لعلي أبدأ ببرد قلمي وتسويد مقالي المبيّض بما دونَهُ مصطفى السباعي من كتابه «المرأة بين الشريعة والقانون» حيث نقل أبياتاً عن تعدد الزوجات للشيخ عبدالله العلمي قائلاً: تزوجت اثنتين لفَرْط جهلي وقد حاز البلَى زوج اثنتين فقلت: أعيش بينهما خَروفاً أُنعّم بين أكرم نعجتين فجاء الأمر عكس الحال دوماً عذاباً دائماً ببليتين رضا هذي يحرك سخط هذي فما أخلو من احدى السخطتين الدنيا دار بلاء واختبار ولا غرابة في ذلك إنما الخسارة البيِّنة أن لا تُوفَّق إلى فضيلة الصبر والفرج لِتُضم في سلك الناجحين، فاللهم ألهمنا النجاح والتوفيق وارفع لواء الظلم عنا إنك المجيب القدير. القضايا الأسرية من الزواج والطلاق والرجعة وغيرها إنما هي مخصوصة بالنصوص الشرعية واجتهادات أولي الألباب وهي قائمة على الحكمة ورجاحة العقل الخالية من التصرفات الاجتهادية الخرقاء، والتي تنم عن جهل وقصور في الإدراك. وعليه فإن مؤسسة البيت لا تحتمل العاطفة أن تكون هي المسيّرة لقراراتها أو ردات الأفعال كمنطلق لشرعيتها وكما في الإحصائية الشهيرة من قبل المجلة الفرنسية الشهيرة (ليدز) أن 70٪ من نسبة الطلاق هي بسبب الأزمات المادية. وأضيف أن هناك حقائق انفصال ثابتة لأسباب خفية تسمى بالغرب (بما وراء الطبيعة) وما نسميه نحن بالشعوذة والسحر بدلالات التاريخ الكنسي والإسلامي بل والطبي والنفسي. قضية التعدد أو الشرخ والخلاف الأسري عادة هي في كل بيت والعصر الحديث بسبب مسؤولياته المتعددة ومتطلباته الشتى كان لزاماً على المتعدد ألا يصبح أحمق مستسلماً لنزغات الزوجة الجديدة في تحييد ونزع روح الأبوة وظلاله من على بيت الزوجة الأولى المكلومة وأبنائها. لذا العدل العدل العدل نحتاجه اليوم أضعاف ما كنا نحتاجه بالأمس. وحين حدوث الشرخ داخل البيت فالشارع الحكيم يثبت أن تدخل المقربين هو من الشرع والواجب، شريطة أن يفهموا الدور المطلوب منهم من الإصلاح أو الحد من الأضرار قدر استطاعتهم. أما ممارسات التطفل والتدخل غير التربوي والخالي من أساسيات التهيئة النفسية ومعرفة الأبعاد اجتماعياً وتربوياً وأسرياً ونفسياً. فهذا تأزيم للأزمة الموجودة داخل سياج المنزل المنكوب. من خلال معايشتي قرأت سطورا لشرخ أسري ألخص لكم بعض الفوائد التي جنيتها من كنَّاشة الأسرة والتربية مستعينا بعد الله بما يطرحه الدكتور جاسم المطوع وغيره من متخصصي الأسرة والتربية بمنطقة الخليج: أ- رأيت من البعض افتقاراً في الأسلوب والركون إلى الأسلوب المباشر الغلظ الخالي من المقدمات والتهيئة النفسية، حيث إن سماع الأخبار السيئة ونقلها علم معتبر بل إحدى تقنيات الطب النفسي وأحاديث حكماء القوم. ب- اختيار توقيت إذاعة الأخبار السعيدة والسيئة يعتمد على الظرف الزماني والمكاني لمتلقي الخبر وهذا ما يحسنه قلة من الناس. ج- كثير من القضايا الأسرية تشتعل حال تدخل البعض، حالات كثيرة يجهل فيها المصلحون ظروف الحالة وتداعيات التدخل المستقبلية، لذا تجنب التهور فيما أنت عاجز عن تحمل تبعاته مستقبلاً. د- المرأة كائن عاطفي غيور بِخلقته وفي حادثة عائشة مع الزوجة الأخرى صفية هي لشهادة نبوية مقتبسة من حديث الرسول :(غارت أمكم).الأمر الآخر حديث النبي في النهي عن ترويع المسلم. والرابط بين الحديثين أن الترويع بحق الرجل منهي عنه بشدة فكيف بترويع الأنثى حال نقل خبر لها. ر- الاعتناء بما بعد تفرق الزوجين هو أحد أهم القضايا التي ينبغي الاهتمام بها ولا تترك لسفهاء القوم الذين يتجاذبون الاتهامات انتصاراً لأنفسهم وإغاظة للطرف الآخر، والقول الحق في ذلك الصمت والحكمة والإصلاح قدر الإمكان. ز- من أسوأ ما يعكر صفو الحياة أن تُحمل قضايا الأسر ومشاكلها للنساء خصوصا ضعيفات الإيمان وقليلات الخبرة والممارسة في الجانب التربوي، فلا يعقل أن تتصدى حاملة الرابع الإبتدائي المتأتئة في أيسر جمل القراءة لتتحمل هم قضية شقاق أسري والأدهى كونها تدعي أنها الأمثل وذات الكفاءة في حلها. أو يحال أمر الأسرة ويتكل فيه على من لا يحسن تنميق الكلام ولا تربية أبنائه إلا بالصراخ والعقد النفسية. إذن أهل الاختصاص هم أولى بمشرط الجراح المعالج لهذا الخلل الأسري. س- وقبل النطق بالخبر السيئ لا بد أن تتعرف على مبرر قيامك بنقل هذا الخبر، فالمبرر العاطفي يتساقط أمام منطق الحجة والبينة، ولا يعدو أن يكون المبرر الوحيد هو اضفاء الحزن والكآبة على وجه المتلقي للخبر. فكفى حماقة وليكن المبرر يستحق نقلك للخبر. نقل الأخبار السيئة بطريقة حكيمة خصوصاً في الشأن الأسري دليل قاطع على رجاحة العقل وإتزان الشخص ومهارته في كسب قلوب الناس. و لتعلُّم مهارة نقل الأخبار أقتبس لكم البروتوكولات الستة لذلك من كتاب كيف تنقل الأخبار السيئة للكاتب روبرت بوكمان How to Break Bad News: A Guide for Health Care Professionals, by Robert Buckman الذي لخص فيه آلية نقل الأخبار بهذه النقاط، وهي: 1. كيف تبدأ؟ 2. ماذا يعرف المتلقي بخصوص الخبر المراد نقله له؟ 3. ماذا يرغب المتلقي أن يعرف بخصوص الخبر المراد نقله له؟ 4. إلقاء الخبر. 5. تلقي ردة الفعل. 6. التعامل مع ردة الفعل والمتابعة بعد تلقي الصدمة. وخزة : الانتصار للنفس في نقل الأخبار السيئة مضاعفاته أبلغ وأكثر وجعاً فكن ذا حكمة وعقل رزين في إصدار القرارات ونقل الأخبار وختاماً {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .