنها واحدة من دول خمس، تمتلك حق العضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولي، وباتخاذ حق النقض. بما يجعل منها قوة مؤثرة في صناعة القرارات الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن موقع روسيا القريب من حدودنا، حيث لا يفصلها عن الخليج العربي، سوى إيران والجمهوريات السابقة للاتحاد السوفييتي، تجعل من المحتم أن توضع العلاقة السياسية معها، وتبادل المنافع الاقتصادية، مقدمة اهتمامات المملكة. وروسيا إضافة إلى ذلك، تشاطرنا في إنتاج النفط، بما يجعل من الملح التنسيق في السياسات النفطية معها. وهي أيضا من أهم البلدان المصدرة لأحدث التقنيات العسكرية، وعلى رأسها أحدث الطائرات المقاتلة، والدبابات، ومختلف أنواع الأسلحة. وليس من شك في أن تبني سياسة التنويع في استيراد السلاح، تقتضي وجود علاقة جيدة مع هذه الدولة، بما يلبي المصالح المشتركة للبلدين. تكتسب زيارة صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد في هذه المرحلة بالذات، أهمية بالغة، حيث تنوء المنطقة بمشاكل كثيرة وتشتعل بلدان عربية عديدة بالحرائق، مهددة مستقبلها ووجودها، ومنذرة باقتلاع كياناتها، وصياغة أشكال جديدة، لدول تعتمد على القسمة على أسس مذهبية وفئوية. وتتطلع المملكة إلى أن يكون الموقف الروسي عامل إسهام في استقرار المنطقة. لقد اتخذت روسيا الاتحادية موقفا، صنف من قبل الكثير من المحللين بالموقف الإيجابي، حين مناقشة الأزمة اليمنية، والتصويت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي قضى بانسحاب ميليشيات الحوثيين من المناطق التي احتلتها، وعلى رأسها العاصمة صنعاء، وتسليم الأسلحة التي استولت عليها للحكومة المركزية، كمقدمة لحل هذه الميليشيات مستقبلا، وإطلاق سراح المعتقلين. لقد امتنعت روسيا عن التصويت، ولكنها لم تستخدم حق النقض لمنع صدوره. وقد اعتبر هذا الموقف لفتة إيجابية من قبل القيادة الروسية، تجاه المجتمع الدولي والشعب اليمني وتجاه المملكة، نتطلع بأمل للبناء عليها. بما يخدم التطلعات المشروعة للبلدين، وبأن تكون الزيارة الميمونة لولي ولي العهد خطوة أخرى على طريق تمتين العلاقة بين البلدين الصديقين.