العملية السياسية الوطنية لا يمكن أن تحافظ على استقرارها إلا بالاحتفاظ بعقيدة وعقد وطني غير قابل للاختراق والتأويل بين القيادة والمواطنين، فالثوابت الوطنية لا يمكن تشويشها إلا بالتحرك في اتجاه العبث بها، وحين ننظر في بنية الدولة السعودية يمكن التقرير بأن أهم ثوابتها هو ذلك العقد الوطني الذي يمتلك مناعة تاريخية ضد الاختراق أو السماح بتآكل منظومة الحكم والارتباط بين القيادة كسلطة حاكمة والمواطنين كقاعدة شعبية محل الحكم. فكرة السلطة في الدولة السعودية من المتانة والاستقرار في وجدان المواطنين بما يسمح بسيرورة طبيعية وسلسة للانتقال القيادي دون أي تشويش على مسار الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، بذلك نحصل على دولة قوية ذات وعي عميق بمطلوبات الأمن والاستقرار، وأي مزايدة على المنظومة الحالية بمثابة استهداف لما يحصل عليه الوطن من ثبات في بنيته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية. الدولة الوطنية الحديثة تتحقق بكامل شروطها ومطلوباتها في النموذج السعودي، ولذلك فإن أي قفز بفكرة السلطة ومحاولة قياسها بأي نظام حكم في الأدبيات السياسية بخلاف السائد لدينا والذي تحقق نجاحه يعتبر ترفا سلبيا في الممارسة السياسية، فمستوى تنظيم الدولة من الصلابة بما يمنح الوطن مناعة ضد الانهيارات التي نراها في نماذج وطنية أخرى متعثرة ومتهاوية، ويكفينا في ذلك الاعتبار والنظر الدقيق في مآلات المتغيرات السياسية التي تقفز على حقائق الواقع. الانتقال السياسي في القيادة الحاكمة من السنن السياسية الطبيعية، ووفقا لنظام الحكم في المملكة فإننا أمام حالة فريدة من التلقائية والبراجماتية التي تجعل الدولة تحافظ على مسارها السياسي دون الدخول في مطبات أو عثرات، وذلك ما يعيدنا إلى فكرة الوعي بقيمة السيرورة التاريخية في بناء الدولة وتوحيدها عبر عقود ظلت فيها متماسكة لأنها حافظت على الثوابت الوطنية وتعاملت بحزم وحسم مع أي مهددات لشكل الدولة، وذلك مطلوب في العملية السياسية التي لا تقبل في كثير من الأحيان تراخيا أو ترهلا يسمح بالاختراق. حصول المملكة على قيادة شابة أمر طبيعي لأن مقتضيات المستقبل تتطلب اتجاها كذلك، فالمجتمع السعودي من الناحية الديموغرافية من المجتمعات الشابة التي تحتاج إلى ممارسة سياسية وإدارية حاكمة وضابطة للدولة وتصريف شؤونها من خلال الشباب، الذين ينبغي أن يجدوا فرصة لاكتساب المهارات والتعاطي مع شؤون الحكم بصورة عملية تؤهلهم لمزيد من العطاء في المستقبل، وذلك ما يستوجب مضي البيعة كثابت وطني يحافظ على مكتسبات الوطن ويمنع تسلل الممارسات السياسية التي لا تتفق مع معطيات النموذج السعودي المستقر. كاتبة